وصف أستاذ النقد والنظرية المشارك في جامعة الملك سعود الدكتور معجب العدواني نقاد الحداثة ب «الشعراء الفاشلين والمنظرين الأحاديين في اتخاذهم قصيدة التفعيلة نموذجا لتطبيق نظرياتهم، واختيارهم شعراء محددين لتناول المنجز الجمالي فقط». مؤكدا أن «تفاقم الصراع بين الحداثة وخصومها في ظل صراع رمزي بين رموز الحداثة على اقتسام الكعكة ومنها الشهرة الإعلامية والتصدر للمشهد الثقافي». وأشار العدواني إلى أن «حركة الحداثة قامت على ساق واحدة». وبعث العدواني العديد من الدلالات المهمة، المرتبطة بمعطيات «المرحلة الحداثية» في مسار الحركة الثقافية السعودية، إذ اتهم حاملي هذا الفكر، بأنهم اتجهوا في تناول الكتابة الإبداعية، إلى الفنون التقليدية، مهملين ما عداها من الفنون التي كان من الممكن أن تضيف إلى فكر المرحلة النقدي. لافتا إلى ضرورة تقييم التجربة التي سادت في حقبة الثمانينات الميلادية، والتي أنتجت عددا من الدراسات والسجالات والفعاليات التي كانت آنذاك خارجة عن المألوف، وأحدثت تفتيتا للاتجاهات النقدية التقليدية. وعزا إلى الثمانينات أسباب «التصادم الثقافي» بين مؤيدي تيار الحداثة، والمناوئين له من «الصحويين»، باعتبار ذلك مفصلا تاريخيا مهما لا يمكن إهماله، مؤكدا أن «الصحويين نجحوا بشكل أو بآخر في إجهاض مشروع الحداثة، من خلال سلسلة المعارك الفكرية والأدبية، أو حتى خارج إطار تلك المعارك». وتناول الناقد الدكتور عالي القرشي ملامح الخطاب الإبداعي والنقدي في مرحلة الثمانينات، وألقت ابنته منيرة عالي الورقة نيابة عنه وقامت الورقة على تأمل النصوص الإبداعية، والنقد في تلك الفترة، مشيرا إلى أن «هناك ملامح لخطاب يتناسج من الفعل الثقافي في ضوء التفاعل مع المتغيرات الإبداعية، والتحولات الاجتماعية»، وأبرزها تمازج لحظة الوجود الإنساني الفاعل ما بين قطبي التراث والمعاصرة، والبحث عن مقومات الذات التي تمنع الهوية من الذوبان. إضافة إلى التأكيد على حرية الوجود الإنساني، كما ناقش محور التشكيل المتجدد عبر الحوار، فيما شن الدكتور عبدالله بن حامد نقدا لاذعا في حق الدكتور سعيد السريحي وعبدالله الغذامي كونهما غير موضوعيين مقارنة بالدكتور سعد البازعي، مؤكدا أن جدل الحداثة الأدبية اشتعل في المملكة منتصف ثمانينات القرن الماضي، مثمنا للدكتور البازعي اشتغاله على مشروع القصيدة الحديثة، يكتب عن جمالياتها، وآفاقها الجديدة، وقصورها أيضا، ويحاول أن يوجد مساحة من التواصل بين المتلقي وهذا الإبداع الجديد، من حيث عرض مشتركات مهمة، غابت أو غيبت من بعض الجهود النقدية الأخرى. وقال إن كتاب «ثقافة الصحراء» كان قادرا لو تمت قراءته قراءة منصفة على ردم الهوة المفتعلة التي حفرت، ولم يشأ أحد من طرفي النزاع أن يردمها لأسباب مختلفة. فيما خصص نائب رئيس مجلس إدارة نادي الطائف الأدبي قليل الثبيتي، ورقته لقراءة المنجز النقدي لرواد الحداثة السعودية متمثلا في كتب «الخطيئة والتكفير» للدكتور عبد الله الغذامي، و«الكتابة خارج الأقواس» للدكتور سعيد السريحي، و«ثقافة الصحراء» للدكتور سعد البازعي، لافتا إلى أن تلك المصادر النقدية بما سبقها ومهد لها من أطروحات تعد البنية الأساسية لخطاب الحداثة النقدي في المملكة، كونها أسهمت في خلق تحول جذري في طبيعة العلاقة بين الناقد والنص، وحمل رؤية نقدية مغايرة في دراسة الإنتاج الأدبي ومقاربات نصوصه. فيما تضمنت ورقة الناقد الدكتور محمد الشنطي انبثاق حركة التجديد التي عرفت بالحداثة، وخاض في جذور هذه الحركة في العقد السابق لها دون الذهاب بعيدا في عمقها الزمني، كما تناول مفاهيم الحداثة فكريا واجتماعيا وإبداعيا ونقديا كما كانت تطرح في تلك الحقبة وكيف اتسعت دلالاتها فيما بعد من خلال الواقع العربي والمحلي، الذي حدده في حركة الصحوة، والمد الليبرالي، والحركات الراديكالية، والمثقفين العرب الذين عاصروا وواكبوا حركة الحداثة في المملكة كتابا وأكاديميين وشعراء ودورهم. وانتقد من وصفهم ب «المثقفين الطفيليين البراجماتيين» الذين استثمروا الحركة وما خلفوه من تراث يتسم بالسطحية والسذاجة وانعكاساته، والإسراف في استغلال فكرة الخصوصية إلى الحد الذي كاد يلامس سقف الشوفونية.