تشكل أواسط المدن حول العالم شخصية المدن وحضارتها وتعكس تقاليد وعادات أهلها، إضافة لكونها النواة العمرانية للمدينة التي تنشطر منها هويتها وتاريخها الحضاري مع ما تحتويه من أنماط الحياة المتنوعة والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولذلك فإن ما اصطلح على تسميته «Down Town» يعكس المخزون التراثي والثقافي للمدن حول العالم، ويشكل الترمومتر لتراثها العمراني، وبالتالي فإن أواسط المدن في كل العالم الحية ظلت تحتفظ بنكهتها القديمة وتصبح محط السياح والزائرين الذين يتنفسون تراث المدينة التي تجسد متحفا للماضي والحاضر في نفس الوقت. ومع التطور المعماري الذي لا يحمل هوية ثقافية أو تراثية او عمرانية في المملكة توسعت المدن بطريقة عشوائية وبطيف واسع من الألوان والمدارس المعمارية، ولم تستطع أي مدينة أن تعكس تراث أهلها او تحافظ على هويتها العمرانية، وبدلا من ذلك أهملت وأصبحت اواسط المدن مرتعا لاقامة العمالة السائبة. مدينة كالرياض ورغم المشروع الكبير الذي تم إنجازه وسط المدينة قبل ثلاثة عقود، إلا أنه للأسف لم يخرج عن فكرة المباني التي شغلت كل الساحات وقضت على الميادين التي كانت موجودة قبل المشروع، فبعد أن كان «الثميري» و «الوزير» «شانزلزيه» الرياض أصبحت الان متاجر للرجيع و «ستوكات»، وقبل المشروع كان القصر القديم والساحات الكبيرة والساعة الشهيرة تشكل مفردات في مواجهة بعضها البعض، أما اليوم فقد قضت هذه المباني المتلاصقة على كل شيء، وفقد وسط المدينة طابعه القديم في الوقت الذي لم يتحول إلى حديث.