رجالاتٌ قلائل أسهموا في النهضة التي تعيشها بلادنا وحظوا بثقة القيادة الرشيدة، ومن بين هذه الكوكبة يبرز اسم الأستاذ الدكتور أحمد محمد علي الذي أنيط به تولي العديد من المناصب القيادية فكان كالغيث؛ أينما وقع نفع، وقدم لمجتمعنا نموذجًا فريدًا كمجموعةٍ من الرجال والقيم اجتمعت في إنسانٍ واحد، فقد تقلد منصب وكالة وزارة التعليم، ومديرًا لجامعة المؤسس «جامعة الملك عبدالعزيز»؛ وأمينًا عامًا لرابطة العالم الإسلامي؛ حتى حطت به رحال الخير ليخدم بلده رئيسا للبنك الإسلامي للتنمية منذ تأسيس هذا الصرح الكبير الذي أسهم بعطائه في النهوض بالكثير من مجتمعات العالم الإسلامي في مجالاتٍ شتى. وفي كل موقع من تلك المواقع التي عمل فيها، كان مضرب المثل وحديث القوم لمن زاملوه أو جايلوه؛ فقد كان نموذجًا للالتزام ومثالاً للانضباط؛ أول المنسوبين حضورًا وآخرهم انصرافًا؛ لا يستنكف في هذه أو تلك عن وضع توقيعه أو بصمة أصبعه على دفتر أو جهاز الحضور والانصراف، روى لي العديد ممن كانوا يعملون تحت رئاسته مباشرة عن حرصه الشديد عن الاستفادة من كل دقيقة من وقته؛ عن جديته في العمل. على المستوى الشخصي عرفتُ الدكتور أحمد محمد علي كأحد رجالات الحجاز ووجهاء جدة، الذين تحرص المحافل على استضافتهم وتسعى المؤسسات على ضمه لمجالس إدارتها للاستفادة من مكانته والاستنارة بخبراته، جمعتنا الزمالة في عضوية بعض المؤسسات الخيرية؛ فلم أعهده يتخلف عن أيٍّ من اجتماعاتها وكان حضوره دومًا فعالاً يثري اللقاء؛ فهو لا يحضر إلا وقد قرأ جيدًا جدول الأعمال ودرس بنوده ووضع تصوره لكلٍ منها. وكان يجمعني به سنويًا الإفطار الرمضاني للأمير فيصل بن عبدالله وزير التعليم الأسبق؛ حيث يجمعنا سموه في بيت نصيف مع نخبة من الأمراء والوزراء والسفراء والوجهاء؛ وما أن يحل الدكتور علي إلا ويحظى باحتفاء الأمير وسائر الحضور؛ ثم يكون المقدم المقدر في مسامرات ما بعد الإفطار. واليوم ونحن نشهد مغادرته لمقعده في البنك؛ ليخلفه فيه د. بندر حجار، فنحنُ على يقين بأن «أحمد محمد علي» هو مُخلص من أجل الإنسانية والارتقاء بها لا يسترخي ولا يستريح؛ وهو طاقة جبارة في العطاء الخيري على أسسٍ علمية موضوعية منضبطة، وكلنا ثقة بأن المجتمع المدني ينتظره فاتحًا له ذراعيه وساحاته، فمثله من الخبرات النادرة الذي جمع المعرفة العلمية والممارسة العملية والمساهمة المجتمعية. إحسان بن صالح طيب - الأمين العام لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية