لم تكن ثورة الشعب السوري ضد بشار الأسد ثورة شعب ضد حاكم طائفي، ولن يكون النضال في مواجهة التدخل الروسي وقبله التدخل الإيراني واللبناني والعراقي جهادا ضد الروس باعتبارهم كفارا مرة ولا جهادا ضد الإيرانيين وأتباعهم باعتبارهم طائفيين، الشعب السوري ثار ضد نظام بشار الأسد لأنه كان نظاما مستبدا صادر حرية الشعب وأهدر مقدراته، ويناضل السوريون ضد التدخل الخارجي في بلادهم سواء كان تدخلا إيرانيا أو روسيا باعتباره تدخلا أجنبيا ينتهك استقلال بلادهم ويحتل أراضيهم، ولم يكن الشعب السوري يستكين لاستبداد بشار حتى لو كان من مذهب الأكثرية فقد ثارت قبله بعض الشعوب على استبداد حكامها ولم يكونوا مخالفين لمذهب الأكثرية، كما أن الشعوب الحرة لا يمكن لها أن تقبل أن تحتل أراضيها وتتدخل في شؤونها جيوش دول أخرى حتى وإن كانت تتوافق معها في المعتقد وتتطابق معها في المذهب. ولم يكن تدخل إيران في سوريا تدخلا من أجل الطائفة فقط وإنما هو تدخل تحكمه أطماع سياسية توسعية لا تتورع عن توظيف المعتقد والمذهب من أجل تحقيق مآربها، كما أن التدخل الروسي في سوريا لا يمكن النظر إليه على أنه حرب كاثوليكية على الإسلام وإنما هو تدخل محكوم بصراعات دولية تسعى إلى تكريس نفوذها في المناطق الاستراتيجية والتي تشهد اضطرابا يمنح الدول الباحثة عن توسيع نفوذها فرصة التدخل. فإذا كان ذلك كله كذلك لم يكن هناك معنى للدعوات التي تتحدث عن الجهاد في سوريا وتحرض عليه بطريقة صريحة حينا وبألف طريقة مواربة حينا آخر، وكما أضرت تلك الدعوات بنضال السوريين ضد سلطة بلادهم الغاشمة فإنها تضر بنضالهم من أجل تحرير بلادهم من أي تدخل أجنبي مهما كانت غاياته ومهما كان معتقده.