«وعلى ضوء المعلومات نفذت قوات الأمن وفي مناطق مختلفة من المملكة عمليات أمنية متزامنة للقبض على كل من ينتمي لهذا التنظيم الإرهابي سواء من المبايعين لقائد التنظيم أو المشاركين أو الداعمين أو الممولين أو المتسترين، وقد قاوم البعض منهم». هذه فقرة من تصريح متحدث وزارة الداخلية اللواء منصور التركي يوم قبل أمس الاثنين، أليس هذا مفرحا ومدهشا ومطمئنا؟ لم تشرق شمس اليوم الثاني على تلك الحادثة الدنيئة إلا وكانت خيوطها قد تجمعت في أيدي الجهات الأمنية المختصة، والآن لم تكتمل أيام الشهر وإذا بكل التفاصيل حاضرة بالأسماء والطريقة والترتيب والتخطيط، وأهم ما في القضية هو الإشارة إلى الداعمين والممولين والمتسترين، فقد كان التركيز في السابق يقتصر على المنفذين الذين لا يعدون عن كونهم الحطب الذي يحترق ويتفحم بعد التغييب التام لعقولهم واستلاب إرادتهم ليتحولوا إلى كائنات تسير في طريق الهلاك دون وعي، أما الآن فقد بدأ التركيز بأهمية أكبر على الأسباب الرئيسية والمحركات وخزانات الوقود الفكري ومنظومة الدعم اللوجستي التي لولا وجودها لما استطاع المنفذون الوصول إلى أهدافهم. شيء مؤسف ومؤلم ومحير في نفس الوقت أن يستمر بيننا داعمون وممولون ومتسترون على هذه الأعمال الإجرامية بحق الوطن، لأنهم يعرفون أولا أن خبرة وكفاءة الأجهزة الأمنية أصبحت تمكنها من كشفهم وأنهم لا محالة سيقعون في قبضتها، وهذا يدل على أنهم رغم معرفتهم بمصيرهم إلا أنهم لا يبالون بما سيحدث لهم. هذه مشكلة كبرى تشير إلى رسوخ فكرهم المنحرف وإصرارهم على المضي في مشروعهم لتدمير الوطن. هؤلاء العائدون من براثن أوهام داعش وغيرها ومن يساندهم ويدعمهم هنا هل يظنون أن الأوطان تهتز بهذه السهولة أو تستسلم لهم أو تسلمهم المجتمعات السوية قيادتها. إنه وهم ساذج يزينه لهم من يحركهم بفكره من خلف الكواليس من الذين يمثلون الخطر الحقيقي الأكبر. في كل الدول هناك جريمة يطلق عليها الخيانة الوطنية العظمى، وهي جريمة لا تغتفر ولا يمكن التخفيف من عقوبتها، إنها الجريمة التي تنطبق على هؤلاء الداعمين والممولين والمتسترين وقبلهم أرباب ومروجي فكر الخيانة. لابد أن يقتص الوطن من هؤلاء المجرمين بما تستحقه جريمتهم.