إذا كان الأمير سلطان بن سلمان، قد سجل نفسه في تاريخ أمتنا العربية والإسلامية، كأول رائد فضاء سعودي، على متن سفينة الفضاء «ديسكفري جي 51» عام 1985م. فإنه سجل نفسه أيضاً، كأول مسؤول رفيع يضطلع بمهمة رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في المملكة، في مرحلة يحاول أن ينفض فيها الغبار عن تراثنا التاريخي الضخم، وفي نفس الوقت جذب وتشجيع السياحة سواء على مسارها الداخلي أو من الخارج. سلطان بن سلمان، الذي تُحسب له خبرته الأصيلة في الطيران المدني والعسكري، يُذكر له أيضاً أنه مؤسس ورئيس مجلس إدارة نادي الطيران السعودي ومارس الطيران المدني لأكثر من ثلاثة عقود بترخيص من قبل هيئة الطيران الاتحادي الفيدرالي في الولاياتالمتحدة (1976م) وكذلك من قبل رئاسة الطيران المدني السعودي (1978م) وأيضا التصديق الفرنسي لرخص الطيران الأجنبية (2009م). وعمل لمدة تجاوزت عشر سنوات في القوات الجوية الملكية السعودية بدءا من كلية الملك فيصل الجوية في الرياض (1985م) وقاعدة الملك عبدالعزيز الجوية في الظهران (1990م) قبيل تقاعده برتبة عقيد طيار عام (1996م). مع كل المسؤوليات التاريخية السابقة، تبقى مهمته الراهنة في هيئة السياحة والآثار، هي المحطة الأهم، التي تعنى برافدها الوطني، العمق التاريخي لما نمتلكه من كنوز وآثار.. لا يمكن أبداً تجاهلها، أو الاكتفاء بالنظر إليها، بالتزامن مع مهمة لا تقل أهمية، وهي تعريف العالم بالتراث السعودي الضارب في القدم، وهما مسؤوليتان متوازيتان، لا بد أن يلتقيا في خدمة الصالح الوطني العام. وبحكم اقترابي من الأمير سلطان بن سلمان، في العديد من المناسبات، وجدت أن شاغله الرئيس، يقوم على كشف وحماية مكامن قوتنا التراثية، وإظهارها للعالم، ضمن التراث الإنساني الذي ينبغي الحفاظ عليه، وبالتالي مواجهة تحديات ومزاعم الانغلاق، بفكر منفتح لرجل رأى الكرة الأرضية من السماء، في مهمة إنسانية قبل أن تكون علمية. بهذه الروح يتعامل سلطان بن سلمان ويفكر، بل أستطيع أن أقول إنه يشدد على نماذج الشراكة البشرية في التعامل مع التراث الإنساني بالنظرة الجامعة، وليس بنظرة ضيقة، يحاول من خلالها التعريف بكنوز الحضارة في شبه الجزيرة العربية، والتي يرى كثيرون في العالم الغربي للأسف، أنها مجرد بضع خيام وآبار نفطية.. مع أن كل من تعايش مع مفردات الحياة هنا، لا يخفي إعجابه وانبهاره بما حققناه من نهضة وتنمية بشرية واقتصادية وعمرانية. أعتقد أنه في ظل سياسة الانفتاح والتقارب التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، نحتاج للتعريف أكثر بمكامن كنوزنا التاريخية، ولا بد أن يكون هذا التعريف داخلياً أولاً، ومن المدارس والصفوف الأولى، حيث لا بد أن تقر وزارة التعليم مادة عن الحضارة والتراث والسياحة، يعرف من خلالها أبناؤنا حقيقة ما يمتلكون من كنوز وآثار، ليزدادوا فخراً ببلادهم، ويكونوا سفراء في الخارج بما يمتلكون من معرفة وعلوم.. أعتقد أن هذا ليس صعباً، لا على الأمير سلطان بن سلمان، ولا على وزارة التعليم.