أخط هذه الكلمات بسبب ما تعرض له مجتمعنا خلال العقود الماضية من ضعف شديد في التواصل بين الأصدقاء والزملاء فأصبحنا بكل أسف شديد نتواصل أو نرى بعضنا البعض إما في مجالس البلوت أو أثناء أدائنا واجب العزاء. التواصل هو غريزة أصيلة لدى الإنسان ولا نستطيع الحياة بدونها. وتعريف التواصل هو عملية انتقال المعلومات والمودة والتهاني والمعايدة والمباركة والسلام والتحية بين الأشخاص عن طريق استخدام رموز وعلامات وسلوك متعارف عليها بهدف التأثير والتأثر بين الأطراف المتواصلة. ومن أمثلة «إما الموت أو البلوت» كان الصديق الدكتور إبراهيم الصويغ -يرحمه الله- يجمع الأصحاب والأصدقاء أسبوعيا في داره كل مساء جمعة على بشكة البلوت أو تطورا «بشكة التيتو». وكان -يرحمه الله- كريما يولم ضيوفه على بوفيه مليء من ما لذ وطاب. وكانت بشكته الأسبوعية كادت أن تكون دون انقطاع وكانت عامرة بعدد وافر من الزملاء والأصدقاء والأصحاب. فكانو يتواصلون أسبوعيا عبر هذه البشكة «بشكة البلوت». وبعد ما قدر له الله فذهب صاحب البشكة إلى دار الخلد أصبح ضيوفه يرون بعضهم في مناسبات الموت فقط. وأنا شخصيا لم أر كثيرا ممن كنت أتواصل معهم أسبوعيا في بشكات البلوت عند الدكتور إبراهيم الصويغ (يرحمه الله) إلا في مناسبات الموت، فجاء عنوان مقالي هذا «إما الموت أو البلوت». أصبحنا نجد أن هناك تكاثرا في التطبيقات التي خرجت على العالم وأثرت في عملية التواصل بين المجتمعات بشكل عام، والأفراد فيما بينهم بشكل خاص، وجعلت لعملية التواصل الفردي شكلا جديدا قضى تماما على حميمية اللقاء وتبادل النظرات فيما بين الشخص والآخر، وحدت من عمليات تواصلية أساسية مهمة، بل وتعتبر هي الأقوى في إظهار مدى كم المشاعر والأحاسيس، وهي لغة الجسد ونبرة الصوت والإيماءات الوجهية وغيرها، من الأمور المعينة والمساعدة على توصيل المعنى الحقيقي للرسالة بين المرسل والمتلقي. من هذا المفهوم نجد أن الأمر أصبح خليطا من عناصر عدة أقفلت بعض الأبواب وفتحت أبوابا أخرى، إذ تأثر باب التواصل الحي والزيارات والتجمعات وتبادل الأخبار والسؤال عن الحال والأحوال بين البشر من ناحية، وفتحت أبوابا أخرى جعلت القاصي والداني لا يستطيع الهروب من السؤال عنهما سواء بالجوال أم بالتطبيقات الموجودة على أجهزة الجوال، وأيضا بالبريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي التي هي الوجه الجديد للتواصل الاجتماعي بين الناس في وقتنا الحالي. التواصل الاجتماعي هو مقياس لكيفية تضافر الناس وتفاعلهم مع بعضهم البعض. وعلى المستوى الفردي. يتضمن التواصل الاجتماعي نوعية وعدد العلاقات التي تربط الفرد بالآخرين في الدائرة الاجتماعية التي تشمل العائلة والأصدقاء والمعارف. وبعيدا عن مفاهيم المستوى الفردي هذه، فإنه يتضمن علاقات تتخطى الدوائر الاجتماعية للفرد وحتى المجتمعات الأخرى. ويقدم هذا التواصل، الذي يمثل واحدا من العديد من عوامل التماسك في المجتمع، مزايا لكل من الأفراد والمجتمع. من منطلق رأيي الشخصي فإنني أرفض التواصل بين الأهل والأصدقاء عن طريق الطرق الحديثة التي غزت مجتمعنا مثل رسائل ال sms أو الوتس آب أو غيرها لا سيما رسائل التهنئة بالعيدين: الفطر والأضحى، والتعازي فهي واجبات إسلامية يجب أن تكون وجها لوجه أو أضعف الإيمان صوتا لصوت. هل أصبحنا أمة «إما الموت أو البلوت» وغدا البلوت فقط. للتواصل ((فاكس 6721108))