«العالم الإسلامي»: نأسف لفشل مجلس الأمن في قبول العضوية الكاملة لفلسطين    التلفزيون الإيراني: منشآت أصفهان «آمنة تماماً».. والمنشآت النووية لم تتضرر    السينما في السعودية.. الإيرادات تتجاوز 3.7 مليار ريال.. وبيع 61 مليون تذكرة    وفاة الممثل المصري صلاح السعدني    خطيب الحرم المكي يوصى المسلمين بتقوى الله وعبادته والتقرب إليه    الشاب محمد حرب يرزق بمولوده الأول    خطيب المسجد النبوي: أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله تعالى    أمين مجلس التعاون : عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعتبر خطوة للوراء في جهود تحقيق السلام    كلوب: الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    أمانة حائل تواصل أعمالها الميدانية لمعالجة التشوه البصري    قطار "الرياض الخضراء" في ثامن محطاته    "الجدعان": النفط والغاز أساس الطاقة العالمية    الطقس: أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    يوتيوب تختبر التفاعل مع المحتوى ب"الذكاء"    أول متجر تطبيقات بديل ل"آب ستور"    مسح أثري شامل ل"محمية المؤسس"    "العقعق".. جهود ترفض انقراض طائر عسير الشارد    "الشباب" يهزم أبها بخماسية في "دوري روشن"    فوائد بذور البطيخ الصحية    هيئة التراث ‏تقيم فعالية تزامناً اليوم العالمي للتراث بمنطقة نجران    كريسبو للهلاليين: راح آخذ حقي    أقوال وإيحاءات فاضحة !    «التراث»: استيطان كهف «أم جرسان» بالمدينة قبل 6 آلاف عام قبل الميلاد    «المظالم»: 67 ألف جلسة قضائية رقمية عقدت خلال الربع الأول من العام الحالي    «استمطار السحب»: 415 رحلة استهدفت 6 مناطق العام الماضي    الطائي يصارع الهبوط    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    الفقر يؤثر على الصحة العقلية    مصر تأسف لعدم منح عضوية كاملة للفلسطينيين في الأمم المتحدة    مجلس جامعة جازان يعيد نظام الفصلين الدراسيين من العام القادم    الاحمدي يكتب.. العمادة الرياضية.. وحداوية    سلطان البازعي:"الأوبرا" تمثل مرحلة جديدة للثقافة السعودية    "أيوفي" تعقد جلسة استماع بشأن معايير الحوكمة    تَضاعُف حجم الاستثمار في الشركات الناشئة 21 مرة    أمير الرياض يعتمد أسماء الفائزين بجائزة فيصل بن بندر للتميز والإبداع    السلطة الفلسطينية تندد بالفيتو الأميركي    الرباط الصليبي ينهي موسم أبو جبل    الإصابة تغيب كويلار أربعة أسابيع    في حب مكة !    اليحيى يتفقد سير العمل بجوازات مطار البحر الأحمر الدولي    فيصل بن تركي وأيام النصر    التوسع في المدن الذكية السعودية    المستقبل سعودي    الدمّاع والصحون الوساع    الجامعات وتأهيل المحامين لسوق العمل    أمير الرياض يستقبل مدير التعليم    المفتي العام ونائبه يتسلّمان تقرير فرع عسير    إنطلاق مؤتمر التطورات والابتكارات في المختبرات.. الثلاثاء    الرويلي ورئيس أركان الدفاع الإيطالي يبحثان علاقات التعاون الدفاعي والعسكري    نائب أمير الرياض يقدم تعازيه ومواساته في وفاة عبدالله ابن جريس    وزارة الداخلية تعلن بداية من اليوم الخميس تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة بنسبة 50%    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    شقة الزوجية !    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إصدار السندات ورسوم «البيضاء» يقضيان على عجز الموازنة
نشر في عكاظ يوم 31 - 08 - 2015

اتفق عدد من خبراء الاقتصاد، على أن الاحتياطيات المالية الضخمة التي تجاوز حجمها 2,5 تريليون ريال، كافية لتمويل أي عجز متوقع في موازنة العام الحالي، وأعوام مقبلة، مشيرين خلال ندوة «عكاظ» إلى أن تنويع مصادر الدخل، ومعالجة متغيرات الدخل المرتبط بإيرادات النفط، يتطلب تنفيذ خطة تعتمد على الصناعة كخيار إستراتيجي للمملكة، مؤكدين ضرورة تعظيم الإيرادات من خلال حزمة قرارات جوهرية تقود نحو تنويع الاقتصاد، وبناء قاعدة إنتاجية قادرة على خلق إيرادات متنوعة، وتعظيمها بشكل دائم، موضحين أن إصدار السندات الحكومية هو الخيار الأمثل لتمويل العجز؛ لأن الحكومة ستحقق من خلاله أهدافا إضافية، منها خفض الضغوط التضخمية، وتحقيق الكفاءة الاستثمارية للسيولة المتاحة، وتوفير فرص استثمارية آمنة للمؤسسات الحكومية ذات الملاءة المالية، وتنشيط سوق الصكوك والسندات، مؤكدين أهمية فرض الرسوم على الأراضي البيضاء لرفع إيرادات الدولة سنويا من خلال ضخ مئات المليارات قياسا على التقييم الحالي للأراضي، بالإضافة إلى حل مشكلة الإسكان.
وبين ضيوف الندوة أن ضبط الإنفاق الحكومي أمر يجب تحقيقه عن طريق مراجعة المشروعات المقترحة، والتركيز على المشروعات التي لا يمكن تأجيلها، إضافة إلى تدقيق ومراقبة الإنفاق بشكل عام، وفي القطاعات التي يتعاظم فيها الهدر بشكل خاص، وفرض سياسة التقشف المالي، بما يساعد في تقليص النفقات بشكل متوافق مع حجم الانخفاض الحاصل في الدخل، وتفعيل الرقابة الحكومية الصارمة في تحصيل الرسوم المهدرة..؛ وذلك ما سيساعد في زيادة الدخل المحلي، وفتح مناطق حرة في الموانيء الكبرى. وأكد رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسات البترولية الدكتور راشد أبانمي، أن الظروف التي يمر بها العالم، وذلك من خلال تقارير حديثة لمؤسسات مالية قد أعطت تقديرات سلبية لاقتصاد المملكة.، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير بين احتمال وجود عجز في ميزانية المملكة يصل إلى 20 في المئة. وقال أبانمي: «النفط يمثل 90 في المئة من موارد المملكة المالية، وأي اهتزاز في أسعار النفط سينعكس مباشرة على مواردنا المالية كما أن إنتاج المملكة من البترول 10 ملايين يوميا، منذ أن كان سعر النفط 115 دولارا للبرميل، ولازال الإنتاج كما هو، ولكن الأسعار انخفضت إلى أكثر من النصف، والنظرة الاقتصادية العالمية تنبىء بالأسوأ، فأسعار النفط وصلت إلى 60 دولارا في عام 2014، ولازال الاقتصاد الدولي يعاني من كساد، كما أن الطلب على النفط عادة يكون في ظل النمو الاقتصادي، وإذا كان هنالك زيادة في المعروض فإن ذلك سيقابله طلب منخفض ومن ثم الضغط على الأسعار».
مراجعة الخطط الخمسية
وتابع أبانمي: «في عام 2009 وصل سعر البرميل إلى 30 دولارا، في فترة وجيزة، وتجاوز هذا الانخفاض وارتفع من جديد، ولكن الآن لا نرى أي بوارد لارتفاعه من جديد، وبغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى انهيار أسعار النفط، إلا أن ما يهمنا حاليا هو كيفية التعامل مع أسعار البترول المنخفضة إلى حد الانهيار؛ نظرا لأن اقتصادنا مرتبط ارتباطا عضويا بعوائد النفط، وبالتالي فإن الدورة الاقتصادية التي نمر بها الآن في بداية نزولها؛ وذلك ما يوجب مراجعة الاستراتيجية الاقتصادية برمتها، وتدارك الأمر بسرعة لتقليل الاعتماد على النفط، فالتحديات عميقة ولم نكن أكثر اعتمادا على إيرادات النفط مما نحن عليه الآن، وبذلك فإن الحاجة أصبحت ملحة للانتقال إلى مرحلة تنويع مصادر الاقتصاد لمواجهة متغيرات الدخل، وخفض الاعتماد على إيرادات النفط، نعم هذا الهدف الذي دأبت كل الخطط الخمسية الحكومية التنموية منذ بداياتها الأولى، ولكن لم يتحقق على الإطلاق، إذ إن واردات النفط مازالت تشكل أكثر من 90 في المئة من إجمالي دخل الموازنة؛ وهو ما يستدعي، وعلى وجه السرعة، تخفيض تلك النسبة الكبيرة من اعتمادنا على عائدات البترول، حيث إن لدى المملكة الكثير من الميزات التي تجعلها قادرة على تنويع مصادرها للدخل على المستويين المتوسط والبعيد، وهي مميزات نسبية للمملكة من شأنها ليس فقط تحقيق مزيد من الاستقرار الاقتصادي، بل تأهيل المملكة إلى أن تصبح من أوائل كبريات الاقتصاد في العالم كاليابان وكوريا.
استخدام النفط
وبين أبانمي بقوله: «يرى بعض المراقبين أن انهيار أسعار النفط في الآونة الأخيرة هو نتيجة طبيعية للعوامل الاقتصادية وفي مقدمتها تزايد الإنتاج من النفط الصخري والرمال النفطية في الولايات المتحدة، وتراجع الاستهلاك النفطي في الصين، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى، وفي الجهة المقابلة يرى البعض الآخر أن الأهداف الجيوسياسية لعبت دورا ليس خفيا في ما يحدث، وأن ما يحدث الآن من انخفاض للأسعار ليس جزءا من دورة اقتصادية طبيعية، بل هناك ما يشير إلى وجود قرار سياسي خلف هذا الانهيار؛ نظرا لأن النفط يلعب دورا كبيرا في السياسة الدولية وبشكل متزايد خلال العقود الماضية، لاسيما أن النفط كان منذ عامين قد بدأ استخدامه سياسيا وكان من أهم بنود حزم العقوبات الاقتصادية المفروضة من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على دول مثل إيران على خلفية برنامجها النووي، وأخيرا العقوبات الاقتصادية على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية».
ترشيد الإنفاق
من جهته أكد الخبير في الشؤون الاقتصادية محمد بن فهد العمران، أنه في حال استمرار تراجع أسعار النفط مستقبلا فإنه لابد من إعادة النظر في الوضع المالي للمملكة، خاصة إذا ما بقيت أسعار النفط لفترة طويلة تحت مستوى 50 أو حتى 40 دولارا، كما هو محتمل بنسبة كبيرة، نظرا لأن إيرادات الدولة تعتمد بشكل كبير على النفط، مشيرا إلى أن البدائل المتاحة معروفة وهي السحب من الاحتياطي وإصدار السندات الحكومية، منوهين إلى أنه خلال النصف الأول من هذا العام كان التركيز على السحب من الاحتياطي، لكن في النصف الثاني أصبح التركيز على إصدار السندات الحكومية، مبينا أنه توجد بدائل أخرى من المتوقع اللجوء إليها مستقبلا ستكون أكثر فعالية تتمثل في ترشيد الإنفاق، وخصخصة القطاعات الحكومية، وفرض الرسوم على الأراضي البيضاء وغيرها.
وقال العمران: «قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء أصبح الآن أقرب من أي وقت مضى في ظل ضعف الإيرادات، ففي حال إقراره بالطريقة الصحيحة فسيتحقق هدفان استراتيجيان الأول زيادة إيرادات مباشرة للدولة، والآخر انخفاض أسعار الأراضي والمساهمة في حل جزء من مشكلة الإسكان، وبالنسبة للمبلغ المتوقع أن يدره قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء فهو سيعتمد بشكل كبير على الآلية التي سيتم تنفيذها وبلا شك فإنه في حال تطبيق القرار فإن إيرادات ستدر سنويا مئات المليارات قياسا على التقييم الحالي للأراضي داخل النطاقات العمرانية في المدن الرئيسية، وفي حالة استمرار هبوط أسعار النفط لفترة طويلة فإن ترشيد الإنفاق واتباع سياسات مالية تقشفية خيار لا مفر منه وغالبا سيتم الترشيد في الباب الرابع في الموازنة المتعلق بالمشاريع الاستثمارية؛ وهو ما يعني وجود احتمالات عالية لتقليلها خلال السنوات المقبلة قياسا على وضع أسعار النفط.
قرار «ساما»
وعن كيفية تمويل عجز الموازنة في ظل تراجع أسعار البترول أشار المستشار الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين، إلى أن الاحتياطيات المالية الضخمة التي تحتفظ بها الحكومة، التي تجاوز حجمها 2,5 تريليون ريال، وهي احتياطيات كافية لتمويل أي عجز متوقع في موازنة العام الحالي، وأعوام مقبلة، إضافة إلى أنها تشكل السيولة المتاحة في الاقتصاد من وسائل التمويل المتاحة، إذ إنه سيولة يمكن للحكومة السحب منها متى شاءت لمواجهة أية إلتزامات مالية تنموية، وبالتالي فإن خيارات التمويل متاحة أمام الحكومة، وعليها اختيار الأفضل بما يسهم في بناء الاقتصاد على أسس احترافية.
وقال البوعينين: «يبدو أنه تم اتخاذ تدابير متنوعة لسد العجز، حيث تم التوجه في البداية لسحب جزء من الودائع الخارجية لسد العجز، وهي آلية متوافقة مع إستراتيجية تنظيم التدفقات المالية التي تعتمد بشكل كبير على التدفقات المالية المستقبلية المرتبطة بمداخيل النفط، كما أن استمرار العجز، وانخفاض الدخل فرضا على مؤسسة النقد العربي السعودي تغيير إستراتيجيتها والتوجه نحو تسييل بعض احتياطياتها الأجنبية من الأوراق المالية بدلا من اللجوء إلى السحب من الودائع لدى البنوك، فتسييل الأوراق المالية ربما كان القرار الأمثل ل «ساما» خاصة مع توقعات رفع المجلس الفيدرالي الأمريكي للفائدة، التي ستؤثر سلبا في قيمة السندات مستقبلا، كما أن استمرارية السحب من الاحتياطيات قد لا يكون القرار الأنسب مع تضخم السيولة المتاحة في الاقتصاد، وهي سيولة تتسبب في تغذية التضخم المحلي، لذا يمكن القول إن إصدار سندات حكومية لتمويل العجز هي الأنسب في الوقت الحالي، شريطة تحقيق كفاءة الاستثمار للاحتياطيات المالية الخارجية، إضافة إلى تحقيق عنصر الأمان لها من خلال التنويع الاستثماري، والنقدي، والتوزيع الجغرافي على الدول الصناعية الكبرى.
التحوط المالي
وحول الوضع المالي في المملكة في ظل تراجع أسعار البترول، أكد البوعينين أنه خلافا على أن انخفاض النفط بنسبة تفوق 50 في المئة من سعره مقارنة بالأعوام السابقة يؤدي إلى انخفاض حاد في الإيرادات السعودية التي تعتمد بشكل رئيسي على إيرادات النفط، وبالتالي فإن الأثر المالي سيكون جليا ولا شك، إلا أن التحوط المالي الذي انتهجته الحكومة السعودية خلال العشر سنوات الماضية، وبناءها احتياطيات تفوق في مجملها 2,5 تريليون ريال أسهم في خفض المخاطر المتوقعة، وحد نسبيا من انعكاسات انخفاض الدخل، لذا احتفظت المملكة بتصنيفها الائتماني العالمي برغم الانخفاض الحاد في أسعار النفط، وتقلص الإيرادات الحكومية، وتثبيت التصنيف الائتماني كان على علاقة بقدرة المملكة على الوفاء بإلتزاماتها المالية المستمدة من وجود الاحتياطيات الضخمة، وانخفاض الدين العام، إضافة إلى توقع عودة أسعار النفط مستقبلا لتعويض بعض خسائرها.
الضغوط التضخمية
وتابع البوعينين: «إصدار السندات الحكومية هو الخيار الأمثل لتمويل العجز؛ لأن الحكومة ستحقق من خلاله أهدافا إضافية غير هدف تمويل العجز، ومنها خفض الضغوط التضخمية كنتيجة مباشرة لسحب السيولة من السوق، وتحقيق الكفاءة الاستثمارية للسيولة المتاحة في الاقتصاد، وتوفير فرص استثمارية آمنة للمؤسسات الحكومية ذات الملاءة المالية؛ والقطاع المصرفي والمواطنين، وتنشيط سوق الصكوك والسندات؛ وبناء الاقتصاد على أسس مالية ذاتية توفر الاستدامة والكفاءة في آنٍ، ولكن هناك بدائل أخرى وهي السحب المباشر من الودائع الحكومية في الخارجي، أو تسييل بعض الأوراق المالية الخارجية لتوفير السيولة اللازمة، إضافة إلى بعض البدائل التي لن يكون لها قبول لدى المواطنين والمستثمرين، وهي البدائل المرتبطة بالرسوم وتقليص الدعم الحكومي بغرض توجيهه لمشروعات تنموية مهمة».
وحول الموقف تجاه فرض رسوم على الأراضي البيضاء أوضح البوعينين، أن رسوم الأراضي ربما تكون من الحلول المقترحة لمعالجة احتكار الأراضي وتضخم أسعارها، والمرتبطة بشكل مباشر بأزمة الإسكان، وبالتالي فالنظر إلى رسوم الأراضي على أنها جزء من حلول معالجة العجز، وزيادة إيرادات الحكومة الداخلية قد لا يكون مفيدا في الوقت الحالي، ويجب أن يكون في محيطه التشريعي المرتبط بمعالجة أزمة الإسكان، مفيدا أن الرسوم المقترحة موجهة بالدرجة الأولى لتوفير الأراضي وتطويرها وبناء المساكن وتمويل المواطنين لشراء منازلهم.
تعظيم الإيرادات
ونوه قائلا: «تعظيم الإيرادات ليس بالأمر السهل الذي يمكن تحقيقه بشكل مفاجىء، أو بإتخاذ قرار ما، بل يعتمد على حزمة قرارات إستراتيجية تقود نحو تنويع الاقتصاد، وبناء قاعدة إنتاجية قادرة على خلق إيرادات متنوعة، وتعظيمها بشكل دائم، إضافة إلى ذلك فلدينا قطاعات اقتصادية معطلة يمكن أن تسهم في تعظيم الدخل من خلال الاستثمار الجيد، كما أن خصخصة بعض القطاعات قد تسهم في تعظيم الدخل وخفض النفقات في آن واحد، فالقرارات الارتجالية لا تساعد على وضع الحلول الدائمة، العجز المتوقع هذا العام، وربما العام المقبل يوجب الالتزام الكلي بتحقيق هدف تنويع مصادر الدخل الذي اعتمد منذ الخطة الخمسية الأولى ولم ينفذ حتى الآن، وأعتقد أن تعظيم الإيرادات يفترض أن يكون هدفا إستراتيجيا يوضع من أجل تحقيقه خطط واضحة وفق فترة زمنية محددة».
مراجعة المشروعات
وزاد البوعينين: «ضبط الإنفاق الحكومي أمر يجب تحقيقه، لذا لا بد من مراجعة المشروعات المقترحة والتركيز على المشروعات التي لا يمكن تأجيلها، إضافة إلى تدقيق ومراقبة الإنفاق بشكل عام، وفي القطاعات التي يتعاظم فيها الهدر بشكل خاص، وفرض سياسة التقشف المالي وبما يساعد في تقليص النفقات بشكل متوافق مع حجم الانخفاض الحاصل في الدخل، تفعيل الرقابة الحكومية الصارمة جزء من الأدوات المهمة في تحقيق كفاءة الإنفاق، ويمكن للحكومة مراجعة عقود التأجير مع المستثمرين؛ لتعظيم الدخل، كما أن تفعيل دور الجهات الحكومية في تحصيل الرسوم المهدرة، التي لا تدفع لخزينة الدولة سيساعد في زيادة الدخل المحلي، من خلال تطوير قطاعي النقل الجوي، والموانىء السعودية، وفتح مناطق حرة في الموانىء الكبرى يمكن أن يسهم في تحسين الدخل الحكومي في المستقبل القريب، التركيز على الخطط الإستراتيجية يمكن أن يوفر حلولا دائمة لمعالجة متغيرات الدخل المرتبط بإيرادات النفط، لذا فإن الأمر يتطلب تنفيذ خطة إستراتيجية لتنويع مصادر الدخل، وهو هدف يمكن تحقيقه من خلال تنويع مصادر الاقتصاد والاعتماد على الصناعة كخيار إستراتيجي للمملكة.
الخصخصة أداة الإصلاح
وأفاد البوعينين: إنني أجزم بأن «الخصخصة» هي أحد أهم أدوات الإصلاح الاقتصادي؛ وخفض الالتزامات المالية الحكومية؛ وبالتالي فبدء الحكومة في خصخصة بعض القطاعات المحققة للدخل؛ سيساعدها في تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية؛ الأول الانعتاق من إلتزاماتها المالية؛ وبالتالي خفض النفقات الحكومية. الثاني توفير دخل حكومي من خصخصة تلك القطاعات؛ الثالث تحقيق جودة الخدمات وتطويرها بما يحقق رضى المواطنين؛ وتطوير الخدمات.
وحول تأجيل المشاريع الطموحة في الميزانية إلى حين، أشار البوعينين، إلى أن المشروعات تختلف فيما بينها بحسب أهميتها، حجمها، آلية تمويلها..، مفيدا بقوله: «ما أتمناه هو التركيز على الإنفاق الاستثماري الذي لا يمكن تأجيله؛ لأن في إنجازه قوة دفع ذاتية مستقبلية للتنمية، أما المشروعات الأخرى فيمكن تأجيلها بسهولة، بل إن لدينا مشروعات طرحت منذ سنوات ولم تستكمل بعد، لذا فالأولى استكمال المشروعات المتعثرة أو التي تواجه بطئا في التنفيذ، بدلا من اعتماد مشروعات جديدة وتكديسها، وأعتقد أن تصنيف المشروعات الحكومية بحسب الأهمية سيساعد كثيرا في إعادة جدولتها وبطريقة لا تؤثر سلبا على التنمية، ومن جهة أخرى يمكن للحكومة أن تستثمر السيولة المتاحة في الاقتصاد لتمويل المشروعات المنتجة من خلال السندات، ومنها مشروعات الطاقة والموانىء والمطارات والتحلية وغيرها، وهي مشروعات مولدة للدخل وبالتالي تكون قادرة على الوفاء بالالتزامات المالية من خلال دخلها المتوقع تحقيقه بعد الإنجاز».
تسريع الصناعات
في المقابل توقع رئيس اتحاد المقاولين العرب فهد الحمادي، أن انخفاض سعر النفط لن يوثر على السيولة في المشاريع؛ نظرا للثقة في السياسة الاقتصادية للحكومة الرشيدة، مشيرا إلى أن المملكة تتميز بكونها تتمتع بمستوى منخفض في الدين العام مقارنة بدول أخرى، إلى جانب وجود الاحتياطات الضخمة، مضيفا: أن الاقتصاد لديه قدرة تحمل الانخفاضات في أسعار النفط على المستوى المتوسط، لافتا إلى أنه وعلى الرغم من الانخفاض، إلا أن هناك دولا صناعية كبرى تستفيد من النفط في تسريع عملية الصناعات لديها، وبالتالي يكون هناك احتمالية في عودة دائرة العملية الاقتصادية خلال الأعوام المقبلة.
وقال الحمادى: «إننا لانعاني ندرة في الأفكار أو الأهداف الإستراتيجية، بقدر معاناتنا من تطوير أجهزتنا التنفيذية، التي يفترض أن تهتم بتحويل الأهداف الموضوعة إلى واقع نعيشه، وتحديات الدخل الحالية يفترض أن تدفعنا نحو مراجعة الخطط الاقتصادية التي لم تسهم في تحقيق الأهداف».، وطالب الحمادي الجهات المالكلة للمشاريع بضرورة إيجاد شفافية بينها وبين والمقاول فيما يخص السيولة.
وزاد الحمادي بقوله: «تقدير المختصين في الوكالات الاقتصادية العالمية أرجع الأسباب الحقيقية وراء انهيار أسعار النفط إلى مجموعة من المتغيرات السياسية والاقتصادية والمالية العالمية، التي تزامنت وتفاعلت مع بعضها البعض، وأدت إلى انخفاض الطلب على النفط، وبالتالي هبوط الأسعار، إذ يوجد انكماش لم يكن متوقعا في الاقتصاد الأوروبي والصيني والياباني، تزامن مع ارتفاع قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى؛ وهو ما جعل استيراد النفط أكثر كلفة على الاقتصادات المتباطئة، وبالتالي انخفض حجم الطلب على النفط في الوقت الذي ارتفع حجم الإنتاج العالمي من خارج «أوبك»، وتأثير المضاربات في أوضاع غير مستقرة، ولاسيما في ظل التوقعات الاقتصادية المتشائمة لعام 2015 .. وتابع قائلا: «المملكة تنتج عشرة ملايين برميل يوميا بحسب البيانات الرسمية وهي بذلك أكبر منتجي النفط في العالم، وتمثل مصدرا مهما للطاقة بالنسبة لكثير من الاقتصادات العملاقة، كالولايات المتحدة والصين».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.