يعد مسجد جواثى الواقع في الأحساء من أقدم المساجد في المملكة، وقد بني في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وشهد ثاني جمعة مجمعة بعد مسجد الرسول في المدينةالمنورة. وتشرف ببنائه بنو عبد قيس وهم الذين بادروا بإسلامهم طوعا لا كرها، ومدح النبي أهل هذه الديار بقوله (أكرموا اخوانكم فإنهم أشبه الناس بكم أسلموا طوعا لا كرها). ويقول المؤرخون، إن جواثى أصله من جأث الرجل إذا فزع فكأنهم لما كانوا يرجعون إليها عند الفزع سموها بذلك، وهو ما يؤيده وجود حصن في الموقع الذي تحيطه الكثبان الرملية، وبه منخفضات تظهر فيها دلائل استيطان قديم ومبان مندثرة. وتظهر بالموقع دلائل استقرار نشط في موضع التلال التراكمية ضمن مشروع حجز الرمال (المنتزه الوطني بالأحساء) فتوجد بالموقع مجموعات من التلال الأثرية التي تغطيها الرمال وتنتشر فوقها أصناف عديدة من الكسر الفخارية والخزفية وأنواع من الزجاج الملون والأبيض الشفاف. ويذكر عدد من الكتب أن جواثى حصن أو قصر لعبد القيس في البحرين وهو الاسم القديم لمنطقة كانت تشمل البحرينوالأحساء والقطيف، أوالساحل الشرقي من السعودية، وأن حصن جواثى اعتصم به المسلمون الذين ثبتوا على دينهم عندما حاصرهم أهل الردة، ويعتقد أن الأراضي في الجنوب الغربي من جواثى، تضم رفاة من استشهد من المسلمين في حروب الردة، ومنهم الصحابة عبد الله بن سهيل بن عمرو، وعبد الله بن عبد الله بن أبي، حيث تحصن مجموعة من المسلمين داخل أسوار المسجد حين حاصرهم المرتدون عام 14ه (635). ويبعد المسجد نحو 17كم شمال شرقي مدينة الهفوف، وقبل سنوات اكتشف أن المسجد الحالي أقيم فوق أنقاض مسجد أقدم منه، ويشير الشيخ عبد الرحمن الملا، إلى أن المسجد الذي غطت الرمال أغلب أجزائه، قد تم ترميمه في عام 1210ه، الذي قام بترميمه الشيخ أحمد بن عمر آل ملا، ويرى المهتمون بالآثار أن أطلال المسجد السابق هو مسجد جواثى وكان المسجد قد أدرج ضمن البرنامج الوطني للعناية بالمساجد العتيقة الذي تتبناه مؤسسة التراث الخيرية، بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ويهدف إلى العناية بالمساجد ذات الخصوصية العمرانية المحلية في مناطق المملكة المختلفة، التي تحتاج إلى عناية فائقة وإنقاذ سريع، وإعادة تهيئته. وقد تكفلت الهيئة الملكية للجبيل وينبع بتكاليف ترميم المسجد، وشهد بعد اكتمال الترميم زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وأدى الصلاة فيه، بعدها جاء توجيه الأمير بدر بن جلوي محافظ الأحساء رئيس مجلس التنمية السياحية في المحافظة بافتتاحه أمام الزوار بعد سنوات من إغلاقه للترميم. واوضح ل«عكاظ» مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بالأحساء الشيخ أحمد السيد الهاشم، أن المسجد الان يستقبل المصلين في صلاتي الظهر والعصر والمغرب، ولكن لا تقام فيه صلاة التراويح أو العشاء والفجر لأنه لا يوجد سكان بالقرب منه، كما أنه معين له إمام ومؤذن.