كتبت قبل أيام مشيدا بتوجه وزارة العدل نحو إلزام من يدعي أنه مالك لعقار غيره أو لجزء من العقار بتقديم كفالة مالية مصاحبة لدعواه حتى لا يستغل بعض مرضى النفوس المشاغبين مجانية التقاضي لتقديم دعاوى الهدف منها ابتزاز بعض أصحاب العقارات بمثل هذا الادعاء ومساومتهم على دفع مبلغ «ترضية» لهم أو «جرجرتهم» في المحاكم وتعطيل مصالحهم وتأخير انتفاعهم من العقار الذي يملكونه ويزعم أولئك المدعون أنه لهم أو أنهم مشاركون في جزء منه. وقد ثنيت على توجه الوزارة وأثنيت عليه واقترحت أن يعوض المدعى عليه إذا ثبت أمام القضاء أن المدعي لم يكن يملك أي بينة على دعواه وإنما هدفه ابتزاز المدعي عليه للحصول على مبلغ تسوية منه، وذلك بتحويل مبلغ الكفالة الذي يدفعه المدعي ضمانا لدعواه لصالح المدعى عليه كله أو جزء حسب ما يرى ناظر القضية، فتلقيت عدة اتصالات من إخوة يبدو أن بعضهم تعرض من قبل «لنصابين» ادعوا أن لديهم ما يثبت تملكهم للعقار الذي يملكونه أو أنهم شركاء معهم فيه، وقد عبروا عن امتنانهم لتوجه وزارة العدل وأكدوا أن تطبيقه بحزم وقوة سوف يؤدي إلى قطع دابر هذا النوع من القضايا الملفقة التي يراد منها أكل أموال الناس بالباطل، فإذا قطع دابرها أو انخفض عددها فإن ذلك في مصلحة العمل القضائي في المحاكم لأن الدعاوى الكيدية بجميع أنواعها لاسيما ذات الجوانب المالية كثيرا ما زاحمت القضايا الحقوقية والاجتماعية والجنائية وشغلت المحاكم وقضاتها وموظفيها وإدارات الشرطة عن عملهم الأساسي وعطلت مصالح وحقوق المدعي عليهم بغير وجه حق، ولذلك فإن المأمول من وزارة العدل المضي فيما خططت له واتخاذ ما يكفي من إجراءات حازمة يكون منها تقدير القيمة السوقية للعقار الذي يدعي صاحب الدعوى أنه يملكه أو يملك جزءً منه وتكليفه بدفع نصف ثمنه وإيداعه في حساب تابع للمحكمة يخصص لهذا الغرض، فإما أن يكون صادقا فيعاد له حقه في العقار مع المبلغ الذي قدمه ضمانا لدعواه أو يصادر المبلغ جزاء له وردعا لأمثاله وقد قيل قديما: «ورِّي المجنون قرصُه يعقل!». أما تخوف الكاتبة الدكتورة عزيزة المانع من عجز الفقراء الذين لديهم ممتلكات مسجلة بأسماء وغيرهم عن دفع الكفالة المالية مما يؤدي إلى ضياع حقوقهم العقارية فهو تخوف في محله ولكن الإجراء عام ويراد منه زجر المدعين على غيرهم بغير وجه حق وهؤلاء يمثلون الغالبية من المدعين وكانوا وراء تفكير الوزارة في هذا الإجراء ويمكن للوزارة اشتراط توفير كفيل غارم لأصحاب الدعاوى العاجزين عن دفع الكفالة المالية لقبول دعواهم والحصول على حقهم المشروع أما تعطيل الإجراء الجديد وإبقاء الوضع على ما هو عليه فإن مثل هذه المطالبة غير مقبولة.