تصل الانتخابات التمهيدية في أمريكا نهايتها في أقل من شهرين، وبرغم تقدم هيلاري كلينتون الديموقراطية ودونالد ترامب الجمهوري إلا أن أيا منهما لم يضمن بعد الوصول للبيت الأبيض يناير القادم، صحيح أن بيرني ساندرز تخلف كثيرا عن كلينتون، إلا أن حظوظه ما زالت قائمة، برغم خسرانه المبين في أكثر الولايات أهمية، ما زال يأمل تعطل وصول كلينتون لأصوات 1237 من المندوبين. ترامب قصة أخرى، فهو يفوز في معظم الولايات وترشحه مؤكد، إلا أنه يواجه معارضة من داخل حزبه لاعتقادهم، الصحيح، أنه إذا ترشح عن الحزب سيخسر حتما أمام كلينتون. كثيرون، أمريكان وغيرهم، لا يريدون فوز ترامب بالرئاسة، بل يعتبرون وصوله كارثة بسبب أفكاره المتطرفة. سأحاول لعب دور «محامي الشيطان»، كما يقول المثل الأمريكي، ليس دفاعا عنه وإنما للقول إنه لا يختلف عن الآخرين، فمهما بلغ تطرفه لن يفوق بوش الصغير الذي ما زال الاقتصاد الأمريكي يئن من حماقاته. ترامب واضح وصريح، فهو يعلن ما يبطنه كثير من الدبلوماسيين، فمثلا كم مرة صرح بوش الصغير بكرهه للمسلمين درجة إعلانه حربا صليبية ضدهم، كم مرة أعطى وزير دفاعه ديك تشيني أوامره المباشرة بتعذيب أسرى مسلمين لاستنطاقهم، كم مرة كذب وزير خارجيته كولن باول ليبرر حرب العراق، وحديثا كيري وأوباما ضبطا مرارا بالتلفظ بكره المسلمين، أما كلينتون، القادمة المحتملة للبيت الأبيض، فقد صرحت أخيرا أن لا مانع لديها من قتل 20 ألف فلسطيني إرضاء للوبي اليهودي. وحده ترامب يعلن ذلك على رؤوس الأشهاد ويلقى معه المزيد من الشعبية، مما يؤكد زعمي السابق أن ليس الساسة الأمريكان وحدهم من يمقت المسلمين إنما من ينتخبهم في انتخابات حرة نزيهة، مع تيقنهم، شعبا وحكومة، ببعد الإسلام عن الإرهاب حسب تقاريرهم الاستخبارية. لم تعد القضية وجود لوبي يهودي قوي أو حتى حصول كارثة أيلول الأسود الأمريكية، بل القضية كما صرخ عاليا الرئيس السابق بيل كلينتون «إنه الاقتصاد يا غبي»، الذي كان غارقا في «الريجانية» بسبب حرب النجوم، فلما أصلحه كلينتون عاد وخربه بوش الصغير. إنه اقتصاد يتهاوى ومعدل بطالة يرتفع ودولة فاق دينها العام قدرتها الإنتاجية بمراحل، بيد أن لديها جيشا قويا يمكن استخدامه لفرض وصاية بمسمى حماية موهومة، وفرض تجارة سلاح لخلق وظائف لأبنائها تعلية لاقتصادها. لذا تتصاعد شعبية ترامب وكل من يعد الفرد الأمريكي بوظيفة واقتصاد قوي مع سياسة خارجية أكثر عدوانية، فيغض معظم الشعب الأمريكي النظر عن مبادئه وقيمه الإنسانية ويرضى بالعيش عالة على مصالح غيره.