من منا لا يذكر الأستاذ حمزة بوقري الذي عمل كوكيل وزارة الإعلام بضع سنوات حتى عام 1387ه ؟ لقد أصدر رحمه الله كتابا ضم إحدى عشرة قصة مترجمة عن كبار كتاب القصة القصيرة في بريطانيا والصين والولايات المتحدةالأمريكية واليابان وروسيا. وقال في مقدمة هذا الكتاب وعنوانه (بائع التبغ) الذي نشرته تهامة كلاما عجيبا حول النوايا والظنون التي كانت سائدة.. قال : «هناك اعتبارات متعددة ينبغي أن تؤخذ في الحسبان حتى لا يقال .. وحتى لا يظن .. وقد كنت يومها موظفا حديث عهد بمديرية الإذاعة بمكة المكرمة .. وللذين لم يعاصروا تلك الفترة، والذين يودون أن يعرفوا نوعا من تلك المحاذير التي كانت تحيط بالإذاعة والصحافة، يكفي أن أقول إننا كنا نذيع مقطوعة مشهورة آنذاك لمحمد عبد الوهاب اسمها «يوم سعيد» تحت عنوان «موسيقى الجيش» . لقد تقدمت المملكة إلى الأمام في كل حقول الإعلام والتعليم والصحة والاجتماع، لكن ذلك التقدم كان محفوفا بكثير من الروية والتدرج .. حتى إن البث التلفزيوني استمر عدة سنوات يطلق عليه البث التجريبي، كأنما خشي مسؤولو الإعلام مجابهة المجتمع بوجود الإرسال التلفزيوني صراحة جهارا نهارا، فأطلق عليه دهاقنة الإعلام وصف التجريبي.. ومثل ذلك أو قريبا منه ما ذكره الأستاذ عابد خزندار في كتاب «الاثنينية» عن السيد أحمد العربي فقد روى أنه قال : إن مدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة كانت شيئا جديدا على مجتمعنا وأن هناك العديد من فئات المجتمع التي ترى فيها خروجا على التعليم المتعارف عليه وأن بعض الآباء قد أخرجوا أبناءهم منها لأنها تدرس اللغة الانجليزية والكيمياء والفيزياء. ثم قال الأستاذ عابد ومضت الأيام واستطاع الأستاذ أحمد العربي أن يقود سفينة تحضير البعثات في ذلك البحر المتلاطم إلى أن أصبحت شيئا مألوفا. ولا ننسى أن الدراجة مثلا كانت تسمى في بريدة وعنيزة حمار الشيطان، بل حتى في جدة ومكة المكرمة كان الشيبان يسخرون من راكب الدراجة بكلمة قبيحة .. وقد قال أحد الكتاب الهنود في أحد كتبه : إن الإنسان لم يخترع الدراجة ثم الطائرة بل تدرج من الدراجة إلى السيارة، إلى القطار، إلى الطائرة .. وكما يقال في المثل : «الله لم يخلق السماء والأرض في يوم واحد».. لابد من التروي والتدرج مراعاة لأحوال الناس وبيئتهم وثقافاتهم فهذه هي طبيعة التقدم البشري على الأرض. السطر الأخير : قال حمزة شحاتة رحمه الله: تشبهت بالساعين عزما وأهبة فأخرني إني عجِلت وأبطأوا..