مهرجان الجنادرية لم يعد كأي مناسبة عادية، تلقى فيها الكلمات والقصائد فقط، بل تظاهرة عالمية تعمل على تجسيد تراث أجدادنا وثقافتهم المتميزة، وتأصيل وتفعيل رسالة الإسلام الصحيحة «التسامح والاعتدال»، بعيدا عن الإرهاب والأفكار المضللة. تأتي الجنادرية هذا العام لإطلاق رسالة سامية من المملكة لدول العالم أجمع لتعزيز منهاج التسامح والاعتدال المستمد من كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وتطبقه هذه البلاد في كافة شؤونها، منذ أن أرسى الملك عبدالعزيز هذا الكيان ورسم ملامحه وجمع شتات شمله تحت راية التوحيد، وسار على هذا المنهاج من بعده أبناؤه، ملتزمين به في تحكيم سياسة الوسطية والاعتدال، ليتجلى ذلك في تبني سياسة الحوار والتفاعل مع مختلف الثقافات، ودعوة العالم إلى التعايش الحضاري الواعي، ونبذ كل أسباب الفرقة والتعصب ومظاهر الظلم والاستبداد، والسعي إلى الانفتاح حول تقبل الآخر وبناء العلاقات الإنسانية ومد جسور التواصل والاحترام المتبادل. التظاهرة انطلقت بمشاركة 300 مفكر وأديب من كافة أنحاء العالم، لطرح عدة قضايا حول الأخطار الداخلية والخارجية، الدعوة الإصلاحية وآثارها الإيجابية في العالم الإسلامي، دور العلماء في البناء الفكري للشباب، آفاق ورؤى السياسة الخارجية السعودية بعد عاصفة الحزم وغير ذلك من الموضوعات المعززة للحوار والتقارب وقيم الأمن والسلام، ولم شمل العرب وتعزيز استقرارهم من خلال استفادة شعوب المنطقة من المسيرة الثقافية الرائدة للمملكة التي تؤكد من خلال نهجها الرفيع أنه مهما تفاقمت الأزمات، إلا أنه لا بد من العمل على تعزيز الوحدة العربية ونشر دعائم الأمن والاستقرار في دول المنطقة والعالم. مهرجان الجنادرية يأتي في إطار سياسة المملكة لتكريس التعايش والتفاهم بين الشعوب من خلال قيمها وتراثها ومثلها العليا، وتجسد ذلك في عالمية هذه التظاهرة التي استضافت دولة ألمانيا الاتحادية ممثلة في وفد برئاسة وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير، لما تمثله من إضافة مهمة لفعاليات المهرجان إلى جانب ثقلها السياسي والاقتصادي ودورها المحوري العالمي، في ما اشتمل المهرجان على القرية العالمية للتسوق والترفية، وهي عبارة عن سوق دولية لعرض منتجات دول العالم على مساحة 15 ألف متر مربع، يلتقي فيها أبناء الجاليات، ما يمثل خطوة لتعزيز التقارب العالمي.