تساؤل يطرح نفسه بقوة، ما هي العوامل السياسية التي فرضها المشروع الإيراني التفتيتي للعالم العربي والتي أدّت إلى اغتيال الحريري؟ وهل ما تزال قائمة حتى اللحظة، فتمنع نجله سعد الدين رئيس الحكومة السابق من الرجوع إلى بلده وممارسة دوره الاعتيادي كزعيم سياسي؟ وهل ما يجري في سورية الآن امتداد عضوي للسياق الذي أدى إلى ارتكاب عملية الاغتيال في وضح النهار؟ أسئلة جوهرية تشي بأن لغز الاغتيال لم يعد بهذا الغموض بعد سقوط القناع عن إيران وعملائها من سورية إلى اليمن . يقول فارس سعيد منسق الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار ل «عكاظ»: «إن الظروف تهيأت على أكثر من مستوى وأدت إلى تنفيذ الاغتيال. وأضاف على المستوى الدولي فإن صدور القرار 1559 في أيلول (سبتمبر) عام 2004 كان له أثر كبير في تغيير مجرى الأحداث، وهو القرار الذي أكد الدعم القوي لسلامة لبنان وسيادته واستقلاله السياسي. وتابع قائلا «إن القرار طالب بأهمية إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وفقا لقواعد الدستور اللبناني من غير تدخل أو نفوذ أجنبي، في وقت كان الحديث جاريا عن تمديد ولاية الرئيس لحود بالقوة من قبل النظام السوري». وأضاف: «على المستوى العربي كان لدخول الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى المنطقة بشكل مباشر عبر العراق أثر كبير على الأحداث خاصة بعد سقوط بغداد عام 2003 وانهيار النظام العراقي». ويتناول سعيد الظروف السياسية الداخلية كسياق انتهى في نهاية المطاف إلى استهداف حياة الحريري فيقول: «على المستوى الداخلي، كانت هناك معارضة داخلية بدأت تنظم صفوفها، وهي معارضة عابرة للطوائف والمذاهب، وتضم مروحة واسعة من الأحزاب والقوى من لقاء قرنة شهوان واللقاء الديمقراطي وصولا إلى تيار المستقبل . وزاد «نظرت دمشق وطهران إلى هذه الأحداث بريبة، وكأنها لن تكون لمصلحتهم في لبنان، خاصة وأن هناك معارضة تتشكل وستنتصر في الانتخابات النيابية التي كانت مقررة في ربيع عام 2005، مع انضمام عدد كبير من القوى الوازنة إليها. وفي هذا السياق اتُّخذ القرار بزعزعة المعارضة الجديدة، وبتصفية الرئيس رفيق الحريري باعتباره شخصية سنية وازنة وأساسية من شأنها أن تقلب الأمور رأسا على عقب».ويقول سعيد:«إنه لو كان الرئيس رفيق الحريري ما يزال على قيد الحياة لكان اليوم يخوض معركة كسر عظم ضد كل القوى التي تحاول زعزعة الاستقرار وخطف الدولة اللبنانية، إلا أننا اليوم نعيش مأساة كبيرة والأمور تنحدر نحو الأسوأ».