مقولة أن المواطن رجل الأمن الأول تحققت في أحداث كثيرة وبين وقت وآخر تنشر وزارة الداخلية أخبارا ومعلومات عن دور المواطنين في تمكن أجهزة الوزارة من إجهاض أو كشف ملابسات بعض القضايا والحوادث، ومع ذلك فإن بعضها يثير التساؤلات عن عدم إقدام المواطن على القيام بهذا الدور المهم كما حدث في قضية ضبط معمل المتفجرات في حي الفيحاء بالرياض مؤخرا والقبض على صاحبه وخليلته. يقول أحد جيران المقبوض عليه أنه انقطع عن الصلاة بالمسجد بانتهاء شهر رمضان، وأنه كان دائم الحديث هاتفيا داخل سيارته لساعات، بالإضافة إلى صدور بعض الأصوات من المنزل التي تشبه أصوات الأطفال رغم أن الجميع يعلم أن الرجل يعيش من دون زوجة وأطفال. هذا ما أفاد به الجار، وهي إفادة تجبرنا على طرح التساؤلات وإثارة الأسئلة الإجبارية تجاه كارثة كانت ستحدث لولا لطف الله ويقظة الأمن. يتضح أن المتهم كان معروفا للجيران ومع ذلك لم يتم التبليغ عنه، فهل يعقل أن كل تصرفاته الغريبة ووضعه المريب لم يثر انتباه أحد منهم؟. هذه الفرضية إذا كانت واردة فإننا إزاء مشكلة حقيقية عندما يوجد مشبوهون بشكل ظاهر يسكنون الأحياء ويخالطون الجيران ومع ذلك لا تلفت تصرفاتهم أحدا، فإما أن يكون الحس الأمني منخفضا جدا أو أنه لا أحد يعبأ بما يدور حوله، أو أن هناك احتمالا آخر هو التردد في التبليغ لسبب ما، قد يكون التوجس من المساءلة أو الخوف من الشخص نفسه، أو أنه الخوف على الحياة إذا أدرك أو اشتبه الجار أن ذلك الشخص قد يكون عضوا في تنظيم إرهابي ربما يهدد حياة من يبلغ عن أحد أفراده. حادثة الفيحاء نموذج خطير على ما قد يحدث في الأحياء السكنية من كوارث لا يتم التبليغ عنها عند أدنى اشتباه فيها، ومعظم المداهمات لأوكار الإرهابيين تتم في أحياء سكنية مشابهة، وإذا كان معظمهم يسكنها لفترة قصيرة مؤقتة فإن صاحب معمل المتفجرات مقيم لفترة غير قصيرة في ذلك الحي وبشكل مريب جدا، ومع ذلك لم يتم التبليغ عنه، ومثل هذا الوضع لا بد من بحثه جيدا ومعرفة حيثياته وملابساته ليكون المواطن فعلا رجل الأمن الأول دون خوف أو تردد.