هناك إجماع على وجود أزمات مالية طاحنة في الأندية السعودية وعجز سنوي في ميزانياتها، وفقط يبدو الاختلاف في مسببات هذا العجز حيث ترى الأندية على لسان مسؤوليها أن رابطة دوري المحترفين هي من فاقمت العجز وتسببت في هذا الوضع لأنها دخلت منافسا للأندية بدلا من أن تكون معينا لها في تجاوز عجزها المالي إضافة إلى تقاعسها في البحث عن رعاة، فيما يرى القائمون على الأمر في الجانب الآخر بأن الأندية هي من تسببت في الأزمة بسبب رفعها سقف عقود اللاعبين وتوريطها لأنفسها، كما يرى رأي آخر بأن الأندية مطالبة بتنويع مصادرها، وأن تراجع عوائد النقل فاقم من أزمة تلك الأندية على الصعيد المالي. ابن ناصر: تلاعب من تحت الطاولة في البداية أرجع الدكتور صالح بن ناصر رئيس لجنة الاحتراف وشؤون اللاعبين عجز الأندية المالي إلى الأندية نفسها: «للأسف الأندية هي من تسببت في هذه الأزمة وإليها يعود تحسن هذا العجز متى ما تصرفت إداراتها بعقلية وموازنة دقيقة، ولكن الملاحظ هو سوء التصرفات الإدارية لما يخص أموال النادي، فنحن عملنا ما علينا وسبق أن وضعنا سقفا محددا لعقود اللاعبين ولكن للأسف لم يتم التقيد به وتلاعبت الأندية بهذا التحديد من تحت الطاولة وهذا ما لم نستطع السيطرة عليه وكان ذلك ناتجا عن التنافس من قبل إدارات الأندية وأعضاء شرفها على لاعب ما أدى لارتفاع أسعار اللاعبين السعوديين فحدث العجز المالي فيها نتيجة للتحدي والعناد الحاصل بين رؤساء الأندية الأمر الذي كان له تأثيره على اللاعبين السعوديين وعلى عطائهم، وبالتالي قتل الحماس في أنفسهم للتقدم للأمام نتيجة لتوقيعهم عقودا بمبالغ ضخمة لم يحلموا بها فانعكس ذلك على خزائن الأندية التي بدأت بالشكوى من الضائقات المادية نتيجة لغياب التخطيط والمحاسبة». ويضيف الدكتور صالح قوله: «الحل في نظري يكمن في الخصخصة» فما لم نتجه لإقرارها فلن يكون هناك حل، بشرط أن تطبق كما طبقت في أندية العالم فعندها ستسير أنديتنا بنظام الشركات وستكون هناك أنظمة إدارية ومالية تحد من هذا الهدر المالي غير المبرر». المدلج: نحن مثل الأندية الإسبانية من جانبه، أكد الدكتور حافظ المدلج على أهمية هذا الموضوع الذي أثر على الأندية فقال: «لاشك أن الأزمات المالية التي تمر بها الأندية من الموضوعات الهامة ولتفاديها أو على الأقل الإقلال من تأثيرها هناك أمران هامان، أولهما: أن نعطي القوس باريها.. والثاني: أن نتعلم من تجارب الآخرين الذين سبقونا في هذا المجال، فأنديتنا ليست الوحيدة التي تعاني من شح المادة أو عدم وجود رعاة لها، كما أن المشاكل المالية ليست حكرا على أنديتنا دون بقية الأندية في العالم، فعلى سبيل المثال أغلب الفرق الإسبانية لا يتوفر لها رعاة .. ولكن لن نقف مكتوفي الأيدي ونبكي ونلطم فهناك مجالات كثيرة وفرص استثمارية للأندية قد تدر عليها الأموال التي تسهم في مسيرتها.. فمثلا عوائد النقل التلفزيوني تعد ضعيفة ولدي معلومات مؤكدة أن شركات قدمت 300 مليون مقابل ذلك فيما لو تم طرح النقل بشكل تنافسي ولكن الموضوع حول للقنوات السعودية مقابل 150 مليونا ما أفقد الأندية 150 مليونا وهنا يجب طرح النقل بشكل تنافسي أو أن تقوم وزارة المالية بتعويض الأندية.. كما يجب عليها السعي لتنوع مصادر دخلها من خلال استثمار منشآتها وتنوع الرعاة لها مع ضرورة قبولها بالقليل، فالطمع قادهم إلى رفض قبول عرض شركات جلبتها رابطة دوري المحترفين لرعاية قمصان الأندية ولوحاتها بمبلغ مليوني ريال ولو وافقوا قبل ثلاث سنوات لتضاعف المبلغ، فليعلم الجميع أن رابطة دوري المحترفين وجدت من أجل الأندية وأنها معهم في مركب واحد». المعمر: ابحثوا عن الرعاة في المقابل يرى نائب رئيس نادي الشباب خالد المعمر ضرورة تحرك مجالس إدارات الأندية لتلافي ذلك من خلال مختصين لهم الدراية الاستثمارية التي تمكنهم من إيجاد الرعاة لأنديتهم: «يجب على إدارات الأندية التحرك من خلال مختصين لإيجاد رعاة لأنديتهم، فالرعاة لن يأتوا ويطرقوا أبواب الأندية ما لم يكن هناك تحرك إيجابي منها». وأضاف: «يجب ألا نطالب رابطة دوري المحترفين بالقيام بكل المهام فالأمور المادية تعود لإدارات الأندية من خلال تنويع مصادر دخلها واستثمارها لمنشات النادي». واستطرد المعمر قائلا: «أخالف من يرى أن الحل سيكون بالخصخصة فهي ليست العصا السحرية لحل المشاكل المادية فالخصخصة تعد الخطوة الأخيرة التي يجب إقرارها بعد ان تثبت الأندية للمستثمر ربحيتها من خلال تحركاتها الإيجابية لتحقيق الاستثمار الأمثل». الحربي: الرابطة منافسة وليست معنية بينما يرى مسؤول الاستثمار بنادي النصر بدر الحربي أن الحال الذي وصلت له الأندية وسوء أحوالها المالية تقع مسؤوليته بالدرجة الأولى على رابطة دوري المحترفين: «من المعروف أن رابطة دوري المحترفين هي المسؤول الأول عن جلب المستثمرين والرعاة للأندية ولكن للأسف ما حدث أنها تحولت إلى منافسة لها والغريب أن المسؤولين فيها يطالبون الأندية بأن تتعلم من الرابطة فدخلت في منافسة للأندية بدلا أن تكون معينة لها وكان كل همها الصعود على أكتاف الأندية ولم تقم بواجبها بتوفير عقود تسهم في انتعاشها، بدليل أن رعاية الأندية في دوري زين لا تتعدى أصابع اليد الواحدة لأننا نعاني من سوء التخطيط الذي بسببه ستدخل الأندية السعودية في ليل أسود ليس بعده نهار». ويضيف الحربي بأن الحل البديهي لهذه المعضلة المادية التي تعاني منها الأندية السعودية سيكون في خصخصتها: «لن يكون هناك حل جذري لهذه المعضلة إلا بخصخصة الأندية، وهذا ما يتوجب علينا العودة للبداية من المربع الأول من أجل إعادة بناء الأندية .. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه .. هل نحن قادرون على تطبيق الخصخصة كما يجب؟ أشك في التوصل لإجابة مقنعة من كائن من كان..». وشدد الحربي على عدم تحميل إدارات الأندية أكبر مما تحتمل: «يجب على الجميع ألا يرمى بفشل التخطيط على إدارات الأندية فكل من فيها يعمل متطوعا، فكما أن هناك من جاء منهم بحثا عن الشهرة فهناك من جاء لها بحثا عن خدمة الرياضة السعودية وهم في الأخير يدفعون من جيوبهم مقابل ما يحصلون عليه». العجلان: تلافي الخطر بحلول سريعة كما أكد رئيس نادي الرياض السابق عجلان العجلان على معاناة الأندية ماليا حيث تسببت في عدم قدرتها القيام بواجباتها كما يجب: «هناك معاناة مالية تمر بها الأندية تسهم في تعطيل مخططات مجالس إداراتها ويظهر ذلك واضحا في أندية الدرجة الأولى أو الأندية التي لا تمتلك أعضاء شرف أو رعاة وهذا ما جعل غالبية أنديتنا تعيش في مهب الريح وتبدل أحوال بعضها من قوة إلى ضعف». وأضاف العجلان: «ما لم تكن هناك حلول سريعة وتحركات إيجابية لتلافي هذا الأمر فإن رياضتنا في خطر، والحل ربما يكون بسرعة إقرار الخصخصة على أن تكون البداية من الأندية الصغيرة فهناك رجال أعمال لديهم الاستعداد للاستثمار بها ومن ثم الانتقال للأندية الكبيرة، أما غير ذلك فلا أمل يرجى وكل الحلول ستبقى مهدئات لن تؤدي للشفاء». الشيخ: الفكر السلطوي هو السبب ويرى الإعلامي محمد الشيخ أنه من الظلم أن تبقى أنديتنا تعاني في ظل بقائها تحت مظلة الفكر السلطوي: «سيظل موضوع عجز الأندية السعودية ماليا هما يؤرق الجميع لما له من انعكاسات سلبية على مسيرة الكرة السعودية والتي ستظل تعاني وتعاني طالما بقيت تدار بفكر سلطوي من أشخاص عدوها ضمن دائرة أملاكهم الخاصة، وكل ذلك حدث كنتيجة طبيعية لغياب اللوائح والتشريعات التي تنظيم عمل إدارات الأندية وبالتالي انعكس تأثيره على الاستثمار وتحقيق الربحية فغابت الرعاية عن غالبيتها». وأكد الشيخ أن الأندية لن تقوم لها قائمة إلا بتفعيل الخصخصة «في ظل هذه الظروف لن تقوم قائمة لأنديتنا الا بالخصخصة وتفعيل ملفها الذي أنجزته لجنة خصخصة الأندية السعودية برئاسة الأمير عبدالله بن مساعد وهذا أمر لا بديل عنه والذي سيعود نفعه على كل الأندية السعودية وليس على بعضها كما يقال». وشدد الشيخ على ضرورة فتح الاستثمارات الأجنبية في أنديتنا: «من أجل إيجاد التنافس على الاستثمار في الأندية السعودية فلابد من فتح بابه للاستثمار الأجنبي كما فعلوا وفتحوا باب الاستثمار في أنديتهم».