إلى الآن ونحن نعيش في تناقض عجيب حيال بعض المعضلات الاجتماعية الرابضة والمسترخية داخل مخادعنا بسبب تأجيل الحسم بالقرارات الصارمة، فالقرارات الصارمة يمكنها محو جل مشكلاتنا وجعلها أثرا بعد عين، فالعالم يمنحنا تجارب فن تذويب أي مشكلة تعترض حركية المجتمع، بينما نجد أنفسنا نمسك بداية السلم ونتراجع قبل استلام أولى دراجاته. والمراوحة بين اتخاذ القرار أو إرجائه أبقت مشكلاتنا في أحضاننا وكأننا الأم الرؤوم التي لا تتخلى عن وليدها مهما استدعتها الحاجة لتركه، ولنضرب بعض الأمثلة لهذه المجاورة المميتة قد يكون أبرزها التغافل عن إصدار قانون ضد المتحرشين، فحراس المجتمع الأمناء يرون أن التحرش مشروع مادام أنه سيؤدي إلى إبقاء المرأة داخل بيتها. وبهذه السطحية الساذجة يتم التجاوز عن اقتراف جريمة تمارس في كل مكان انتظارا أن يثمر التحرش عن نتيجة تبقي المرأة في بيتها سواء كانت مدرسة أو طبيبة أو ممرضة أو بائعة. وهؤلاء يعرفون أو لا يعرفون بأن المرأة غدت عضوا مشاركا وفاعلا في الحركة الاجتماعية وتسعى كل الحكومات إلى استغلال كل عنصر بشري للوصول إلى التنمية الحقة. وإذا كان استشراء التحرش لم يردع المرأة للعودة إلى البيت فهل نفتح للمتحرشين بوابات إضافية كي يواصلوا الضغط لتحقيق الهدف من التحرش؟! وبنفس المنطق الساذج وقفت الأصوات ضد قيادة المرأة لسيارتها بحجة أن القيادة سوف تؤدي إلى تفسخ المجتمع وجعل المرأة (ماشية على حل شعرها) وبسبب هذه الخشية أجازوا لامرأة أن تكون داخل كبينة السيارة مع رجل أجنبي (لا يحل له الاختلاء بها ولا يحل لها الاختلاء به) يعني قفزوا على واجب ديني من أجل عرف اجتماعي. وأن تتحول طفلة إلى طفلة مشتهاة تعزم وتؤكد نية الرجال على مشروعية نكاحها فهذا ما يجعلنا نقف على ضفة النهر لوحدنا في مواجهة بقية العالم، فإجازة نكاح الطفلة الصغيرة تدخل البلد بمؤسساته ورجالاته تحت طائلة القانون العالمي بحجة التعدي على القاصرات، (والقاصر في النظام العالمي ما دون 21 عاما) بينما (سلاعيب) بعض رجالنا تتقطر عند رؤية طفلة مشتهاة (كما يسمونها) بحجة أن ديننا أجاز نكاح الطفلة وهذه الإجازة هي القراءة الخاطئة للسيرة وبسببها تم دهك أجساد ملايين من الطفلات بهذه الحجة الواهية. هذه بعض الأمثلة على الازدواجية بين العرف والتشريع والتي قادتنا إلى مجاورة كثير من مشكلاتنا رغبة في الانتصار للعادات والتقاليد من غير الأخذ بالأسباب في قطع دابر كثير من مشكلاتنا الاجتماعية. [email protected]