يرتبط برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي بخطط التنمية البشرية والتي اعتمدت بين استراتيجيتها ما يدعى في عوالم الكتب والنظريات بhuman capital theory، وملخص هذه النظرية ينص على أن الاستثمار في تعليم الإنسان أساس لخطط التنمية والتقدم الاقتصادي، وأن المجتمع المتعلم هو مجتمع منتج ومتقدم، وأن الناتج الرئيسي في تعليم أفراد المجتمع هو «التغيير الإيجابي في أداء الأفراد» وتطور الإنتاج، وزيادة العوائد المالية على مستوى المنشآت وفوائد لا حصر لها لكامل المجتمع. بل ومن قديم الزمان (hultz1961) قد أكد في نقاشاته وهو من الأعلام لهذه النظرية، أن الاستثمار في تعليم القوى البشرية مرتبط بخطط التطوير والنمو الاقتصادي، ومؤخرا وجدوا ارتباطا شديدا بين تعليم أفراد المجتمع وعوامل الازدهار الاقتصادي في عصر المعرفة والاقتصاد المعرفي.. هذا العصر المعرفي والذي يتميز بتوجيهه دفة الاقتصاد تجاه المعرفة بشتى أبوابها واعتمادها كمصدر أساسي في استراتيجيات البلاد المتقدمة بل وحتى النامية هو الدافع الأول لبرنامج الابتعاث والمشرف عليه وزارة التعليم في بلادي المملكة العربية السعودية، وحاليا أقوم بدراسة تحليلية للبرنامج لتسليط الضوء على مخرجات الابتعاث كأداة لتدويل التعليم العالي بالمملكة، وأثر ذلك على المجتمع وأفراده والوطن عموما وسأفرد لتلك الدراسة مقالا علميا مفصلا في المستقبل القريب إن شاء الله. إن تدويل التعليم العالي يقوم على أسس منها ما توصلت إليه dina education statiscs council 2013 cana بأن التعليم العالي له دور فعال في نجاح المجتمعات اقتصاديا ومجتمعيا لكامل المجتمع بكل تقسيماته وهذا سببه ما قالته knight2008 هو تطور أنظمة التواصل والخدمات الإلكترونية وازدهار حراك العمل خارج حدود البلاد والتركيز على التجارة وتحرير أنظمتها والاهتمام بالمجتمعات المعرفية وزيادة استثمار القطاع العام والخاص في التعليم وغيره، وقد كثرت تعريفات مصطلح تدويل التعليم العالي internationalization ولعلي أتشارك معكم تعريفا شمل ما قبله، والحقيقة أنه من خير ما قل ودل وهو عملية دمج البعد الدولي الشامل لثقافات متعددة صميم الغرض من التعليم العالي ووظائفه وطرق تقديمه knght 2003. وبدون الغوص معكم في تفاصيل التعريف لعلي أقول «إن تدويل التعليم العالي يهدف لاستفادة المجتمعات وأفراده من كل ما توصل له العالم في قمة انفتاحه وتعدد مصادر ذلك الانفتاح ولا يكون ذلك إلا بإثراء خبرات أفراد المجتمع وتطوير مفهومهم لما يحصل للعالم من حولهم وإيصالهم لنقطة تحول كي يكونوا global citizen ويكون ذلك بتفعيل دورهم المحلي والعالمي في الرقي بعالمنا المترابط، كما قال lewin 2009 أن نخلق أفرادا قادرين على تحليل الأمور وبناء المجتمعات المحلية والعالمية، ومن أولوياتهم تحسين حياة الناس بشكل مستمر». وختاما وعودا لما بدأناه فقد توصلت الباحثة السعودية خلود هلال hilal 2013 إلى أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي له ثلاث فرضيات لإنشائه وهي أساس سياسي وذلك لبناء العلاقات السعودية الدولية وتحسين ما ساء منها والمساهمة في الحفاظ على سمعة المملكة والارتقاء بها عالميا، وذلك بتعريض شباب وشابات المملكة لمجتمعات متقدمة وأخرى نامية أكثر انفتاحا رغبة في الاندماج ونقل الفائدة والإضافة وأساس اقتصادي وذلك للقضاء على البطالة وتحسين مخرجات التعليم وصقل مهارات القوى البشرية وبالتركيز على الاقتصاد المعرفي كاستراتيجية وطنية فعالة تلك الأسس تعلمون كما أعلم وأصبح العالم مطلعا أيضا على بلادي بلاد الخير في أشد الحاجة لمثل هذه التوجهات التي تلامس حياة المواطن وموطنه وشأنها رفعة حال البلاد والعباد في آن واحد. رامي عبدالرحمن خياط