يجب أن نشير أولا إلى قدرة أرامكو السعودية المالية وملاءتها التي تمكنها من مواجهة نفقاتها وتكاليف مشاريعها المستقبلية دون الحاجة إلى إيجاد التمويلات المصرفية؛ إلا أن العمل الاستراتيجي والتخطيط الأمثل يحمل الشركة إلى تأمين خطوط تحوطية لمواجهة أي ظروف مستقبلية، تفرض عليها التزامات مالية عاجلة، ما قد يحدث أثرا في التدفقات النقدية؛ أو بطء في تنفيذ المشاريع الطارئة التي لا تحتمل التأخير. إن توقيع أرامكو السعودية اتفاقية تسهيلات ائتمانية احتياطية متجددة بقيمة 10 مليارات دولار، يأتي ضمن استراتيجية الشركة للحفاظ على مرونتها المالية، وهو أمر غاية في الأهمية للشركات الكبرى التي قد تتأثر تدفقاتها المالية لأسباب مرتبطة بالسوق وحجم الإنتاج ما قد يؤثر سلبا في خططها الاستثمارية في قطاع الإنتاج. المهندس خالد الفالح رئيس أرامكو السعودية قال في كلمة له أمام منتدى الصين للتنمية الشهر الماضي، ما نصه «في الوقت الذي تواصل فيه الشركات النفطية في أنحاء العالم تقليص برامجها الاستثمارية، تحتفظ الشركة برؤية بعيدة المدى»، مؤكدا رغبة الشركة في مضاعفة استثماراتها في مجالات التكرير والمعالجة والتسويق والصناعات التحويلية، رؤية الاستثمار التوسعية في قطاع الإنتاج، التكرير، والصناعات التحويلية تحتاج إلى وجود خطوط إئتمانية قادرة على توفير التمويل المناسب وقت الحاجة، وهذا لا يلغي بدائل التمويل الذاتية المتاحة للشركة. أرامكو السعودية باتت أكثر اهتماما بالاستثمارات الخارجية، وجعلها أداة لتجسير العلاقات الاقتصادية بين المملكة ودول العالم، وفي مقدمتها الصين التي أعلنت الشركة عن رغبتها في الانفتاح على أسواقها لتعزيز التعاون الاقتصادي معها في إمدادات البترول، استثمارات الطاقة، الاستثمارات الخدمية والصناعية، والابتكارات والتقنية. ومع إيماني التام بقدرات أرامكو المالية، إلا أن التسهيلات الاحتياطية تدعم الاستقرار المالي، وتعطي متخذي القرار مساحة أوسع في تنفيذ خططهم الاستراتيجية لخمس سنوات قادمة، تمثل زمن الاتفاقية البديلة التي تم توقيعها مؤخرا، خاصة في جانب الاستحواذات التي تحتاج إلى تمويلات مالية ضخمة وعاجلة حين إمضاء الصفقة. ومن الجانب المالي، أعتقد أن دخول 27 مصرفا عالميا لتقديم التسهيلات الائتمانية لشركة أرامكو السعودية يكشف الثقة في الشركة، والسعودية على وجه الخصوص، وهذا أمر يفترض ألا نغفله في الظروف الحالية التي تسيطر على سوق النفط والاقتصاد العالمي والمتغيرات الجيوسياسية في المنطقة.