رأى مختصون في حديث ل «عكاظ» أن تنفيذ حكم القتل رميا بالرصاص له اعتبارات معينة، منها أن تكون مماثلة لقتل الجاني بنفس الوسيلة التي استخدمها لترويع وقتل المجني عليهم، ويمثل ردعا قويا لكل من تسول له نفسه الإقدام على مثل ما أقدموا عليه، وحفظ الأمن وحمايته من المتربصين. ففي الجانب الشرعي، أوضح أستاذ الفقه في قسم الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح بن غانم السدلان أن من أهل العلم من يرى إقامة الحد أو القصاص على مستحقه حدا يكون بالسيف فقط، فإذا أحضر الجاني فيضرب بالسيف ضربة واحدة تقطع عنقه وهذا قول الأكثر. القول الثاني من أقوال أهل العلم أن القاتل يقتل بمثل ما قتل به، فإن كان القاتل استخدم المسدس أو الرشاش، فإنه يفعل به كذلك، وإن استعمل الطعنات فإنه يفعل به كما فعل، وإن كان عزره بمعنى قطع أطرافه أو جدع نفه أو شفتيه أو فقأ عينيه فيفعل به مثل ما فعله وهذا الأنكى، ويدل على ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في قصة اليهودية التي وجد رأسها مرضوضا، فكانوا يقولون لها سائلين: أقتلك فلان؟ أقتلك فلان؟ وهي لا تتكلم.. فلما قيل لها أقتلك فلان وأسموه باسمه فأشارت برأسها نعم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤتى به ويرض رأسه بين حجرين كما فعل بها. وأضاف السدلان: هذا هو الأنكى للجاني أن يفعل به كما فعل، وهناك من القتلات ما جاءت آلة تنفيذها محددة كما جاء في الأثر حد الساحر ضربة بالسيف، ولكل دليل على ما يقول، فالذين ذهبوا إلى أن الحد والقصاص لا يكون إلا بالسيف يقولون هذا تعزير ولو قتل بغير السيف يكون تعزيرا له وليس هناك أعلى من الحد، فإذا جمعنا ببين الحد والتعزير ما عندنا دليل على هذا، والذين قالوا يقتل بمثل ما قتل يقولون نجمع بين الحد والتعزير، لكن لا يرد على الجناة إلا مثل هذا وهذا الأقرب للصواب. الجانب القانوني قانونيا، يذهب القاضي السابق والمحامي حاليا الشيخ محمد بن سعود الجذلاني إلى أن هناك نصوصا شرعية توضح المسألة، مؤكدا أن القصاص مبدأ عادل ومقرر بالشريعة، متى ما تيسر القصاص دون اعتداء. وقال: المنهي عنه الاعتداء، والمطلوب ضمان القتل بمثل ما حصلت به الجناية بدون زيادة، أو إيلام الجاني، أو عدم وقوع التمثيل لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فالمسألة شرعية بحتة، ولدينا في الحديث النبوي الشريف في قصة العرنيين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل العرنيين والتمثيل بهم، فسملت أعينهم وصلبوا وكانوا يستسقون فلا يسقون، وقتلهم قتلة شنيعة لشناعة جرمهم. وأضاف: هناك فرق بين القصاص في الجروح والقصاص في القتل، فالجروح تحكمه قواعد معينة، وأحيانا لا يمكن القصاص بالمثل لكي لا يزيد على قدر ما اعتدي عليه، لكن القاعدة العامة تنص على استقرار الفقه الشرعي والقضاء على أن يكون القصاص ضربة بالسيف ضربة واحدة بغض النظر عن أسلوب قتل القاتل. الرأي النفسي من الناحية النفسية، يوضح استشاري الطب النفسي الدكتور محمد شاووش أن مفهوم الحد إقامته بالسيف، حتى تشفى صدور ذوي المجني عليه، أما قتل الجاني بالرصاص فإنه أكثر وقعا على الآخرين، وبالتالي يكون ردعا قويا وردا لاعتبار الذين تأذوا من الجناة، فيعطيهم القناعة بما تم تنفيذه من حكم، وأضاف: في اعتقادي أن السيف أسرع لأنه يأتي على الحبل الشوكي مباشرة، فيفصل الرأس ويقطع الحبل الشوكي، ويقطع الإحساس في أسرع وقت بدون حصول ألم. ترويع الآمنين من جانب أمني، قال اللواء متقاعد يوسف مطر مدير شرطة منطقة مكةالمكرمة السابق إن من يروعون الآمنين بالأسلحة ويقتلون ويرهبون المجتمع يستحقون جزاءهم الشرعي، وأن ينفذ فيهم ما أمر الله، وأضاف: كل من قام بالحرابة أو السطو أو السرقة بالإكراه هؤلاء يجب أن ينفذ فيهم حكم الله، وإقامته بهذه الطريقة فيه ردع للآخرين وتخويف لهم من الوقوع في براثن الجريمة. القانون الجنائي من جانبه، أوضح رئيس فرع هيئة التحقيق والادعاء العام في منطقة مكةالمكرمة سابقا وأستاذ الدراسات العليا في القانون الجنائي الدكتور عبدالرزاق الفحل أن أحد أعضاء هيئة كبار العلماء رأى جواز إقامة الحد قتلا بالرصاص طالما كان الأسرع، والهدف إزهاق الروح بأي آلة تؤدي الغرض، مع مراعاة جانب الرحمة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة. وأضاف: لا يلزم تنفيذ الحد بنفس نوع آلة الجناية، فقد يكون السطو غير مؤد إلى موت أو مجرد محاولة ضرب وإزهاق روح ونوع من التمادي في العصيان، لكن الأهم في ذلك: تنفيذ توصية القاضي، بحيث تراعى وتنفذ ويقتل في كل حال بطريقة حسنة، ويتم الرجوع لتوصية القاضي طالما أن المبدأ العام يجيز ذلك.