وبنية طيبة أتجول، دون وجه، دون ملامح واضحة، أفطس ومختصر وصغير.. أتجول دون انقطاع ولا ملل، ومثلما تلاحظ لم يتم بذل الكثير من الجهد عند تصنيعي لكي أظهر أكثر تميزا، لم يخطر لمن قام بتصميمي بهذا الضيق أنه سيكون لي كل هذه الاستخدامات الوافرة، كان يظن أنني سأقوم بنقليات صغيرة فقط، لكن ما حدث أنني تحولت إلى أيقونة مدينة، أصبحت وسيلة التنقل الأكثر شهرة.. لكن يا صديقي عندما تحتاجني ستجدني.. ستجدني في كل مكان.. افتح النافذة، أو الباب، انظر إلى الشارع خلف منزلك، في ازدحام الإشارات، سوف تجدنا في قطعان صغيرة، متربصين في الطرق التي لا يعرفها أحد، أنا، مثل البقية مناور ممتاز، وأعرف كيف أصطادك، كيف أتمهل وأشتم وأناور، لكن عندما أنقض لا يمكن لفريسة أن تفلت مني.. لا يهم من أنت.. صغير أو في الستين، مراهق، رجل محترم، سيدة لا تود أن ينتبه لها أحد.. مهما كنت، عندما تلوح بيدك مثل غريق ستجدني إلى جوارك، وسيكون بمقدورك دفع كلفتي المتواضعة، من يقودني سوف يتقاضى منك القليل من النقود، والكثير من الحكايات.. وأنتما بهذا القرب ستجد الألفة طريقها إليكم سريعا، وستجد نفسك تقص عليه حكاية ابنك المشاغب، أو مدير عملك سيئ المزاج، أو جارتك المثيرة للشكوك.. وأنت أيتها السيدة الجميلة لن تجد الألسن طريقا إلى سمعتك البيضاء وأنت بهذا القرب من رجل غريب في هذه الوسيلة الغريبة للتنقل، الأمر بات أكثر من المألوف ولايثير ريبة من أي نوع.. الجميع بات الآن ينظر إلى الأمر على أنه أسلوب حياة مدينة بأكملها، وبعد أن أصبح تعدادنا يفوق الحصر باتت فكرة إزالتنا بعيدة كل البعد، نحن الآن نشكل أغلبية ساحقة، لا أظن أنه بمقدور أحد نقاش سبب وجودنا، فضلا عن أن يكون بمقدوره إلغاؤنا تحت أي سبب.. وسأستمر بملامحي الغريبة واسمي الأكثر غرابة في خدمتك دائما.. عليك فقط أن تتخلص من خجلك وتلوح لي، وستصبح جهات المدينة كلها تحت تصرفك.