10 أحياء تنضمّ للسجل العقاري بالرياض    ضوابط جديدة و4 تصنيفات لتقييم أضرار المركبة    النفط يرتفع.. والذهب يتجه لأول خسارة أسبوعية    جيسوس يتسلم جائزة أفضل مدرّب في شهر مارس    «مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين بالقصيم لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    "الأرصاد": لا صحة لتعرض المملكة لأمطار غير مسبوقة    نائب وزير الداخلية يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر الأول لمكافحة الاتجار بالمخدرات    "الحج" تحذر حجاج الخارج من الحملات الوهمية    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    صافرة يونانية تقود لقاء الهلال والفتح في الجولة 29 من دوري روشن    نائب أمير منطقة تبوك يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة بمناسبة إنجازات مستهدفات رؤية المملكة ٢٠٣٠    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    بنهاية 2023.. 2.34 مليون سعودي يعملون في «الخاص».. و98% امتثال منشآته بالتوطين    «الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    «الطيران المدني»: تسيير رحلات مباشرة من الدمام إلى النجف العراقية.. ابتداء من 1 يونيو 2024    ولي العهد يهنئ رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة بذكرى يوم الاتحاد لبلادها    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    إصابة حركة القطارات بالشلل في ألمانيا بعد سرقة كابلات كهربائية    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    كيسيه يعلق على الخسارة أمام الرياض    جوارديولا: الضغط يدفعنا إلى الأمام في الدوري الإنجليزي    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    وزير الشؤون الإسلامية يعقد اجتماعاً لمناقشة أعمال ومشاريع الوزارة    أمريكا: اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان    أستراليا تقدم الدعم للقضاء على الملاريا    "زرقاء اليمامة" تعيد الأضواء ل"مركز فهد الثقافي"    إصابة مالكوم وسالم الدوسري قبل مباراة الهلال والفتح    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    "المُحليات" تدمِّر "الأمعاء"    مقامة مؤجلة    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة نظير المستهدفات التي حققتها رؤية المملكة 2030    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    «ألبرتو بُري» يتجاوز مأساته    الاتفاق يجري تدريبه الرئيس لمباراة الرائد في الجولة 29 من دوري روشن    تحول تاريخي    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    فلسطين دولة مستقلة    مصر تبدأ العمل بالتوقيت الصيفي بتقديم الساعة 60 دقيقة    مقال «مقري عليه» !    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي مديري عموم فروع الرئاسة في مناطق المملكة    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا عجب من النفيسي ولا عجب معه
نشر في عكاظ يوم 30 - 07 - 2016

كتب الصديق عبدالعزيز السويد في عموده الصحافي بجريدة (الحياة) مقالين عن تغريدات الدكتور عبدالله النفيسي التي أعلن فيها عن مراجعته أو تراجعه عن بعض الأفكار والقناعات التي كان يؤمن بها. في المقال الأول، وكان عنوانه (مراجعات د. عبدالله النفيسي!) أورد التغريدات بنصها، وكان عددها خمسا، وفي خاتمته حمد له التصريح بمراجعته أو تراجعه وأخذ عليه في الوقت نفسه الغموض في بعض العبارات التي جعلها بين أقواس. وفي المقال الثاني أو الأخير، وكان عنوانه (القابلية للاستدراج!)، أدار نقاشه على تغريدتين، هما الأولى والثالثة وأهمل بقية التغريدات، ولم يعلل للقارئ سبب إهماله لها، وكان لزاما عليه أن يفعل ذلك حتى لا يعتقد القارئ أنه يتفق مع ما جاء فيها.
تغريدة النفيسي الأولى نصها هو: «أدركت الآن كمثال أن (التعايش)، مع بعض الأوضاع أمر لا مفر منه، وأن (المفاصلة) ضرب من ضروب المواجهة غير المتكافئة والتي تقود حتما إلى الهزيمة».
وتغريدة النفيسي الثالثة نصها هو: «وأدركت الآن أن المواجهة مع النظام الدولي غير متكافئة، وتقود إلى الهزيمة، وأن (التعايش) معه و(التفاوض) معه هو المخرج الوحيد».
وفي النقاش الذي أداره السويد على هاتين التغريدتين دمجهما معا، ظنا منه أن معناهما واحد لكن الصياغة في الثالثة اختلفت عن الأولى!
سأورد العبارات التي جعلها النفيسي بين أقواس في بقية تغريداته والتي رأى السويد فيها مع التغريدتين السالفتين بعض العبارات الغامضة، لكي أدرأ عن النفيسي تهمة الغموض وشبهة الإبهام. العبارات هي: (نظام دولي)، و (احتكار السلاح، احتكار الخامات، احتكار الشرعية، احتكار الإعلام)، (عالم الشهادة أي الواقع)، و (الخلوات أي التنظيم الصحراوي الرومانسي)، و (مؤسسات صلبة)، و (مؤسسات رخوة).
والحق أن الغموض اكتنف ملحوظة السويد لاعبارات النفيسي المقوسة، فهو في ملحوظته لم يحدد أو يذكر بعض العبارات التي رأى فيها غموضا.
ربما كان منشأ ملحوظته تصديقه لقول النفيسي في خاتمة تغريدته الخامسة: «ولا تسلني عن طقوس السرية في كلامي»!
دعوني الآن أفصل بين معنيي تغريدتي النفيسي اللتين توهم السويد أن معناهما واحد في مناقشته لمحتواهما.
التغريدة الأولى تدعو الحركات الإسلامية الجهادية التكفيرية إلى (التعايش) مع مجتمعاتها وحكوماتها، رغم إنكارها الديني لبعض الأوضاع فيها، وإقراره هو الضمني بصواب هذا الإنكار. وهو هنا - بالدرجة الأولى - يخاطب الجهاديين والتكفيريين بالسعودية. وقوله في خاتمة هذه التغريدة: «إن (المفاصلة) ضرب من ضروب المواجهة غير المتكافئة والتي تقود حتما إلى الهزيمة» حشو غير دقيق، فهو خير من يعرف أنه في التنظير والخبرة الإسلامية التاريخية الراديكالية المعاصرة، أن (المفاصلة) هي مقدمة واستعداد للمواجهة المسلحة مع السلطة السياسية من أجل الاستيلاء على المجتمع واحتلاله. فالدعوة إلى (التعايش) هنا المقصود بها عموما، التعايش - بحكم الضرورة - مع الداخل الإسلامي. أما في تغريدته الثالثة فهو يدعو هؤلاء إلى (التعايش) مع الخارج غير المسلم الذي يمثله (النظام الدولي)، وإلى إحلال (التفاوض) معه محل (مواجهته) ليس على سبيل القطع والجزم، وإنما من باب الاحتمال، فلربما - حسبما عبر - يكون هو المخرج الوحيد من (المواجهة) غير المتكافئة. النفيسي في هاتين التغريدتين لا يرفض مبدأ المفاصلة التي تقود إلى المواجهة إزاء الداخل الإسلامي وإزاء القوى الدولية غير المسلمة، وإنما يدعو إلى انسحاب موقت عن فعل المواجهة، بحجة أن المواجهة المحلية والعالمية غير متكافئة، ولأنها غير متكافئة فهي حتما ستقود إلى هزيمتهم، وهذا ما لا يريده لهم.
قال الصديق عبدالعزيز في مفتتح مناقشته لكلام النفيسي في تغريدتيه الأولى والثالثة: «من المثير للعجب أن مفكرا بحجم الدكتور عبدالله النفيسي أدرك للتو أن المواجهة مع (النظام الدولي) غير متكافئة وتقود إلى هزيمة حتمية! وأن التعايش معه والتفاوض معه هو المخرج الوحيد، واستدارة المفكر هنا أو توقيت بزوغ نور الإدراك جاء مع استدارة السياسة التركية في المنطقة والانقلاب الفاشل الذي أعقبها». ثم علل ما أسماه باستدارة المفكر، بأن «المفكر ضحى بنفسه أو بتجربته ومن يؤمن بأفكاره من أجل الحفاظ على النموذج (الصلب) الذي هو هنا تركيا أردوغان، وسبب الاستدارة أن النموذج الذي تم النفخ فيه تعظيما وتقليلا من قيمة ما سواه ظهرت هشاشته من الداخل خلال ساعات صدمة الانقلاب الفاشل إلخ ..»
ولي أن أعجب من عجب السويد، إذ ليس في ما قاله النفيسي في تغريدتيه الأولى والثالثة، ما يثير العجب، فهذا هو النفيسي بأسماله الفكرية الرثة والبالية.
أعجب من عجبه لأمرين، هما:
إن ثمة من هم أكبر من حجمه في التيار الذي ينتمي إليه، وهو تيار الدعوة إلى إسلام جديد، من مهده إلى شبابه إلى كهولته، يرفضون الاعتراف ب (النظام الدولي)، وسأكتفي بذكر أسماء تنتمي إلى فترة المهد، وهي: مولانا محمد علي وأبو الأعلى المودودي وأبو الحسن الندوي وسيد قطب. فالاعتراض والرفض للنظام الدولي وللأنظمة السياسية العربية والإسلامية شائع عند أصحاب ذلك التيار. وهذا الاعتراض والرفض يتعدى النطاق السياسي إلى نطاقات واسعة ومديدة وعميقة.
إن النفيسي - وهو المتخرج في كلية فكتوريا بالقاهرة في تعليمه ما قبل الجامعي، والمتخرج في الجامعة الأمريكية ببيروت في تعليمه الجامعي، والمتخرج في جامعة كيمبرج في مرحلة الدراسات العليا - بعد أن انضم إلى حركة دينية بدائية ومتخلفة وأمية في فكرها وفي وعيها بعصرها - وأعني بها حركة جهيمان العتيبي - قد استنفد العجب من غرابة أطواره وشذوذ أحواله.
يحاول النفيسي التملص من تلك الفعلة بأقوال عدة، تختلف باختلاف المقام الذي يكون فيه (راجع كتابي: عبدالله النفيسي: الرجل - الفكرة - التقلبات، ص 64)، وقد استقر في السنوات الأخيرة على قول من هذه الأقوال، وهو القول الذي قاله للصديق منصور النقيدان (راجع مقالته: جهيمان بعد 28 عاما... نهاية أسطورة) وقاله للزميل عبدالعزيز قاسم في حوار تلفزيوني، واعتمده في سيرته الذاتية (من أيام العمر الماضي). وذلك القول هو تلفيق وتزييف للواقعة المشهورة. والصحيح هو ما رواه الصديق ناصر الحزيمي في كتابه (أيام مع جهيمان) نقلا عن الكويتي عبداللطيف الدرباس والسعودي عبدالعزيز السدحان رفيقيه وزميليه في القضية التي كانت جنايتها الدخول إلى السعودية من الكويت بطريقة غير مشروعة، وتهريب رسائل جهيمان العتيبي المطبوعة في الكويت إلى السعودية ليتولى آخرون توزيعها سرا وخفية فيها.
___________________
* باحث وكاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.