أمير الرياض يستقبل رؤساء المراكز ومديري القطاعات الحكومية بمحافظة الخرج    مريض سرطان يؤجل «الكيماوي» لاستلام درع تخرجه من أمير الشرقية    بريطانيا تعلن فرض حزمة عقوبات جديدة على إيران    الفيحاء يتفوق على الطائي بهدف مندش    اتفاقية بين السعودية وقبرص للإعفاء المتبادل من التأشيرة لحاملي الجوازات الدبلوماسية والخاصة    «الثقافة» تُعيد افتتاح مركز الملك فهد الثقافي بعد اكتمال عمليات الترميم    "سلطان الطبية" تنفذ دورة لتدريب الجراحين الناشئين على أساسيات الجراحة    تسيير حافلات لدعم الأخضر أمام أوزبكستان    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    تشافي: مشروع برشلونة وراء قرار بقائي في منصبي وليس المال    الذهب ينخفض مع تراجع الطلب واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة    «الإسلامية»: ضبط اختلاسات كهرباء ومياه مساجد في جدة.. لتشغيل محلات ومصاعد وبسطات    نائب وزير الموارد البشرية للعمل يلتقي سفير أثيوبيا لدى المملكة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي مديري عموم فروع الرئاسة في مناطق المملكة    أكثر من 80 مليون ريال جوائز كأس العُلا للهجن    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    بعد مقتل اثنين من موظفيها .. بلجيكا تستدعي السفيرة الإسرائيلية    الحوثي يقر باستهداف سفن أمريكية وإسرائيلية.. هيئة بريطانية: انفجار قرب سفينة قبالة عدن    «رؤية 2030»: انخفاض بطالة السعوديين إلى 7.7%.. و457 مليار ريال إيرادات حكومية غير نفطية في 2023    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر السادس للبرلمان العربي    مواقع التواصل تحتفي بمغادرة خادم الحرمين الشريفين المستشفى    الأمير محمد بن ناصر يرعى حفل تخريج الدفعة 19 من طلبة جامعة جازان    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس مجلس أمناء جمعية قبس للقرآن والسنة    كاوست ونيوم تكشفان عن أكبر مشروع لإحياء الشعاب المرجانية في العالم    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    "رسائل الأمل" من أطفال السعودية إلى غزة    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    "الجمعة".. ذروة استخدام الإنترنت بالمملكة    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    الأخضر السعودي 18 عاماً يخسر من مالي    الإبراهيم: تشجيع الابتكار وتطوير رأس المال البشري يسرعان النمو الاقتصادي    أدوات الفكر في القرآن    فهد بن سلطان يتسلّم شهادة اعتماد تبوك مدينة صحيّة    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    بيع "لوحة الآنسة ليسر" للرسام كليمت بمبلغ 32 مليون يورو    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    مين السبب في الحب ؟!    مشاهدات مليارية !    لا تستعجلوا على الأول الابتدائي    سوناك وشولتس يتعهّدان دعم أوكرانيا "طالما استغرق الأمر" (تحديث)    النفع الصوري    حياكة الذهب    حجار التعصب تفرح بسقوط الهلال    اللهيبي تُطلق ملتقى «نافس وشركاء النجاح»    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    زراعة 2130 شجرةً في طريق الملك فهد بالخبراء    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    قطاع القحمة الصحي يُنظّم فعالية "الأسبوع العالمي للتحصينات"    جامعة جازان تحتفي بتخريج 9,597 خريجاً وخريجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصتان
نشر في عكاظ يوم 29 - 08 - 2015


وربما غدا
هو من فض هدأة الفجر، بل قض مضجع الفضاء ومن يستقر تحت قبتها، بندائه لأمه: أمي، أمي.. دم، دم.
جاءته تضيق دائرة الصمت برعب تفوح رائحته.. لمحت البقع القانية تنتشر على وجه فراشه، فغرق قارب نبضها في بحر الهلع والقلق.. عن المصدر استجوبته ظامئة، فنفى المعرفة بخوف خط أساطير آثاره على سيمائه، مدعيا أنه للتو استيقظ من نومه.. حملها الذعر تنقب في ضفاف جسده.. رأت في ضفة ذراعه جرحا صغيرا أعاد استقرارها.. قامت من فورها، وعادت بكوب ماء، قدمته إليه بينا تلفعه بالبسملات.. أخذ يرتشفه ويسكب بعضه على جسده والفراش.
أمطرت فوق ملامحه سحائب الهدوء.. وبابتسامة بيضاء ساندته في استحمامه واستبدال ملابسه وأغطية فراشه، ثم بمروج كلمات أكثر دفئا، دفعت به - في موعده الصباحي - إلى المدرسة.
خرج من البيت ممتلئا بنشوة الفراشات.. يردد ضحكاته على موال التغاريد.. راقصا في عين الشمس.. يفكر: هل سيعيد مثل هذا الحدث غدا، بجرح نفسه، وتلطيخ ثيابه وفراشه؟.. أو ما تراه فاعلا في الأيام المقبلة ليصرف نظر أمه الذي حاول صرفه كثيرا - طيلة أربعة عشرة ربيعا، بالنجاحات في أموره وأمور كثيرة، بدءا من المدرسة وانتهاء بمساعدتها في أعمال البيت، فكان الفشل حليفه، إلا في هذه المرة.. يصرفه بذلك لئلا - كل صباح - تعانق الضجر مجددا وتوبخه، بل وتهدده ليتنبه أثناء نومه، عن التبول في فراشه.
20/11/1432ه
قاب قوسين من المستحيل
أنهكه العمل، استرخى، فنام أخوه أراد إيقاظه، فهمسه أبوه بكلمات، ثم أخذ بيده ورحلا إلى بيتهم دونه.
قليلا، فاستيقظ.. لم يجدهما حوله.. ذعر حيث أبوه سيعاقبه ليس بالضرب الهمجي المعتاد، حين يتراخى اضطرارا في شغل طلبه منه، بل سيعاقبه بعقاب شرس لجندي خائن.
توقع بأن أباه ترك بقية الشغل ليقوم به بمفرده عقابا له.. فغدى يحمل الطابوق والرمل إلى الطابق الثاني من بيتهم الجديد الذي يقيمونه بأنفسهم.
يعمل بجد، شهقاته تلون الأجواء الساخنة احمرارا، وجلا يترقب، لربما يأتيه فيراه لم يقم بعمل يرضيه، فيعاقبه بالمزيد.
يعمل وفي فؤاده خيبة عارمة واستفهام عاصف وتمن مجنون، يتمتم: (ما أتعسنا حين نفتح أحداقنا على واقع لا نرغبه، ونصل إلى استفهام يعزز اهتراءنا: هل هذا حقا أبونا؟ ليتنا نستطيع استبداله.. بل ليتنا خيرنا فيه قبل أن تعقد نطفتنا.. إذ ماذا نفعل، وهو من يسكب أقذع الآلام فينا، يتجاهل قسوتها وأثرها علينا، ثم يتابع حياته مرتاح البال، ولم يهبنا سوى حروف ذبيحة على شفاهنا التي جففها رغم ركضنا خلفه لترطيبها.. يستحيل أن نقول له: إنك مخطئ، وكل شيء في أبوتك متجمد، أو ميت!! يشعر بأنه طائر تائه مكسور الجناح يحوم في جو فضفاض لا درب فيه يؤدي إلى وطن آمن.
يعمل ويتأمل قدوم أبيه، لربما يكون قد بلغ بعمله غاية رضاه، أو وصل به درجة العقاب المناسبة التي يرتئيها، فيطلب منه التوقف.. ولأنه لم ير منه بادرة لطف قط، لم يفكر بأنه سيكون رحيما ببنيته التي لم تتخط الخامسة عشرة وبالكاد تسعفه على حمل جبلي وهم زلزالي كاللذين يعيشهما!!.
وفي زمن الغروب، عندما تفاقم ضجيجه، وبعد أن سارت به حاله إلى مفترق يؤدي إلى إما النجاة أو الغرق، جاء أخوه، فرأى جسدا قد أصابه الفتك، وأحس بقلب قد طوق بالغربة، وشعر بروح يجتذبها الهرب، فبادره: ما الذي حدا بك لفعل هذا بنفسك؟!!.
وبقلب يرتجف كعصفور مطوق بالثلج، أجابه: أتسأل هذا السؤال، وكأن لك أبا آخر؟!! كم يحق لك؟؟؟ فأنت لم تعاقب مثلي الآن، وملامحك تحكي بأنك قد ارتحت فوق كفايتك.
كاد أخوه أن يضج ضاحكا، لولا ما يشعر به من ألم تجاهه، فبادره: حبيبي، عندما غرقت في نومك العميق، وأردت إيقاظك على مضض، لنكمل عملنا لئلا يغضب أبونا، أوقفني عن ذلك عندما لحظ جسدك قد تشظى وتهرأ، وملامحك قد تغضنت وتلونت، والألوان فيك قد احتشدت واختلطت، وصدرك غدا يزأر كالأسد الغاضبة، حدجته هنيهات مستغربا، فقرأت في عينيه آيات لطف مفاجئة، انصهرت دعائم لهفتي إليها، ولم أجد أمامي شرفات المستحيل مغلقة أبوابها، فلا أستأنس بتلاوة تلك الآيات، وأتغذى من عذب معناها، وأتفرد بطمأنينة ونجاة منها، ففعلا قبالة استغرابي العظيم، وجدته، وللمرة الأولى، يحدثني بكلمات حنو وإشفاق أبوية: (بني.. حبيبي.. أترك أخاك ينام بهدوء وسلام، لا توقظه، فتفسد راحته، وتعال نذهب إلى البيت لترتاح أنت أيضا، فأنا متأكد من أنك منهك مثل أخيك الذي أتوقع أنه بعد أن يستيقظ سيأتي إلى البيت في راحة تامة!!).
9/7/1434ه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.