ينتظر الكثير من المتابعين نتائج اجتماع (أوبك) المزمع عقده يوم غد الخميس في العاصمة النمساوية فيينا لمعرفة النتائج التي سيتفق عليها الأعضاء بعد هبوط أسعار النفط بشكل سريع، في ظل توقعات بأن هذا الاجتماع لن يحدث تغييرا كبيرا بحسب بعض التقارير. وحول هذا الاجتماع أوضح كبير المحللين في إحدى أبرز شركات البورصة العالمية جو الهوا أن وزير البترول والثروة المعدنية الدكتور علي النعيمي لديه خبرة كبيرة جدا في سوق النفط، مشيرا إلى أنه أدار الكثير من الاجتماعات الصعبة داخل (أوبك) باقتدار. وعن تفسيره لما ذكره الوزير النعيمي بأن الاجتماع لن يكون صعبا، قال: أعتقد أن الصعب هو الاتفاق على تقليص الحصص داخل المنظمة دون دعم من طلب قوي؛ لأن الوقت الحالي لا يوجد فيه طلب قوي بسبب أن المستجدات التي طرأت على الاقتصاد الأوروبي بشكل عام، واقتصاد منطقة اليورو على وجه الخصوص ساهم في انخفاض الطلب. وعن ما حدث في الأزمة العالمية من تقليص للحصص؛ قال: في الأزمة العالمية كان هناك 5 ملايين برميل يوميا من (أوبك) لرفع الأسعار، لكن اليوم ليس هناك أزمة عالمية. مضيفا: معطيات الاتصالات التحضيرية للاجتماع تشير إلى إمكانية إيجاد حد أدنى من التوافق على نقاط معينة لأن كل ما يهم المجتمعين هو العائدات؛ وأي اقتطاع من الحصص سيؤثر عليها. وزاد بقوله: هناك دول وضعت ميزانياتها على أساس أن سعر النفط في مستوى يتراوح ما بين 100 دولار إلى 120 دولارا؛ وبالتالي فإن هذه الدول أمام حلين إما أن تعيد النظر في المشاريع المستقبلية وميزانياتها، وإما أن تبقي على نفس حجم الإنفاق مقابل الاستدانة من احتياطياتها أو الاستدانة من الأسواق عبر السندات أو إيجاد طريق آخر. وعن ما يتردد بأن روسيا مستعدة لخفض إنتاجها؛ قال: روسيا دولة نفطية بامتياز ما يجعلها أكبر دولة متضررة من انخفاض الأسعار في ظل مشكلة مزدوجة تعصف بها أحدها تعثر عملتها والأخرى تأثر عائداتها بعد هبوط سعر النفط، في المقابل فإن دول الخليج التي تعد دولا نفطية لا تواجه مثل هذه المشاكل لأنها استفادت من الارتباط بالدولار الأمريكي على عكس الروبل الروسي الذي وصل إلى مستوى الخمسين مقابل الدولار قبل أن يعود ويرتد بعض الشيء. وعن وضع الأسعار النفطية، قال الخبير الاقتصادي: على المدى الطويل الذي يصل إلى 20 عاما فإن سعر النفط سيرتفع بالتأكيد إلى ما فوق ال 34 في المئة بسبب زيادة عدد السكان، وتزايد الطبقة المتوسطة مقابل تقلص الطبقة الفقيرة بالإضافة إلى لجوء الكثير من المجتمعات إلى كل ما يرفع من استهلاك النفط. وأضاف: أما على المدى القريب والمتوسط فإن المشكلة تكمن في أن الأسعار الحالية تؤثر عليها المضاربات على العقود؛ وهذه المضاربات هي القوة الأولى المؤثرة على سعر النفط؛ فعندما يكون هناك توازن في الإنتاج والعرض والطلب فإن المضاربات تدفع الأسعار إلى الزيادة بنسبة وصلت أحيانا إلى 40 في المئة فوق السعر الطبيعي. ومضى يقول: قد تسهم المضاربات أيضا في دفع الأسعار نزولا إلى أقل من القيمة الحقيقية بنسبة تصل إلى 20 في المئة، وبالتالي فإن هذه المضاربات هي ردة فعل من المتداولين على المدى القصير جدا، وعلى ما يحصل من تطورات فينجم عن ذلك تذبذب في الأسعار. وتطرق في حديثه إلى عدم تأثر المملكة بهذا التراجع بقوله: سعر برميل النفط لم ينقص عن مستوى 100 دولار طوال نحو 10 أشهر؛ لكن منذ شهر ونصف تقريبا دخل النفط في حال سعر متذبذب؛ لذا فإن القسم الأكبر من هذا العام كان على مستويات عالية جدا. ومضى يقول: المملكة عندما تضع موازنتها فإنها تأخذ في الاعتبار مسألة تقلبات النفط وبالتالي فإن سياستها المالية تكون في هذا الجانب متحفظة من خلال عنايتها الكبيرة بأخذ كافة العوامل المؤثرة في الاعتبار لأن السوق له 3 اتجاهات إما الصعود أو الهبوط أو الاتجاه العرضي، وبالتالي سيؤخذ في الاعتبار أن أي تغيرات تطرأ في العالم ستؤثر على سعر النفط من خلال دفعه إلى مرحلة الذبذبة. وأشار إلى أن وضع موازنة العام المقبل تعتمد على سعر النفط، وحجم الإنفاق المتوقع، والمشاريع وغيرها مؤكدا أن المملكة ليس لديها أي مشاكل في التعامل مع مستويات سعر تصل إلى 80 دولارا لبرميل النفط. وذكر أن النفط الصخري حاليا في مستويات 60 70 دولارا؛ وقال كلما كان الاتجاه هابطا تكثر الأهداف والأحاديث حول انخفاض السعر إلى مستوى أقل كما هو الحال عندما يكون السعر صاعدا. وأشاد في حديثه بالالتزام السعودي مع الدول، وقال: بالرغم من العلاقات القوية والاستراتيجية التي تربط بين الصينوروسيا إلا أن الصين لم تراهن على روسيا كثيرا؛ بل لجأت إلى النفط السعودي بسبب أن المملكة تؤمن الأسعار والكميات رغم كل الظروف وهذا دور مهم تؤدية المملكة في سوق النفط العالمي ما جعلها متميزة في تنفيذ جميع الاتفاقات التي تلتزم بها مع الدول العالمية. من ناحيته توقع الخبير الاقتصادي أمجد عطية أن أسعار النفط لن تنزل عن مستوى 70 دولارا؛ عازيا ذلك إلى أن الاستمرار في الهبوط سيستدعي بالعديد من الدول للتدخل من أجل محاولة استقرار السعر ورفعه إلى مستوى أعلى. وأشار إلى أن أسعار البترول تهاوت في الفترة الماضية بمعدل يومي تقريبي وصلت نسبته إلى 2 في المئة لعدة أسباب، وقال: هناك أسباب العرض والطلب، وأخرى سياسية دفعت السعر إلى الانخفاض منها الصراع الأمريكي الروسي. وأفاد بأن العقوبات التي فرضتها أمريكا والاتحاد الأوروبي على خلفية الصراع الأوكراني كانت الطريق المؤدي إلى الضغط على سعر النفط في السوق العالمية، وقال: «أعتقد أننا سنستمر في هذا الأمر لمدة مقبلة». وأكد أمجد عطية الذي يشغل منصب مدير القسم العربي في شركة بورصة معروفة تتخذ من أمريكا مقرا لها، على أن كلفة استخراج النفط في روسيا عالية بسبب مواقع الآبار التي يتركز معظمها في بيئات تضاريسية صعبة، وقال: إن كلفة إنتاج النفط في دول الخليج يعد أقل تكلفة تقريبا بين دول العالم المنتجة وهي ميزة تحسب لهذه الدول. وعن وضع الاستهلاك، قال: بعض الدول المصنعة للسيارات تبحث عن بدائل استهلاكية غير النفط لكنني أعتقد أن الاقتصاد سيبدأ في العودة إلى طبيعته خلال فترة متقدمة في عام 2015م تؤدي إلى رفع الطلب على النفط.