تناقل السعوديون في وسائل التواصل الاجتماعي بسخرية خبرا مفاده أن طلابا صينيين يتسللون ليلا إلى قاعات الدرس ليحجزوا مقاعد قريبة من المعلم.. وتفتقت عقليتنا الساخرة عن مئات النكت التي تتهكم على حال طلابنا، فما أن يحين موعد العودة للدراسة حتى تعم الكآبة معظم البيوت وكأنه موعد لانقضاء متع الحياة من السهر الطويل إلى إدمان مشاهدة التلفزيون ومعانقة الهواتف الجوالة والتسكع في مواقع التواصل الاجتماعي.. فيما أصبحت شخصية الطالب الدافور كما يسمونه مثار سخرية لدى بعض الطلبة.. بل إن العدوى امتدت لأولياء الأمور الذين باتوا يشاركون أبناءهم التذمر من العودة للدراسة. واقع يشي بالكثير من الخلل الذي ينخر في عمود نهضة أي أمة.. التعليم الذي هو الضامن الوحيد لمستقبل مشرق بات ضيفا ثقيلا نستبطئ الأيام كي لا تحل علينا بشائره. إننا إزاء معضلة اجتماعية وتربوية عويصة تستدعي إعادة تصحيح مسار العملية التعليمية برمتها، ففي الدول المتقدمة يقضي الطالب سحابة يومه بالمدرسة التي تتحول إلى مكان تعليمي وترفيهي جاذب، ففي بريطانيا سمحت إصلاحات حديثة للمدارس الحكومية بإطالة اليوم المدرسي للساعة ال4:30 مساء كل يوم، بالإضافة لأخذ عطل صيفية قصيرة لا تزيد على 4 أسابيع لكي يقوم الطلاب بقضاء وقت أطول في المدرسة، ويقضي الطلاب في المدارس الإندونيسية الابتدائية معظم وقتهم في الصف، فيصل عدد الساعات المدرسية إلى 1252 ساعة سنويا. وفي تشيلي يقضي الطلبة 1232 ساعة في الصف سنويا. ويقضي طلاب المدارس الابتدائية في الولاياتالمتحدة 1096 ساعة دراسية كل سنة. وعند جمع الأرقام السنوية لكل دول العالم يتضح أن متوسط الوقت الذي يقضيه طلاب المدارس الابتدائية في الصف هو 779 ساعة كل سنة. وتغلق أبواب مدارسنا عند الثانية بعد الظهر على أقصى تقدير بعد أن يتنفس الطلبة والمعلمون الصعداء، فما عادوا يطيقون صبرا فصافرة المغادرة خير صوت يسمعونه في يومهم كله.. فهل أدمنا الكسل؟ أم أن المدرسة أو الجامعة أصبحت مملة وطاردة للطلبة؟ هل تتحمل بيئتنا التعليمية ذلك أم أن أولياء الأمور ضالعون أيضا في تحمل المسؤولية؟.