لقد حان الوقت للحرب الجماعية على الإرهاب، تلك الظاهرة المدمرة لكيان الأمة الإسلامية ومقدراتها وإمكاناتها، خاصة أن الإرهاب يعكس الصورة المغلوطة عن الدين الإسلامي الحنيف، وهو دين اليسر والسماحة والاعتدال والوسطية ونبذ العنف والإرهاب والتطرف. لقد جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع إطلالة شهر رمضان المبارك، لكي تكون منهجا متكاملا وواضحا من أجل مكافحة هذه الآفة الخطيرة على الدولة والدين والمجتمع. وآن الأوان أن تتضافر كل الجهود العربية والإسلامية والدولية لمكافحة هذه الظاهرة، والتمييز بين دعاة فكر الضلال والإسلام الحق والصحيح والإسلام الذي يدعو لتكريس الوسطية ونبذ الإرهاب. وعندما يقول خادم الحرمين الشريفين «رأينا في عالمنا اليوم بعض المخدوعين بدعوات زائفة ما أنزل الله بها من سلطان»، هو التوصيف الحقيقي للواقع، إذ أن هناك المتربصين بديننا من يريدون خلخلة المجتمعات وزرع الفتنة والإرهاب داخل هذه المجتمعات بغرض بذر الانشقاق داخلها. وعندما يشير إلى بعض المخدوعين بدعوات زائفة ما أنزل الله بها من سلطان لم يفرقوا بين الإصلاح والإرهاب، معتبرا أن هدفها خلخلة المجتمعات بتيارات وأحزاب غايتها زرع الفرقة، فإنه يرسل رسالة للمجتمعات تؤكد إن تعاليم الإسلام السمح تؤكد على قبول الآخر والتسامح والتعايش السلمي، ليس العنف والكراهية التي باتت دخيلة على مجتمعاتنا والإسلام منها بريء، ومن هنا لا بد لنا أن نعمل مع الدول العربية بكل قوة وبكل أدواتنا لنكون حصنا ضد الإرهاب ودعاته، وأن نسخر كل طاقاتنا لمعركة الإرهاب سواء كان في العراق أو سوريا أو في أي مكان هذه المعركة والتي لا بد أن ينتصر فيها الحق على الباطل والتسامح على الحقد والضغينة. لقد كانت كلمة الملك عبدالله نابعة من الاستشعار بالمسؤولية حيال الحفاظ على مكتسبات الأمة الإسلامية وتحصين الجبهة الداخلية من الإرهاب والتشدد وتعتبر خارطة طريق حيال ضرورة مكافحة الإرهاب، حيث استشعر خادم الحرمين الشريفين خطر هذه الجماعات التي تسعى إلى تقسيم المجتمع الإسلامي الواحد إلى مجاميع وطوائف وتجسد مبادئ وأفكار دخيلة على مجتمعاتنا. ولذلك فإن على الأمة الإسلامية الابتعاد عن شرور الفتن والخلافات ونبذ الإرهاب، وعلى قادة الأمة الإسلامية تعزيز التضامن الإسلامي وتحقيق الأهداف التي ينشدها العالم الإسلامي تجاه تجسيد الإصلاح والحكم الرشيد. إن شهر رمضان فرصة عظيمة للتأكيد على قيم الإيثار وإنكار الذات والتجرد والإخاء والمشاركة ومعاني التضامن بين المسلمين والتسامح والتعايش بين الناس جميعهم، وإن ما تشهده المنطقة العربية وخاصة العراق من حروب وفتن واضطرابات وأزمات يتطلب من الجميع التنبه والحرص؛ للحفاظ على المكتسبات وردع ولجم الإرهاب وتفويت الفرصة على الجماعات الإرهابية التي تتخذ العنف سبيلا لتحقيق أهداف مشبوهة باسم الإسلام وهو منها براء، وعلى كل مسلم أن يؤكد بسلوكه أن المسلمين هم حقا أمة وسطا وأن المجتمع المسلم هو نموذج للسلم والوسطية.