الفضل في إعادة إثارة موضوع توظيف السعوديين في جامعاتنا يعود إلى ثامنة داود الشريان ومنتجي حلقاته الذين يتنافسون باحترافية يغبطون عليها لإلقاء ضوء كثيف على كثير من قضايانا. المشكلة المثارة مؤخرا أن جامعاتنا السعودية ما زالت تعرج في سعودة وظائف أساتذتها رغم وجود حملة دكتوراة وماجستير يبحثون ويتقدمون لوظائف الأساتذة التي تتراوح نسبة الأجانب فيها في كل الجامعات بين ما يزيد على 50 في المائة ولا يقل عن 37 في المائة. أي إذا كان أساتذة جامعة ما 100 أستاذ فإن 37 منهم في أكثر الجامعات سعودة هم من الأساتذة المستقدمين. طبعا الحجج التي تقدم هي نوعية التخصصات وامتدادها من البكالوريوس إلى الدكتوراة وضرورة تنويع جنسيات الأساتذة لنحصل على تعليم جامعي متطور إلى ما هنالك من المبررات التي تطرح منذ سنوات. وإذا كنت سأمضي مع الجامعات ومديريها في تبريراتهم فأظن أننا يجب أن نتوقف عند نقطة مهمة وأساسية وهي ما الذي حصدناه من جامعاتنا في ظل خضوعها لهذه المبررات الأكاديمية.؟ هل هي الآن من بين أفضل جامعات العالم أو حتى من بين أفضل جامعات المنطقة، وهل تعدد جنسيات أساتذتها بهذه النسب المرتفعة أضافت قيمة نوعية لمخرجاتها من الطلبة والبحوث والمساهمة في البناء التنموي والاجتماعي.؟ الإجابة كلنا نعرفها وهي أن جامعاتنا ما تزال أقل من طموحاتنا بكثير وما زال كثيرون لا يفضلونها لأبنائهم وبناتهم إذا ما أتيحت لهم فرصة تعليمهم في جامعات دولية معروفة بجودتها وقيمتها الأكاديمية. هذا يعني أن مبررات من هذا النوع لا معنى لها ولا يمكن أن تعتبر مسوغا مقبولا لترك أبنائنا وبناتنا ممن حصلوا على شهادات الماجستير والدكتوراة من جامعات دولية مرموقة يتكففون وظائف الأساتذة التي يحتلها آخرون جاءوا من جامعات مصرية أو أردنية أو هندية لا يوجد لها ذكر مطلقا في قوائم الجامعات المتقدمة على المستوى الإقليمي، فضلا عن المستوى الدولي. وإذا كانت جامعاتنا تصر على ضرورة التنويع في سلك الأساتذة بها لضمان جودة مخرجاتها فلتقنعنا وتعلن كل جامعة أسماء أساتذتها والجامعات التي تخرجوا منها لنرى إن كان من بينهم أستاذا تخرج من هارفارد أو إكسفورد أو إم آي تي أو حتى جامعة التقنية في بومباي. وإلى أن تعلن الجامعات أسماء وجامعات أساتذتها الأجانب، ولا أظنها ستفعل ذلك، فإن وزير التعليم مسؤول مسؤولية وطنية كاملة عن استقطاب أبنائنا وبناتنا إلى وظائف التدريس في الجامعات. وليكن ذلك ضمن نظام محكم لا تعسف فيه ولا تعجيز ولا تشوبه أي رغبة في بقاء الأجنبي لسبب أو لآخر غير الأسباب الأكاديمية الصرفة ومن أهمها نوعية الجامعة التي تخرج منها. نريد فقط أن نكون منطقيين حتى لا يقال لدكتور سعودي يتقدم لجامعة خليجية أن جامعات وطنه لم تسعه، بينما هي ترزح بالأساتذة الأجانب الذين لم نر فيهم نوعا بقدر ما نرى كما غريبا وضعيفا.