آل حيدر: الخليج سيقدم كل شيء أمام النصر في الكأس    أجواء "غائمة" على معظم مناطق المملكة    إلزام موظفي الحكومة بالزي الوطني    "واحة الإعلام".. ابتكار لتغطية المناسبات الكبرى    تحت رعاية خادم الحرمين.. البنك الإسلامي للتنمية يحتفل باليوبيل الذهبي    الرياض.. عاصمة الدبلوماسية العالمية    بمشاركة جهات رسمية واجتماعية.. حملات تشجير وتنظيف الشواطيء    492 ألف برميل وفورات كفاءة الطاقة    «زراعة القصيم» تطلق أسبوع البيئة الخامس «تعرف بيئتك».. اليوم    الرياض.. عاصمة القمم ومَجْمَع الدبلوماسية العالمية    «هندوراس»: إعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول    "عصابات طائرة " تهاجم البريطانيين    كائن فضائي بمنزل أسرة أمريكية    أمير الرياض يؤدي الصلاة على منصور بن بدر بن سعود    القيادة تهنئ رؤساء تنزانيا وجنوب أفريقيا وسيراليون وتوغو    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    إحالة الشكاوى الكيدية لأصحاب المركبات المتضررة للقضاء    القتل ل «الظفيري».. خان الوطن واستباح الدم والعرض    طابة .. قرية تاريخية على فوهة بركان    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية.. استمرار الجسر الإغاثي السعودي إلى غزة    وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود    أرباح شركات التأمين تقفز %1211 في 2023    وزير الإعلام ووزير العمل الأرمني يبحثان أوجه التعاون في المجالات الإعلامية    فريق طبي سعودي يتفوق عالمياً في مسار السرطان    برعاية الملك.. وزير التعليم يفتتح مؤتمر «دور الجامعات في تعزيز الانتماء والتعايش»    العرض الإخباري التلفزيوني    وادي الفن    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    مؤتمر دولي للطب المخبري في جدة    أخصائيان يكشفان ل«عكاظ».. عادات تؤدي لاضطراب النوم    4 مخاطر لاستعمال الأكياس البلاستيكية    وصمة عار حضارية    استقلال دولة فلسطين.. وعضويتها بالأمم المتحدة !    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    الأرصاد تنذر مخالفي النظام ولوائحه    التشهير بالمتحرشين والمتحرشات    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    (911) يتلقى 30 مليون مكالمة عام 2023    تجربة سعودية نوعية    الأخضر 18 يخسر مواجهة تركيا بركلات الترجيح    الهلال.. ماذا بعد آسيا؟    تتويج طائرة الهلال في جدة اليوم.. وهبوط الهداية والوحدة    في الشباك    انطلاق بطولة الروبوت العربية    حكم و«فار» بين الشك والريبة !    الاتحاد يعاود تدريباته استعداداً لمواجهة الهلال في نصف النهائي بكأس الملك    وزير الصناعة الإيطالي: إيطاليا تعتزم استثمار نحو 10 مليارات يورو في الرقائق الإلكترونية    64% شراء السلع والمنتجات عبر الإنترنت    السجن لمسعف في قضية موت رجل أسود في الولايات المتحدة    ألمانيا: «استراتيجية صامتة» للبحث عن طفل توحدي مفقود    واشنطن: إرجاء قرار حظر سجائر المنثول    المسلسل    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرضى الإيدز .. زيادة مطردة وحقوق ضائعة

يثير الخوف والهلع في نفوس الناس .. من ابتلي به يُعد منبوذا في المجتمع ويوصم وصمة عار .. يحدث اختلالاً في مناعة الجسم وينتقل عن طريق الدم الملوث، السائل المنوي أو الإفرازات المهبلية .. لا يوجد علاج شاف له ولكن هناك عقاقير تحد من انتشار العدوى للآخرين وتجعله مرضا مزمنا غير قاتل شريطة المداومة على العلاج .. إنه مرض المناعة المكتسبة «الإيدز» الذي حصد أرواح الملايين منذ اكتشافه منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وما زالت الحالات المكتشفة في تزايد.
«عكاظ الأسبوعية» تقصت عن قرب أوضاع مرضى نقص المناعة المكتسبة في مستشفى الملك سعود بجدة، وهو المكان الذي قد لا يود زيارته أحد سوى اليائسين من الحياة كما يدعون، وهنا أوضحت مديرة العلاقات العامة والإعلام الصحي الدكتورة فاطمة الزهراء الأنصاري، أن المستشفى يعد أكبر مركز لعلاج الإيدز في الشرق الأوسط، ويقدم الرعاية لمرضى المنطقة الغربية ومحافظة جدة تحديدا التي تضم أكبر عدد مرضى في المملكة بحكم وجود العديد من الجنسيات، فيما أكد مدير المستشفى الدكتور عبدالعزيز الشطيري، توفير أفضل أنواع الأدوية لمرضى نقص المناعة المكتسبة، وقال «الصحة توفر الأدوية من أفضل الشركات الأوروبية والأمريكية في هذا المجال»، فيما أوضحت رئيسة قسم التنويم بالمستشفى التي فضلت عدم الكشف عن اسمها، أن بعض الأفراد يخشون انتقال العدوى إليهم وهناك حالة لرجل سعودي مصاب بالمرض خضع للتنويم في المستشفى لفترة وبعد تلقيه للعلاج اللازم وتقرر مغادرته المستشفى، إلا أن أسرته احتجت على ذلك وامتنعوا عن استلامه منذ شهر تقريباً بحجة عدم إلمامهم بكيفية التعامل معه، واستطيع القول إن نحو 30 في المائة من المرضى السعوديين لا يستلمهم ذووهم وعذرهم الخوف، وهناك من الأسر الذين يصرون على احتضان المريض ومتابعة علاجه في المنزل.
شلة مخدرات
أنا لا أعلم هل أنا مصاب أم لا .. فقبل ست سنوات راجعت مستشفى الأمل بغرض العلاج من الإدمان ومكثت هناك شهرين، وبعد خروجي اتصل بي مستشفى الملك سعود وطلبوا مني الحضور لإعادة الفحص من إصابتي بمرض نقص المناعة، وقتها صدمت بعد توبتي من الإدمان ولكنني رضيت بقضاء الله وقدره، هكذا تحدث مريض الإيدز المنوم في مستشفى الملك سعود ل «عكاظ الأسبوعية» عن سبب عزله، وقال «كنت أتعاطى المخدرات مع شلة من الأصدقاء لم يصبهم ما أصابني، ولدي إخوة أنا أوسطهم ساعدتهم جميعا ماديا عندما كنت موظفا في القطاع الخاص، ولا يزورني سوى أحدهم بين فترة وأخرى، وشخصياً أهمل أحياناً من الحياة وأهمل تناول الأدوية وعندما تدهورت حالتي عدت إلى هنا والآن تحسنت حالتي والحمد الله، وأعتب كثيراً على جمعية مرضى الإيدز لأنها لم توفر لي العروس المناسبة».
وفي مكان غير بعيد، جلست ثلاث إثيوبيات تم تحويلهن من إدارة الترحيل بجوازات جدة، كنا يتجاذبن أطراف الحديث بصوت خافت، ولكنهن رفضن الحديث باعتباري غريبة عنهن، وهنا قالت الممرضة المرافقة إنهن منزعجات من زيارات بعض المسؤولين لهن، وتضيف «تم عزلهن حتى إنهاء إجراءات ترحيلهن إلى بلادهن وليس لغرض آخر».
وهنا انبرت إحداهن وقالت «أنجبت طفلة منذ تسعة أشهر في مستشفى الولادة والأطفال ب «المساعدية» وبعد الولادة فصلوني عنها مباشرة وأخبروني أنني مصابة بالإيدز وأحضروني إلى هنا، ومنذ تاريخه لم أر ابنتي ولم يتم تسفيري إلى بلدي وعندما أسأل عنها يقولون لي إنها بصحة جيدة»، وهنا قالت مديرة العلاقات، عزل المصابات يكلف الدولة كثيرا.
متعايشون مع المرض
وتروي مواطنة في عقدها الخامس، أنها أصيبت بفيروس نقص المناعة عبر نقل دم ملوث قبل ربع قرن بعد خضوعها لعملية جراحية آنذاك، وقالت «اضطررنا أنا وزوجي كتمان الأمر، ولكننا فشلنا في ذلك فعشت مأساة أسرية ونفسية اجتماعية وانتهى الأمر بزواج زوجي بأخرى وبعد عام طلقها لإصرارها على ذلك لخشيتها من انتقال المرض إليها».
وأضافت «كثير من الناس لا يدركون أن حامل مرض الإيدز يمكنه العيش بشكل طبيعي في حال تلقيه العلاج المناسب».
تحليل خاطئ
وفي حالة معاكسة، عاش الشاب محمد 28 عاماً، قصة مأساوية عندما تقدم بطلب للكشف الطبي للزواج وفق النظام الجديد قبل عامين، وبعد إجرائه الكشف اتضح أنه مصاب بفيروس الإيدز، ثم أعاد الفحوصات في مستشفيات حكومية أخرى وجميعها أكدت ذات النتيجة فدخل الشاب في حالة نفسية سيئة وكاد يضع حدا لحياته بالانتحار.. بعد أن فشل مشروع زواجه وبدأ الجميع ينظر إليه وكأنه إنسان مجرم، وبعد أسابيع من البحث والتقصي كانت المفاجأة أن جميع التقارير الصادرة من المستشفيات الحكومية خاطئة، وثبت أن الشاب غير مصاب بالفيروس، وتقدم إثر ذلك بشكوى إلى وزير الصحة وشكلت لجنة عليا ثبت أن هناك أخطاء جسيمة ارتكبت وأحيلت القضية إلى القضاء، بينما تأكدت حاجة الشاب لمراجعة عيادة الطب النفسي بعد أن عاش أسابيع عصيبة فقد خلاله عروسه وتخلى عنه الجميع.
وذكر الطبيب المعالج في مستشفى الملك سعود الدكتور محمد السيد، أن مواجهة مريض نقص المناعة بحقيقة مرضه تعد من أقوى المواجهات وهنا أشرح للمريض أن مرض المناعة المكتسبة لا شفاء منه مثله مثل السرطان والضغط والسكري وعليه التعامل معه بتناول العقاقير على مدى الحياة، وقال «انتقال المرض إلى الزوجة من الزوج المصاب احتمال وارد حتى مع العلاج، وفي حال الأم المصابة المنتظمة في العلاج فإن طفلها يكون سليماً بنسبة عالية تتجاوز ال 98 في المائة».
وأضاف «لابد من تحاليل الأمراض التناسلية وعلاجها إن وجدت قبل الزواج وهذا ما نقوم به في المستشفى».
برامج وخطط
وأكدت مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز في وزارة الصحة ورئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لمرضى الإيدز الدكتورة سناء فلمبان، أن الوزارة «وضعت البرامج والخطط اللازمة للتوسع في الخدمات العلاجية للإيدز وذلك من خلال تكثيف برامج المسوحات والمشورة والفحص لاكتشاف الإصابات بالعدوى لتوسيع المظلة العلاجية، وتوفير الأدوية الحديثة والبيانات والمعلومات المرضية والسلوكية من خلال برامج المتابعة».
وكشفت فلمبان، عن إنجاب نحو 100 مصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز أطفال غير حاملين للفيروس خلال الفترة الماضية، مبينة أن النساء المصابات بالإيدز يحتجن إلى متابعة طبية دقيقة قبل الحمل وخلاله، وأن يكون وضعهن الصحي يسمح للحمل وفق رؤية الطبيب ووفقا لعدد الخلايا المناعية ونسبة فيروس في الدم.
وقالت «عدد الحالات المصابة والمسجلة في الجمعية حتى نهاية 1433ه، 533 متعايشا ومتعايشة مع المرض، 427 من الذكور و106 من الإناث، فيما بلغ عدد الأطفال المصابين بالمرض 12 طفلاً، فيما بلغ إجمالي عدد الأسر مع مخالطيهم (المستفيدين) 16222 أسرة.
وعن الأوضاع الاجتماعية لمريض الإيدز قالت «تحسنت الأوضاع الاجتماعية والتوجهات خلال السنوات الأخيرة سواء من التطرق الإعلامي الإيجابي عن الإيدز والذي له المردود الإيجابي في ردود الفعل الاجتماعي العام تجاه المصاب بعد ارتفاع نسبة الوعي ومعرفة الحقائق والمعلومات الصحيحة عن المرض وأيضاً التقدم الذي أحرزه الطب».
1195 حالة
وكشفت آخر الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة العام المنصرم 2012 م عن تسجيل 1195 حالة إصابة جديدة بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز). وأكدت الوزارة أن المملكة تعد من الدول ذات المعدل المتدني للإصابة بهذا المرض مقارنة بدول العالم (إصابتان / 10000 شخص)، مشيرة إلى أن برامج الوزارة أحدثت تغيراً في النسب الإحصائية خلال العامين الماضيين، وبينت أنه تم اكتشاف 1195 حالة جديدة مصابة بفيروس الإيدز عام 2011، (459 سعودياً) و(736 أجنبيا)، كما لوحظ ازدياد الحالات المكتشفة بين السعوديين في 2011م بمعدل 4.5 في المائة عن الحالات المكتشفة عام 2010م ويقل بمعدل 4.7 في المائة عن العام الذي قبله 2009م وذلك نتيجة تكثيف الجهود للتوصل إلى الحالات المصابة بالإيدز مبكراً وإدراجهم في برامج الوقاية والعلاج.
ووفق إحصاءات، فإن مدينة جدة هي الأعلى في معدل الإصابات حيث تبلغ 41 في المائة من مجموع الإصابات، وتوزعت الإصابات على عدد من المدن بينها الرياض 16 في المائة الدمام 12 في المائة مكة المكرمة 6 في المائة الطائف 5 في المائة الأحساء 4 في المائة المدينة المنورة 2 في المائة الباحة وأبها وجازان 3 في المائة.
وأكدت نشرة طبية سعودية صادرة عن وزارة الصحة، أن عدد السعوديين المصابين بالإيدز بلغ 1509 مصابين، وأن أغلبها سجلت في مدينة جدة تليها الرياض ثم الدمام وعسير، وأن نسبة المرضى السعوديين من الذكور من بين إجمالي المصابين السعوديين تبلغ 77 في المائة فيما تبلغ نسبة الإناث 23 في المائة، وتنفق وزارة الصحة 24 مليون ريال (6.5 ملايين دولار) على حملات توعية لمكافحة الإيدز، فيما كشفت آخر إحصائية لوزارة الصحة عن تزايد حالات جديدة بالإصابة بمرض نقص المناعة المكتسب 1233 حالة 431 سعودي 831 غير سعودي عام 2012 ووصل في عام 2013م 18762 حالة مصابة بنقص المناعة المكتسبة وأن 96 في المائة ناتجة عن علاقات جنسية وتعاطي المخدرات بالحقن و1.5 في المائة من الأم إلى الجنين.
خير وقاية
من جهته، أكد المدير الطبي لمستشفى الأمل في جدة الدكتور خالد العوفي، العلاقة وثيقة بين الإصابة بالإيدز والمخدرات، وقال «تعاطي المخدرات بحد ذاته مشكلة وانحراف يجلب لصاحبه الضرر، حيث إن استعمال إبر وحقن ملوثة تصيب المدمن بالفيروس ثم ينقلها إلى غيره من المدمنين من أقرانه فيصيبهم» ويضيف «العفة خير وقاية من الإصابة بفيروس الإيدز، فالابتعاد عن السلوكيات المحفوفة بالمخاطر هي السبيل الوحيد لاجتناب العدوى».
واعتبر استشاري الأمراض المعدية ومدير الجمعية السعودية للأمراض المعدية والأحياء الدقيقة الدكتور نزار باهبري، حقوق مريض الإيدز مهدرة وهي حبر على ورق، وقال «مريض الإيدز منبوذ في المجتمع ويوصم وصمة عار، وينظر إليه أنه صاحب أفعال مشينة، رغم أن الإيدز لا ينتقل بالضرورة عبر العلاقات المحرمة فقط»، ويضيف «تشير إحصاءات العالم العربي إلى أن مقابل اكتشاف كل حالة إيدز يقابلها وجود 8 - 10 حالات غير مكتشفة على اعتبار وجود كثير من أفراد يحملون فيروس الإيدز ولا يعلمون بحقيقة مرضهم».
فحص إلزامي
وأكد أخصائي باطنية الدكتور محمد حمدي، تنوع وسائل فحص المرض في المملكة ومنها الفحص الطوعي للمريض دون الكشف عن هوية الشخص الذي يخضع للفحص، وكذلك فحص ما قبل الزواج وهو إلزامي ومهم جدا لأن 97 في المائة من النساء أصبن بالإيدز داخل العلاقة الزوجية، مشيرا إلى أن الأم الحامل المصابة بالمرض تخضع للعلاج بالأدوية حتى الولادة الطبيعية أو القيصرية وفق ما يراه الطبيب المعالج مبيناً ولادة أطفال غير مصابين بالمرض من أمهات مصابات في المنطقة.
وأوضح استشاري الأمراض المعدية والإيدز في مستشفى الملك فهد في المدينة المنورة الدكتور خالد محمد غليله، أن مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) يصيب أجهزة المناعة فينهكها مما يؤدي إلى ظهور مجموعة من الأمراض والأورام الانتهازية، وبين غليله وجود نوعين من اختبارات الأضداد تستعمل لتشخيص العدوى بفيروس نقص المناعة البشري ويمكن طلب الفحص من مراكز الرعاية الصحية الأولية أو المستشفيات، لأن طرق العدوى عديدة منها العلاقات غير الشرعية والشذوذ الجنسي بين مثليي الجنس وحقن المخدرات الملوثة والوشم، أو عن طريق الأم المصابة إلى جنينها.
وقال «لا يوجد علاج شاف لمرض الإيدز يخلص المصاب من الفيروس، ولكن يتوفر العلاج الفيروسي الثلاثي الذي يقلل من تواجد الفيروس في الدم لنسب ومستويات غير مكتشفة بأجهزة الكشف الفيروسي المخبري، مما يحد من انتشار العدوى للآخرين ويساعد المصاب في مقاومة الأمراض، وأن العقاقير الموجودة حاليا تجعل من مرض الإيدز مرضا مزمنا غير قاتل شريطة المداومة على العلاج وتبلغ تكلفة علاج المريض ما بين 70 - 80 ألف ريال سنوياً.
توعية صحية
وبحسب مساعد مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة المدينة المنورة الدكتور خالد ضيف الله الحربي، فإن وزارة الصحة تقوم بالعديد من الجهود لمكافحة مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) ومنع انتشاره في المجتمع من خلال التوعية الصحية وتعريف مختلف فئات المجتمع لاسيما الشباب بالمرض وطرق انتقاله والوقاية منه عبر منه وسائل التوعية المقروءة والمسموعة والمرئية وإقامة الندوات والمعارض بصفة مستمرة، على جانب إخضاع المقبلين على الزواج والمتبرعين ونزلاء السجون ومتعاطي المخدرات لفحوصات الدم للتأكد من خلوهم من الفيروس.
وأضاف الحربي، هناك مراكز ثابتة ومتحركة لتقديم المشورة والفحص الطوعي للفئات المستهدفة من أجل التشخيص المبكر للحالات، وإقامة مركز لمعالجة المصابين بالفيروس من السعوديين وتقديم الخدمات العلاجية وفقاً لأحدث العلاجات المكتشفة وإشراك جميع فئات المجتمع في محاربة الفيروس من خلال إنشاء الجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي تعنى بمحاربة هذا المرض، لافتا إلى أن انتقال فيروس الإيدز لا يتم إلا عن طريق الدم أو الاتصال الجنسي، ولا يستدعي العزل الصحي للمصابين بالفيروس ما لم يكونوا مصابين بمرض معد آخر يستدعي عزلهم.
3 مراحل
وأشار استشاري طب الأسرة ومدير مكافحة الأمراض المعدية ونواقل المرض في صحة المدينة المنورة الدكتور حسن علي الذبياني، إلى أن الإصابة بفيروس الإيدز تمر بعدة مراحل المرحلة الأولى مرحلة العدوى وتبدأ بعد انتقال الفيروس للجسم بفترة 2-4 أسابيع في غالب المصابين وقد تمتد هذه المرحلة في البعض إلى ثلاثة أشهر، وأهم أعراض هذه المرحلة التعرق الليلي، تورم الغدد اليمفاوية، الفتور، التقرح الجلدي، وتقرحات الفم وقد تمر على بعض المصابين هذه المرحلة دون ظهور أي من هذه الأعراض، ويكون المصاب بالفيروس خلال هذه المرحلة معدياً جداً إذا مارس أي من وسائل انتقال العدوى مع شخص سليم، أما المرحلة الثانية أو مرحلة العدوى الكامنة فتأتي بعد انتهاء مرحلة العدوى الحادة وقد تمتد لمدة عشر سنوات أو أكثر، وفي المرحلة الثالثة والأخيرة وهي مرحلة متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) يتمكن الفيروس من تدمير خلايا الجهاز المناعي ليصبح جسم المريض عرضة للعديد من الميكروبات الانتهازية التي قد تؤدي للوفاة.. لافتا إلى أن علامات مرض الإيدز تظهر عندما يتسبب الفيروس في تدمير خلايا الجهاز المناعي ليصبح جسم المصاب عاجزاً عن مقاومة الميكروبات والجراثيم المسببة للعدوى الانتهازية، ومن تلك الأعراض الحمى، الإسهال المزمن، التعرق الليلي، الفتور العام، الهزال الشديد، الطفح الجلدي.
عدو مبين
وسلط الباحث والمحلل الاجتماعي والصحي المشرف على برنامج خدمة المجتمع بمركز مكة الطبي بالعاصمة المقدسة جمعه الخياط، الضوء على مرض نقص المناعة المكتسبة من المنظور الشرعي والاجتماعي والصحي وكيفية الوقاية منه والتعايش معه، وقال «من الناحية الشرعية أن مرض الإيدز عدو مبين يسعى إليه الإنسان وهو وليد الفاحشة والخيانة يترعرع عندما تتكسر حواجز الخجل وتموت القيم ويفقد الضمير صلاحيته، إنه حكم بالإعدام ولا استئناف فيه، ومن الناحية الطبية فإن فيروس ( HIV ) المخادع يتحرك بسرعة مذهلة ويصيب الخلايا الليمفاوية فيضعف مقاومة المصابين للأمراض المختلفة ويجعلهم عرضة للإصابة بأنواع غير مألوفة من الكائنات الميكروبية والفيروسية والفطريات والتي ربما كانت تتعايش مع الشخص في سلام قبل إصابته بهذا الفيروس الخطير».
وأضاف، «حصد الإيدز أرواح ما يقارب 30 مليون شخص في العالم منذ ظهوره عام 1981 م ووصل عدد المصابين به حتى الآن أكثر من 40 مليون شخص ولا يزال عدد المصابين في تزايد حتى وصل إلى نحو مليون شخص سنويا والمصاب به عبارة عن إنسان حكم عليه بالإعدام وينفذ به يوميا».
مرض معقد
وقال استشاري الميكروبيولوجي ورئيس قسم مكافحة العدوى بمستشفى حراء العام بالعاصمة المقدسة الدكتور سيد زاهد بخاري، أن مرض نقص المناعة المكتسبة من الأمراض الصحية المعقدة وينتج من الإصابة بفيروس نقص المناعة الآدمي حيث تم اكتشافه عام 1981م بداية بالولايات المتحدة الأمريكية وانتشر بعد ذلك في العالم كله. وذكر بخاري أن إجمالي المصابين بفيروس الإيدز من الكبار والأطفال كان 35.3 مليون وكانت حالات الإصابة الجديدة 2.3 مليون ووصلت الوفيات المرتبطة بمرض الإيدز إلى 1.6 مليون وبلغ عدد الأطفال الذين فقدوا أحد الوالدين أوكليهما 17.3 مليون، ومعدل الإصابة بين البالغين (من سن 15 – 49 عاما) بلغ 0.8 في المائة، وفي المملكة فإن النسبة ضئيلة جداً لم تصل إلى 1 في المائة. وأضاف «قامت وزارة الصحة بجهود حثيثة في مكافحة الإيدز مثل اختبار جميع أكياس الدم وأكياس البلازما والصفائح لفيروس الإيدز قبل نقل الدم أو أحد مكوناته إلى المرضى، وفحص ما قبل الزواج وهو ما يسمى بالزواج الصحي واتباع الأساليب الحديثة للتخلص من الإبر والنفايات الطبية في المستشفيات الحكومية والأهلية.
متابعة دقيقة
ومن جانبه أكد استشاري نساء وولادة بمستشفى حراء ومساعد مدير المستشفى للخدمات للطبية الدكتور ماهر خليفة عن ضرورة متابعة العلاج للسيدات الحوامل المصابات بالإيدز أثناء الحمل، لاحتمالية تقليل نقل العدوى من 25 في المائة إلى 2 في المائة عند أخذ الاحتياطات اللازمة أثناء الحمل وبعد الولادة ويمنع رضاعة الطفل بعد الولادة.
وذكر أستاذ علم الاجتماع بجامعة حائل وعميد معهد البحوث والخدمات الاستشاري الدكتور عبدالله محمد الفوزان، أن مرض الإيدز لم يعد قضية طبية صرفة وإنما له أبعاد اجتماعية سواء من حيث مسبباته أو من حيث نتائجه وآثاره، فهو في العادة نتيجة لتصرفات اجتماعية خاطئة تتمثل في ممارسات جنسية محرمة أو تعاطي المخدرات عن طريق الحقن فينتقل من شخص مصاب إلى شخص آخر سليم، أوعن طريق نقل دم مصاب بالفيروس عن طريق الخطأ إلى شخص يحتاج إلى نقل الدم.
وأردف، يتمثل البُعد الاجتماعي الآخر للمشكلة في كون الإصابة بمرض الإيدز تترك آثارا نفسية واقتصادية واجتماعية كثيرة على الشخص المصاب وأسرته والمجتمع بأسره، فإلى جانب الشعور بعقدة الذنب والخوف من النبذ الاجتماعي والحرمان من العمل، هناك جملة من الآثار الاقتصادية المكلفة بحثا عن العلاج من قبل الفرد المصاب أو أسرته، ناهيك عن حجم الميزانيات الضخمة التي تصرفها الحكومات في سبيل الوقاية ومعالجة المصابين.
اكتشاف مبكر
وأكد الدكتور محمد إبراهيم الأعرج تخصص علم الأدوية في كلية الطب بجامعة حائل، دور الإعلام الكبير في إيصال رسالة التوعية والتثقيف لأفراد المجتمع والمتعايشين من أجل تعديلات السلوك الخاطئ والتركيز على التعريف بضرورة الفحص عن الإصابة بفيروس الإيدز لمنع انتقال العدوى فيما أن الاكتشاف المبكر للمرض يساعد على علاجه بالإضافة إلى كيفية التعامل مع المتعايشين، فيما أكد الدكتور محمد حسن عاشور مستشار تربوي وأسري ومحاضر أكاديمي في مجال التربية وعلم النفس، التباين الملحوظ في تعامل أفراد المجتمع مع المرضى بن المتعاطف والخائف أو الرافض خصوصا وأن كثيرا من المصابين يعمدون إلى نقل العدوى إلى آخرين بشكل أو بآخر حسرة على أنفسهم.
نشر الوعي
وتعد الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الإيدز بجدة، أول مؤسسة من نوعها في الخليج العربي تعنى بنشر الوعي الصحي عن مرض الإيدز، إلى جانب مساعدة المصابين، وتدريب الحالات وتعديل السلوكيات غير الآمنة لدى الفئات الأكثر عرضة للإصابة، ومن أهداف الجمعية تقديم الخدمات الصحية والاجتماعية والنفسية للمتعايشين مع فيروس الإيدز مجانا، وإيجاد الحلول المناسبة لما يواجه المتعايشين مع هذا الفيروس من معوقات مادية واجتماعية، إلى جانب مساعدة المرضى في الحصول على التأهيل المهني، وتطوير المهارات الحرفية لديهم بتقديم دورات تدريبية وإقامة مشاريع توظيف للمرضى وأفراد أسرهم القائمين بإعالة الأسر.
واستفاد من خدمات الجمعية 2000 شخص، حيث يتم التعامل معهم ومع أسرهم وتقديم الخدمات للأسرة التي يوجد بها متعايش مع الإيدز بشكل كامل وليس مع المصابين بالإيدز فقط، وأن الذين تم توظيفهم في العمل المناسب لهم حاليا 23 متعايشا مع فيروس الإيدز، وأن عدد الأسر التي سجلت في الجمعية خلال العام الماضي 13 أسرة بواقع 47 فردا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.