تابعت كغيري حديث صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لقناة العربية الإثنين الماضي، كما تابعت مؤتمره الصحفي، وأحسست حينها ومازلت أن رئة ثالثة انزرعت في داخلي تتنفس «أكسجين التفاؤل».. ولهذا الإحساس أسبابه.. - ظهر سموه بعد أكثر من عام كأول ظهور، وبدا واثقا، حاضر البديهة بلغة واعية تنم عن ثقافة متراكمة، وأفكار مترابطة. - كان شفافا، وواضحا.. اعترافات بالأخطاء. - واقعية في الطرح، ووعي بحجم المشكلات وعي المطلع الحاذق تبدى ذلك من خلال المعلومات الوافرة التي طرحها في اللقاء. - يملك الرؤية للحلول والانتقال إلى مرحلة أخرى. - ظهر دون «بشت». وهذه في نظري رسالة نحو مرحلة عملية جديدة ومختلفة. - يملك «روح المبادرة» وهذا في نظري أيضاً من أهم صفات القائد ومميزاته، التاريخ لا يصنعه إلا المبادرون. أما «الجمود على الموجود» لن يحرك ساكنا. وقد تساءل سموه تساؤلات واعية وحاذقة سمعها الجميع. أما وقد أسعدنا سموه بظهوره الموفق ومنحنا قدراً من التفاؤل والأمل. - وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، وأسعدنا كثيرا بتساؤلاته المستغربة. أقول كما سمعناك سمو الأمير طموحا ومنطلقا للأفضل بإذن الله. أريد أن تسمع مني كمواطن يشاركك ذات الهم.. حاله حال بقية هذا الشعب النبيل، لأضيف إلى تساؤلاتك بعض التساؤلات.. أقول بعض وأدرك أن سموكم يدركها... - هل من المقبول أن يكون لدينا وطن بحجم قارة وعدد سكانه قليل مقارنة بالمساحة ولدينا أزمة سكن وشح في الأراضي. - هل من المقبول والمعقول أن تكون السعودية أكبر سوق للعمل في المنطقة ومعدلات البطالة مرتفعة وفي تزايد. - هل من المقبول أن يستغرق استخراج «كروكي تنظيمي» لأرض صغيرة ما بين ستة أشهر وقد تمتد إلى سنة في بعض أمانات المدن إن لم يكن فيها جميعا. - هل من المقبول أن يستغرق سير معاملة من الدور الأرضي في إدارة أسبوعا في زمن التقنية أيضا. - هل من المقبول أن يقضي المواطن جل وقته في سيارته بالمدن الرئيسية نظرا للزحمة المرورية والتي هي في تزايد وتصاعد مستمر.. دون أن نرى حلولا عاجلة يقوم بها القطاع الخاص ريثما تنتهي البنى التحتية للقطارات والمترو، الموعودين بها. هل من المقبول أن يحصل مواطن على عشرات الملايين بل أكثر بطريقة غير مشروعة ويدفع بأن «عفريتا من الجن» سحره وأوقعه في ذلك. ماذا سنقول لأبنائنا وأحفادنا عند قراءتهم لتاريخنا الإداري؟؟!! سمو الأمير.. «هل» هذه وأخواتها من أدوات الاستفهام كثيرة وكثيرة جدا وأنت تعلمها وتعيها... إن «إعادة البناء» تحتاج فيما تحتاج إلى «مصارحة» وأن صوت المختلف أولى بالاستماع من صوت الموافق، فتش يا سمو الأمير عن أولئك الواعين الذين يفكرون بصوت مسموع.. سعدت كثيرا، كما أسعدت غيري بصراحتك ووعيك، ولن نعود إلى وعود الماضي وأنت تعلمها. أقول: إن الفرق بين المتقدمين والمتخلفين هو فرق في الإدارة. الإدارة المتقدمة تخلق مجتمعا متقدما في كل مناحي الحياة والعكس بالعكس. بواقعنا الإداري الحالي لن نجذب استثمارا أجنبيا بل قد يكون سببا في هجرة رأس المال الوطني.. * مستشار أمني - جدة