كان السؤال المركزي الذي طرحته ندوة «ثقافة وفنون 2030» في جمعية الثقافة هو: هل أنتم متفائلون بإحداث نقلة حقيقية نوعية لثقافتنا وفنوننا بناء على ما نصت عليه الرؤية الجديدة؟ وبصفتي مدير هذه الندوة ألححت في هذا السؤال على المتحدثين ولدى الحاضرين إمعانا في الهروب من شعوري الشخصي بأن مقاومة التغيير الشرسة التي جربناها من قبل ستصد إرادة النهضة الثقافية والفنية التي نتطلع إليها؟ لعقود مضت كانت صور كثيرة من صور الثقافة والفن وممارساتها أقرب إلى كونها ممارسات مجرمة إن لم أقل محرمة. وكانت سنوات ما يسمى (الصحوة) قد جثمت على صدر المجتمع ومنعت رئتيه الثقافية والفنية من التنفس إلى درجة الخنق في بعض المراحل التي شهدنا فيها، مثلا، مطاردات مندوبي الصحوة للمثقفين والشعراء في دهاليز الأندية الأدبية وإخراجهم، حفاظا على سلامتهم، من الأبواب الخلفية. وهذا هو بالضبط مدار الإلحاح على سؤال التفاؤل الذي كان يدور في المكان ويعود إلي لأُعيد تحويره أو (تذويقه) عل وعسى أن ألقى إجابة مشجعة ومطمئنة على مستقبلنا الثقافي والفني الذي لم يكن أحد من الحضور مستعدا للقول بأنه إزاء هذا المستقبل متفائل دون شروط. وكانت هذه الشروط تدور في مجملها حول مدى الجدية في إطلاق منظومة الثقافة والفنون، وهل ستكون المؤسسات الموجودة المعنية بهذا الأمر، بما فيها وزارة الثقافة والإعلام، على مستوى هذه المرحلة التي يمكن تسميتها مرحلة النهضة تمييزا لها عن ما سبقها من مراحل؟. هل الدولة ستحمي المثقف والفنان من تغول مقاومة التغيير كما كان الحال في السابق، أم أن معسكر أعداء الثقافة والفن سيظل يطارد المثقفين والفنانين ويهمشهم ويحجب عنهم أسباب ووسائل التأثير في حياة المجتمع والناس؟!. لقد كانت الأسئلة في تلك الندوة كثيرة وكبيرة وكانت إجاباتها كلها، في رأيي الشخصي، تدور في حلقة التحفظ والتخوف وعدم الثقة. وهو أمر مفهوم إلى أن يثبت الوقت وتثبت التطبيقات والممارسات أننا فعلا دشنا مرحلة النهضة السعودية الثقافية والفنية على الوجه الذي تعرفه كل مجتمعات العالم المعاصر.