التوازن الاقتصادي في الأصل هو تطبيق لمفهوم فيزيائي على الظواهر الاقتصادية فهو وصف لحالة تعادلية تتكافأ فيها قوى مضادة تقوم بينهما علاقات سببية، لكن التوازن الاقتصادي كمصطلح سعودي مفهوم راج في منتصف الثمانينات وأطلق على البرنامج الذي يهدف لتدوير جزء من المال الذي تنفقه المملكة على عقود مشترياتها الخارجية في مجال الدفاع واستثمار نسبة من قيمة هذه العقود الكبيرة في إقامة صناعات تقنية متقدمة وتحديدا في العقود الكبرى التي أبرمت آنذاك مع شركتي بوينج وجنرال إلكتريك والحكومتين الفرنسية والبريطانية وغيرها. كانت فكرة المشروع رائدة وحقق نتائج متقدمة في بداية تطبيقه وهو ما أسهم في إقامة شركات ناجحة كشركة السلام للطائرات والدولية لهندسة النظم وشركة الإلكترونيات وغيرها. وفي اعتقادي أنه لو قدر لهذا البرنامج أن طبق على كل العقود منذ العام 1404 (وقت إقرار البرنامج) لأصبح لدينا واد جديد للسيلكون. لن أخوض في هذه المسألة حاليا، لأنتقل لموضوع توازن آخر هو التوازن الاجتماعي وذلك على خلفية العقود التي أبرمتها أرامكو الأسبوع الماضي لتطوير حقل الفاضلي العملاق الذي تصل تكاليفه إلى 50 مليار ريال. تصور لو أن مثل هذه العقود التي تنفق على امتيازات (حصرية) لأرامكو وغيرها كان يشترط فيها الاستثمار أو المساهمة في صندوق اجتماعي أو تعليمي أو صحي أو بيئي ولو بنسبة 1% كم سوف يتحقق من مكاسب هائلة في تحقيق توازن اجتماعي خصوصا ونحن نتحدث هنا عن حقل واحد فقط، فما بالك في بقية العقود والمشاريع العملاقة !! وهذا ما يفترض أن يطبق على العقود السارية على امتيازات (حصرية) لثروات طبيعية فقط - وليس على الشركات التجارية - مثل أرامكو ومعادن وكذلك الشركات التي تحصل على الغاز واللقيم بسعر «البلاش» مثل سابك وشركائها الأجانب وشركات المصافي الأجنبية وغيرها.. لا أحد يحدثني عن الصيغة أو الهيكل القانوني لهذا الصندوق أو الجمعية، لأن ثمة نماذج رائدة على مستوى العالم، ما يهمني هو تفهم أهداف الفكرة، ولإنماء ثقافة المسؤولية الاجتماعية والوقف الاجتماعي، لأن زكاة وموارد بقية الشركات والمؤسسات التجارية تذهب كلها لمورد واحد (الضمان الاجتماعي) والذي تنفق إيراداته آنيا وعلى الفور كمخصصات شبه إغاثية فقط.