لا يمكن الحكم على مستوى التعليم من خلال التقارير التي تصدرها هذه المؤسسات والهيئات التعليمية مهما كانت مصداقيتها ومهنيتها والتي عادة ما تقدم لنا تقارير أقل ما يقال عنها إنها تعكس صورة مغايرة وغير حقيقية لصاحب القرار واعتادت من خلال هذه التقارير على وضع غطاء على الواقع الأليم لهذا القطاع وأن تكرس - مع سبق الإصرار والترصد - ثقافة كل شيء على ما يرام. والحقيقة أن مثل هذه التقارير الصفراء تعد كارثة أخلاقية وقيمية قبل أن تكون مهنية وتعليمية، لأن أولى خطوات الإصلاح لمن أراد هو الاعتراف بالمشكلة. مؤسساتنا التعليمية هي الوحيدة في العالم التي تكتب تقاريرها الأكاديمية وتقرر مستوياتها العلمية بنفسها دون حسيب أو رقيب وهي الوحيدة التي لا تشترك في مؤسسات الاعتماد الأكاديمي الدولية، والتي لايسمح بفتح فروع لها في المملكة، ومع عدم وجود مؤسسات اعتماد محلية تكون هذه المؤسسات التعليمية بلا رقابة تعليمية أو تربوية أو أكاديمية وهو نظام لا نظير له في العالم. وفي ظل عدم وجود التنافس العلمي لغياب كل أدواته ومؤشراته غابت المنافسة التعليمية بين هذه المؤسسات من مدارس ومعاهد وجامعات وضاع الهدف الحقيقي وهو الجودة في زحمة أهداف ثانوية ليحل بدلا عنه معايير محلية من اختراعنا مثل حجم المصروفات على التعليم وعدد الطلبة، وهما القيمتان المعياريتان اللتان لا يذكر التعليم في أي نص رسمي إلا وتذاكرن معه. دول العالم تعج بالتصنيفات التعليمية للجامعات والكليات وكذلك للتخصصات الأكاديمية والفنية، وذلك بسبب وجود كم كبير من مدارس الاعتماد الأكاديمي وهذا ما يجعل التنافسية تقوم فيما بينها لأنه يتم تقويم الخريج بتصنيف جامعته أو تخصصه الأكاديمي، ولو تحقق ربع هذا في المملكة فإن كل الحقائق التعليمية ستكون مكشوفة تماما وهنا تكون أولى خطوات الإصلاح الحقيقي.