الجدية التي أصبحت أمانة جدة تتعامل بها مع أصحاب المطاعم مكنتها من التوصل إلى فكرة استثنائية، من شأنها أن تصبح ميزة استثنائية لمطاعم جدة، تميزها عن المطاعم الأخرى في أكثر مدن العالم، وذلك حين ألزمت الأمانة أصحاب المنشآت الغذائية بإنشاء فاصل زجاجي يفصل بين مواقع تحضير الطعام وبقية أجزاء المنشأة، وأمهلتهم شهرين لتنفيذ هذه العملية، والأمانة بذلك تمنح رواد تلك المطاعم حق مراقبة الطريقة التي يتم من خلالها إعداد الطعام لهم، ومن ثم التأكد من اتخاذ أصحاب تلك المطاعم والعاملين فيها لكافة وسائل السلامة واشتراطاتها خلال عملية إعداد الطعام. والأمانة، من خلال هذه الفكرة، تطبق على مستوى حرفي مفهوم الشفافية، فلا شيء يدور في الخفاء، ولا أمر يتم بمعزل عن المستفيد منه، الزجاج العازل هو زجاج شفاف كذلك، وهو إذ يمنح الخصوصية لأصحاب المنشأة والعاملين فيها، فإنه يضع في الوقت نفسه جميع خطوات عملهم تحت عين المراقب لهم والمستفيد من عملهم، فهي، بذلك، خصوصية مشروطة باتباع الأنظمة والتعليمات محمية بالمراقبة والمتابعة المستمرة. وإذا كانت أمانة جدة تستحق الشكر والإعجاب لاتخاذها هذه الخطوة، فإن ما يأمله المواطنون جميعا أن يكون هذا الفاصل الزجاجي هو الأنموذج الرمزي الذي يفصل بينهم وبين كافة المنشآت التي تستهدف تقديم الخدمات لهم، وعلى رأسها الأمانة نفسها، فكما يحق للمواطن متابعة ومراقبة الطعام الذي يقدم له، فمن حقه كذلك أن يتابع ويراقب سير كافة الخطوات التي تتعلق بالقرارات التي تهدف لتقديم الخدمات له، والتي طالما شكا المواطنون من تعطلها وتأخرها، أو وجدوا في نتائجها غير ما كانوا يتوقعون منها، المواطنون بحاجة إلى فاصل زجاجي في كل منشأة يراجعونها؛ لكي يطمئنوا إلى «المطبخ» الذي يتم فيه تنفيذ القرارات والأنظمة المتعلقة بمستقبلهم وشؤون حياتهم، فيطمئنوا إلى أن القائمين عليها والمنفذين لها يتمتعون بنفس نزاهة العاملين في المطاعم حين يعرفون أنهم مكشوفون أمام أعين زبائنهم في صالات تقديم الطعام.
