انتقدت دراسة علمية سعودية طرق إجراء الأبحاث في الجامعات السعودية، مشيرة إلى أنه يجري تنفيذها ببرامج غير مخططة، وتهدف في الأساس إلى مساعدة الباحثين في الترقي بالدرجات الأكاديمية، ولا تعكس في تصميمها احتياجات المجتمع وحل مشاكله. وأكدت الدراسة التي نفذها كل من أ.د. يوسف بن عبد العزيز التركي وأ.د. سعيد محمد أبو العلا من جامعة الملك عبد العزيز، عدم اهتمام الخطط الإستراتيجية لمؤسسات البحث العلمي (إن وجدت) بربط ومتابعة احتياجات الشراكة المجتمعية بالمسارات الإستراتيجية للخطط وبأولويات الدولة وخطط التنمية في هذا المجال. وأكدت عدم وصول الدعم الحكومي للبحث العلمي ببعض الجامعات إلى المستوى الذي يسمح بمخرجات تنافسية جاهزة للتسويق أو التطبيق المباشر، مع عدم التحديث المستمر للمعامل البحثية. ومن بين معوقات الشراكة المجتمعية بين البحث العلمي ومؤسسات القطاع الخاص التي أوردتها الدراسة التي جاءت بعنوان (آلية مقترحة لدعم الشراكة بين المؤسسات الاقتصادية والمؤسسات البحثية من خلال مخرجات البحث والتطوير) يبرز ضعف اهتمام العلماء بالجامعات باستثمار نتائج البحوث الأكاديمية والتطبيقية والبراءات، وتطويعها لحل مشاكل المجتمع والارتقاء بالمستوى الخدمي وافتقار الجامعات إلى وجود مراكز التحويل، إلى جانب عدم الاهتمام بالجانب الإعلامي والتوعية المجتمعية بأنشطة ومخرجات المؤسسات البحثية وقدرتها على حل مشكلات المجتمع عن طريق البحث والتطوير. وأشادت الدراسة بعدد من النماذج في مجال دعم القطاع الخاص لمؤسسات البحث العلمي بالمملكة غير أنها أكدت أن هذا الدعم يظل محدوداً من جهة العدد وحجم تمويل الشراكة. ومن بين تلك النماذج برزت الشراكة بين شركة أرامكو السعودية وبعض الجامعات السعودية، خاصة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن؛ مشيرة إلى أن تلك الشركة العملاقة تتبنى تمويل عدد محدود من البرامج البحثية في إطار إستراتيجية تهدف إلى تطوير أنشطة الشركة والارتقاء بالبحث العلمي بالجامعات. ولفتت النظر إلى التعاون بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركات الأدوية السعودية وأشارت إلى أنها تمثل نموذجاً للشراكة في المجالات العلمية، كما تقوم شركة سابك بمبادرات لدعم البحث العلمي بالعديد من الجامعات؛ مثل: جامعة الملك سعود، وجامعة الملك عبد العزيز، بالإضافة إلى قيام العديد من المؤسسات الاقتصادية بتمويل الكراسي العلمية بالجامعات السعودية، وتمويل برامج بحثية مشتركة لتطوير الإنتاج . وفي استقرائها لتلك النماذج، أكدت الدراسة أن الغالبية العظمى منها- وإن كانت محدودة الدعم- ترتبط بالمؤسسات الاقتصادية الكبيرة، وهذه الشركات رغم استفادتها من هذه الشراكة تستطيع جلب التكنولوجيا المتطورة من الخارج بقدراتها المالية الضخمة. ودعت الدراسة إلى أن توجه سياسات الشراكة بجامعات المملكة إلى المؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة؛ حيث يزيد اعتماد تلك المؤسسات على البحث العلمي الوطني لعدم قدرة قطاع كبير منها على شراء تكنولوجيا متطورة من الخارج. وقالت إن المؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة التابعة للقطاع الخاص تظل أشد احتياجاً للشراكة في مجال البحث والتطوير مع مؤسسات البحث العلمي عن الشركات والمؤسسات الكبيرة؛ حيث تلجأ الجامعات- في معظم الأحيان- إلى تنفيذ الشراكات مع المؤسسات الكبيرة للاستفادة من ضخامة التمويل واستدامته؛ لذلك يظل عدد الشراكات بالمؤسسات البحثية محدوداً مع وجود فجوة بين المؤسسات البحثية والشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل قطاعاً واسعاً من اقتصاد المجتمع، ونتيجة التطور المستمر في تقنيات الصناعة والخدمات فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة معرضة للخروج من المنافسة التسويقية.