أمانة الموظف سواء كان موظفا حكوميا أو موظفا في القطاع الخاص لا يمكن لها أن تتجزأ، ولذلك فإن مخالفته شروط تحقق الأمانة ومقتضيات العمل بها في مهمة يتم إسنادها إليه، من شأنها أن ترسم دائرة من الشك حول أدائه في أي مهمة أخرى يمكن أن تسند إليه في وقت لاحق، وهو الأمر الذي يفرض على الجهات الرقابية في الجهة التي يعمل بها، وضعه تحت المراقبة بصفة مستمرة ومراجعة أدائه بصورة دائمة، فإذا كانت مخالفاته في وظيفته في المهمة التي خالف فيها مقتضيات الأمانة لم تبلغ بالعقوبة حد الفصل، فإن تلك المخالفات تفرض عدم الطمأنينة إليه في أي وظيفة أخرى تسند إليه. نتائج التحقيقات في التجاوزات التي حدثت في مستشفى شرق جدة أثبتت تجاوزات ارتكبها عدد من المسؤولين في ذلك المستشفى، واللجنة الرباعية التي كلفت بالتحقيق في شكاوى الموظفين من تلك التجاوزات كشفت عن تجاوزات في ملف التوظيف تتعلق بالمؤهلات وإجراءات التعيين وتسويات الرواتب، وهي أمور تكشف عن سوء الإدارة إن لم تكشف عما هو أسوأ من ذلك مما يتعلق باستغلال المركز الوظيفي لإلحاق الضرر بمن يستحقون تلك الوظائف ومحاباة من لا يستحقونها، إلى جانب إثارة الشبهات حول الدوافع والعلاقات التي تقف وراء تعيين من تم تعيينهم وما حدث من مخالفات في تحديد المؤهلات وقرارات التعيين وتسوية الرواتب. نتائج التحقيقات أفضت إلى قرارات بإعفاء أولئك المسؤولين الذين ارتكبوا تلك المخالفات، غير أنه لا يتجاوز الإعفاء من مهامهم التي خالفوا الأمانة ومقتضياتها فيها وهذا يعني عودتهم إلى وظائفهم التي كانوا يشغلونها قبل تكليفهم بما تم تكليفهم به في إدارة مستشفى شرق جدة، وهذا هو ما يطرح التساؤل الذي سبق والمتعلق بحجم الثقة التي يمكن أن تمنح لموظف في أداء أي عمل بعد أن كشف التحقيق معه أنه لم يكن بحجم الثقة التي منحت له في الوظيفة التي تم إعفاؤه منها.