هو عنوان كتاب صغير الحجم كبير المضمون، يلقي إضاءات على حياة شخص عظيم عرفه الناس عبر سنين طويلة فأحبوه وتعلقت قلوبهم بحضوره، فمهما غاب عن أعينهم ومضت به السنون بعيدا عن حياتهم، يظل حضوره مضيئاً داخل قلوبهم ساطعا في ذاكرتهم. كتاب (حضور الغياب: إضاءات على حياة الملك فيصل الخاصة)، يمثل جهدا جميلا ومميزا، قامت به أستاذة الأدب القديم الأستاذة الدكتور نورة بنت صالح الشملان، حيث حرصت على أن تسجل في هذا الكتاب بعضا من التفاصيل الخفية في حياة هذا الملك العظيم مما لا يعرفه الناس عنه، فاجتهدت أن تستخلص تلك التفاصيل قدر ما تستطيع، من أفواه خاصته المقربين إليه، سواء من بعض أفراد عائلته الصغيرة (زوجته وأولاده) أو من بعض أفراد عائلته الكبيرة، أو من بعض الذين اعتادوا العمل معه قريبا منه. المعلومات المستخلصة شفهيا من الأفراد الخلص، يكون لها عادة مذاق مختلف، فهي إلى جانب كونها تحمل الجدة، تجدها تكشف عن جوانب من الشخصية غائبة عن عامة الناس وقد يكون فيها ما يثير الدهشة أو يفسر بعض الظواهر التي تبدو خاصة يتفرد بها شخص المترجم له. لذلك فإن هذا الكتاب رغم صغر حجمه، إلا أنه ينقلك إلى داخل قصر الملك فيصل لتعيش بضع ساعات مع برنامجه اليومي وتفاصيل غذائه ولباسه وعاداته ومواعيد صحوه ونومه، ومن تزوج من النساء، ومن أنجب من الأولاد، وكيف كان تعامله مع أهل بيته، ومن أين اكتسب تلك المهابة وذلك التأثير الساحر لشخصيته على المحيطين به. في نهاية الكتاب تجد مجموعة من الصورة التاريخية للملك فيصل رحمه الله بعضها يمثله في بداية حمله للمسؤولية السياسية، حين كان لما يزل في بداية المراهقة، وبعضها يمثله في صحبة بعض إخوانه بعد أن نضج وتعمقت خبرته. على رغم كثرة ما كتب عن الملك فيصل، إلا أن هذا الكتاب استطاع أن يتميز بمذاق مختلف، مذاق فيه شيء من حميمية، وشيء من خصوصية بعيدا عن الجوانب الرسمية والإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تزخر بها معظم المؤلفات التي تتحدث عن الملك فيصل رحمه الله. فشكرا للمؤلفة الصديقة العزيزة على إثرائها المكتبة العربية بهذا الكتاب القيم، وشكرا ثانيا على إهدائي هذا الكتاب الجميل.