الحقيقة المجردة تؤكد أنه لا توجد دولة عربية الآن تواجه مشروع الهيمنة الإيرانية وتغيير الديموغرافيا بل حتى الجغرافيا العربية في بعض الدول والتحكم في مفاصلها السياسية غير المملكة. إيران تدرك هذه الحقيقة تماما وتأكد لها أن المملكة قررت مواجهتها سياسيا وعسكريا عبر مواجهة عملائها كما يحدث في اليمن، وبشكل علني شجاع وواضح لا كما تفعل إيران من خلال توظيف وكلائها الذين أصبح منهم مسؤولون سياسيون وحكومات كما هو الحال في العراق الذي بكل أسف تحول إلى ملحق إيراني يدار من طهران سياسيا وتمتلئ ساحاته بميليشياتها التي تحولت إلى قوات رسمية بشكل لم يحدث في تأريخ هذا البلد العربي العريق. لهذا السبب فإن وجود سفارة للمملكة في بغداد تسعى للحفاظ على ما تبقى من عروبة العراق الشقيق ومقدراته وتأريخه، وتحاول تضييق شقة الخلاف بين مكوناته السياسية وإنقاذها قدر الإمكان من براثن الاحتواء الإيراني الذي يسعى للإجهاز على وجود العراق وليس عروبته فقط أمر مزعج لإيران ومستفز لمركز القرار فيها لأنه يمثل تحديا لها ومواجهة مباشرة معها، وعندما توصلت إلى هذه الحقيقة لم تجد غير التلويح باستخدام أسلوبها التقليدي المعروف، الاغتيالات والتصفية، كما حدث مع السفير السعودي ثامر السبهان مؤخرا، ومثل فضيحة دبلوماسية صارخة عندما طلبت الحكومة العراقية استبداله بسفير آخر. الحقيقة التي لا تحتاج إلى شرح أن القرار إيراني محض لأن الحكومة العراقية القائمة مجرد وكيل هش تابع مباشرة لسلطة الملالي، والتبرير الذي قدمته هذه الحكومة الصورية كان مؤسفا ومضحكا لأنه يؤكد أن لا حول لها ولا قوة، وتقول ما يملى عليها حتى لو كان ينطبق عليه وصف الفضيحة، دولة عربية تحاول الإبقاء على عروبة بلد عربي لكن حكومتها تصر على أن تكون جزءا من دولة تحارب كل ما هو عربي وتتدخل في شؤونه وتصر على إشاعة الفوضى فيه. إنه عار كبير على العراق أن يخرج على وسائل الإعلام أحد قادة الميليشيات ويصرح بأن اغتيال السفير السبهان شرف يتمناه الكل، والكل لا تعني سوى وكلاء إيران السياسيين وبلطجيتها العسكريين، ثم تتخذ الحكومة تبعا لذلك موقفا رسميا مخجلا بطلب تغيير السفير المهدد بدلا من حمايته كما تقتضي الأعراف الدبلوماسية. لكم هو محزن أن يتحول البلد العربي الذي قدم ملايين الشهداء من أجل عروبته إلى ملحق هامشي يديره العدو الذي كان يواجهه بالأمس.. ورحم الله الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد عندما قال: (كبيرٌ على بغداد أني أعافُها .. وأني على أمني لديها أخافها). [email protected]