أكدت المهتمة بشأن المنطقة التاريخية بجدة والأديبة السعودية المعروفة مها بنت عبود باعشن، أن مدينة جدة عروس البحر الأحمر لعبت دورا كبيرا في التأثير على التربية وغرس القيم والأخلاق الحميدة التي تتوارثها الأجيال الحالية عن الآباء والأجداد، والتي شكلتها هذه المنطقة من خلال عادات وتقاليد أهلها واهتمامهم بالتربية السليمة للطفل رغم بساطة الحياة وقلة الوسائل التعليمية في جدة قديما، وخاصة في شهر رمضان المبارك الذي له مكانته في التربية والترابط الاجتماعي. وتحدثت خلال محاضرة استضافتها جمعية أصدقاء التطوير العمراني بمحافظة جدة في إطار برامجها وأمسياتها الخاصة بشهر رمضان المبارك مساء أمس تحت عنوان «تربية الأبناء وأثر الحياة الاجتماعية عليهم بين الماضي والحاضر» حول الأبناء الذين يعتبرون فلذات الأكباد وإعدادهم وتنشئتهم وتربيتهم التربية الحسنة واجبات يمليها علينا ديننا الإسلامي الحنيف، منوهة بعظم الشعور بالمسؤولية تجاه تربية النشء بمشاركة الأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع المدني. ونفت أن يكون عمل الأم وسيلة للتأثير على التربية وفقد الحنان مع أبنائها، مشيرة إلى أن هناك أمهات عاملات يوازين بين الأمومة والعمل ومتطلبات الحياة، وتكمن المشكلة في نفسية الأم التي تربت على نقص العاطفة والحنان والاتكال وعدم تحمل المسؤولية، وفي المقابل الأب الذي فقد الحنان والرعاية والاهتمام في صغره لسبب ما تجده يعوض كل ذلك في ابنائه، فالحياة الاجتماعية لها تأثيرها الملحوظ على تربية الأبناء. وشددت على حقوق الأبناء في الشريعة الإسلامية كالأذان في اذنه اليمنى عند ولادته واختيار الاسم الحسن له، وأن يتم تعليمه بكل ما هو مفيد في دينه ودنياه وأن يكون قدوة حسنة في التمسك بالأخلاقيات والسلوكيات الاجتماعية المحببة وعدم توجيه عبارات السب واللعن والشتم له أو ضربه وإهانته، واكتشاف ميوله ومواهبه في سن مبكرة لتعزيزها، منوهة في ذات الصدد بتعليم الأبناء الاعتماد على النفس وتوجيههم وإعطائهم الثقة وحرية اتخاذ القرار وإشراكهم في الرأي وزرع الشخصية القيادية فيهم. وأشادت بالحياة الاجتماعية القديمة في شهر رمضان، وبالأخص في المنطقة التاريخية بجدة التي كانت تعتبر بيتا واحدا لان الاحياء قليلة والبيوت متقاربة والسكان يعرفون بعضهم وكأنهم أسرة واحدة يساعد الغني الفقير والقوي الضعيف والصغير يحترم الكبير، وكان التكافل الاجتماعي اسلوبا عاما لحياتهم مما كان له بالغ الأثر في جعل عروس البحر الأحمر مؤثرة في نفوس ابنائها وطريقة تعليمهم، لافتة إلى أنه من جمال بيوت جدة القديمة اتسام اهلها بنقاء نفوسهم وسماحتهم وحبهم للقادمين اليها. واختتمت باعشن محاضرتها بأن التربية لها هدف واضح في انشاء جيل مسؤول له خلق حسن وقيم ومبادئ وأخلاق، وهي طريق للنجاح واستثمار العلم لمستقبل الأبناء وتستند على مبدأ الثواب والعقاب وإكساب الأبناء صفات محببة كحب العمل والمشاركة وعدم الاتكال على الغير والرحمة ومساعدة الاخر، موصية بتطبيق نهج الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية من خلال تربية أصحابه على القيم والأخلاق الفاضلة وكان قدوة حسنة في النواحي الحياتية والدينية والاجتماعية والعملية.