حكيت لصديقتي قصة استعارة إحداهن لكتبي وعدم إعادتها وتطنيش رسائل التذكير المتكررة ثم عدم الرد على مكالماتي تهربا وتمعنا في الاستمرار في الخطيئة، تبعها يأس تام من طرفي لاستعادة حقوقي. وبعدها قررت عدم تسليف كتبي بتاتا البتة إلا لمن ثبت لدي تاريخيا ووثائقيا أنه يقوم بإرجاع مايستلفه، وهم للأسف وللعجب قليلون. وبما أن السير تجر بعضها تذكرت قصة إحدى صديقاتي المشهورة بطيبة قلبها وكرمها وهي سلفت إحداهن مبلغا معتبرا من المال ادعت الأخرى بأنها في أمس الحاجة له وقد وعدتها بأنها سوف تعيد لها المبلغ في شهر تسعة. أتى شهر تسعة وذهب! وتبعه شهر 10 ثم 11 ثم 12! ثم بدأت السنة الجديدة وصديقتي صامتة تنتظر من الأخرى إشارة وتلك في «الطناش مود» فهي تتكلم معها عادي جدا وتقابلها في المجتمعات ولكن سيرة الفلوس «سيرة وماتت»! بدأت صديقتي في إرسال تكست مسج عادية تحتوي على تصبيحات لتلك الصديقة لعلها تتذكر، وتلك مازالت في حالة «فقدان الذاكرة الإرادي»!. انقهرت صديقتي حينما رأت تلك «المفلسة» تنشر بفخر صورها في الانستجرام في باريس وجنيف ولندن تأكل في أغلى المطاعم وتحمل أثمن الحقائب وتتسوق من أرقى المحلات. فواضح أنها لا تعاني من أي ضائقة مالية تمنعها من إعادة ما تدينته، وصديقتي موظفة جمعت مالها قرشا فوق قرش، فأرسلت لها تكست مسج مهذب تطالبها بالمبلغ وكانت في حاجته. في البداية ادعت تلك بأنها لا تملك المبلغ حاليا، وبالنهاية أعطت صديقتي «بلوك» فمنعتها من التواصل معها. وهذه نهاية الجود وطيبة القلب ياكرام!. ضحكت صديقتي التي كانت تسمع كل هذه النوادر وقالت لي لدي قصة أفضل، فقد تسلفت مني إحداهن فستانا رائعا غاليا اشتريته من ميلانو خصيصا لمناسبة خطبتي وتمت حياكته وتطريزه يدويا، ومن يوم الحفل وإحدى المعارف تطاردني، فهي معجبة بالفستان وتريد أن تستلفه لتخيط مثله. وبعد أن أهلكتني نقا وإلحاحا أعطيتها إياه مستسلمة وأوصيتها عليه، مر أكثر من عام بعدها وأنا أطالب بالفستان إلى أن يئست تقريبا. وفي يوم ما دق جرس الباب وأتت تلك المرأة مستعجلة بحجة أن زوجها في السيارة، وقبل أن تهرول للخارج رمت إلي - بلا تعليق - بكيس سوبر ماركت قديم مجعد تفوح منه رائحة ثوم مزعجة! فتحته لأجد قماشا مكوما في قاعدته وكأنه خرقة مطبخ، وفي ثوان حزينة اكتشفت عيناي بأنه يشبه فستاني الجميل، أخرجته بطقوس جنائزية بطيئة وعيني لا تصدق الحقيقة. إنه فستاني!، وجدت بأنها لم تكتف فقط بتعنيف الفستان وإهماله بل قامت بتغيير موديله! فقصت الذيل الطويل الذي كان ينسدل جميلا خلف الفستان وصنعت منه أكماما أضافتها على الفستان بعد أن كان بلا أكمام وواضح أن من قام بهذه العملية التخريبية جزار أو سفاح وليس خياطا!، شرحت لي صديقتي بأنها لم تنقهر في حياتها على شيء مادي كذلك الفستان، فالمرأة الكاذبة لم تأخذه لتصنع لنفسها مثله كما ادعت، فقد قامت بلبسه، بل وتخريبه وتشويهه فأصبح غير صالح للاستخدام الآدمي. وتركت تحت منطقة الإبط وأنتم بكرامة دائرتين من العرق جفتا ولم تنظفهما! وكان هناك ثقب كبير بذيل الفستان وكأن إحداهن داست عليه بكعب حذاء عال!. قررت صديقتي بأنها لن تفتح الموضوع مع تلك المرأة بعدها أبدا «فالضرب في الميت حرام» ولكنها ذهبت بعدها لإحدى المناسبات ورأت تلك المرأة الاستفزازية، فلم تكتف تلك الأخرى بالسكوت بل بادرتها بكل وقاحة قائلة: «هاه! وش رأيك في الفستان ، شايفة كيف صلحت لك إياه؟ كان مخالف للسنة وبلا أكمام وصدره عاري، وهذا حرام يا أختي، احنا مسلمين !». ماشاء الله على التقى والتدين! نحن مسلمون فقط في المظاهر وشروط اللبس! إلا نعرف أن الإسلام لا يسمح لنا بالتعدي على أملاك الغير وأوصى على احترام الملكية الفردية وأموال الناس وممتلكاتهم وعدم تخريبها والعبث بها!. ألم يوصنا الإسلام بعدم مماطلة أصحاب الحقوق وسرعة إعادة حقوقهم وما تديناه منهم؟. ألم يوصنا الإسلام بعدم الكذب والاحتيال؟. ولكن يظهر أن البعض لا يعاني فقط من «فقدان الذاكرة الإرادي» بل ومن حالات التدين الاختياري والمتبدل «والمصلحجي»..