قبل فترة ابتعاثي للتدريب في كندا كنت أعتقد أن الطبيب الكندي هو الشخص الذي نادرا ما يخطئ، ويملك أدوات سحرية لشفاء المرضى بعد الله عزوجل، خلال ست سنوات من الابتعاث سرعان ما تلاشت هذه الصورة الذهنية وأدركت أنه إنسان يجتهد ويخطئ ويصيب وليس هناك فرق بينه وبين أي شخص آخر، لماذا تكونت هذه الصورة الذهنية عن الطب في أمريكا الشمالية؟ الإجابة هي التميز البحثي والأكاديمي! مثلا عند قراءتك لكتب الطب في العصر الحديث تجد معظم مصادر الدراسات والأدوية والعقاقير من أمريكا الشمالية. ونواة هذا التميز هي الجودة النوعية للبحث العلمي وليس في عدد الأبحاث المنشورة، أعتقد أننا قادرون على منافسة هذا التميز البحثي للدول المتقدمة مع عودة الأعداد الكبيرة من المبتعثين الأطباء من أوروبا وأمريكا الشمالية، قد يعتقد البعض أنني أبالغ في ذلك، ولكن أثبت المبتعث قدرته على البحث والإبداع والتطوير، ليس لاجتهاد المبتعث فقط بل أيضا بوجود الفريق البحثي المشارك له والبيئة البحثية. لاشك أن الجامعات السعودية حققت إنجازات رائعة على مستوى البحث العلمي في شتى المجالات حسب ما ورد في آخر تقرير صدر من Thomson Reuters عن عام 2015 للنشر. هنا أكتب عن بعض المقترحات لتحقيق أعلى جودة نوعية في البحث الطبي، وأتمنى أن تتحقق ضمن «رؤية المملكة 2030»: أولا: وجود الدعم المالي من هيئة وطنية مستقلة للبحث الطبي (الهيئة السعودية للبحث الطبي مثلا) بقيادة مجموعة من المتخصصين في مختلف المجالات، تدعم هذه الهيئة الأبحاث المتميزة والمقدمة من الجامعات أو القطاعات الأخرى عن طريق مسابقات بحثية. ثانيا: تطوير دور كراسي البحوث العلمية والقطاع الخاص، ويجب تحديد الأهداف من المتخصصين لكرسي البحث ومن ثم تقييم الإنتاجية حسب الأهداف الموضوعة. ثالثا: يجب وجود الباحث المساعد Research Assistant في القسم الطبي الأكاديمي، فانشغال الأطباء في العيادات وغرف العمليات ومتابعة المرضى مٌنهك، وبالتالي وجود الباحثين المساعدين مهم جدا للمساعدة في جمع البيانات. رابعا: المقترحات تقديم الدورات البحثية للاستشاري لتفعيل دوره في برامج البحث العلمي. خامسا: تقديم الدورات والمسابقات البحثية لطلاب الطب بالمملكة ينتج عنه أطباء باحثون في المستقبل. سادسا: إنشاء برامج الماجستير والدكتوراه بإشراف الاستشاري الأكاديمي (المتخصص بدرجة أكاديمية)، والاستعانة بالأكاديميين من كليات العلوم. وفي الأخير إلزام الأطباء المبتعثين من «الجامعات» بالحصول على درجة أكاديمية في البحث العلمي كالماجستير أو الدكتوراه، إضافة إلى تدريب الزمالة والبورد. الدكتور عاصم قاضي مخدوم
