كشفت «عكاظ» في الحلقتين الماضيتين طرق التهريب ومواقع انطلاقها خصوصا تلك التي ظهرت على سواحل القرن الأفريقي، وأشرنا إلى التكتيك الجديد لعمليات التسلل وخطوط وممرات سير العملية البحرية لعصابات التهريب، ووضحنا خط سير عمليات تهريب الأفارقة وما يتعرضون له من استغلال للزج بهم في عمليات تستهدف أمن الوطن. وفي الحلقة الأخيرة من هذا الملف نسلط الضوء على مسالك عمليات التهريب البرية الوعرة ذات الطبيعة الجغرافية القاسية التي يستغلها المتربصون بأمن واستقرار وطننا، كما نسلط الضوء على الجهود التي يبذلها رجال حرس الحدود والإمكانيات التي زودوا بها لإحباط هذه العمليات التي تستهدف أمن الوطن. وبداية فإن المطلع على إحصائيات مضبوطات رجال حرس الحدود بمنطقة جازان وارتفاع وتيرتها مؤخرا يلمس بجلاء أن هذا الوطن مستهدف، وأن ثمة رجالا يقفون بالمرصاد لهذه المحاولات، وبتوفيق من الله فإن أغلب تلك المحاولات من تهريب السلاح والمخدرات والمتسللين يتم إحباطها. المناطق الحدودية المتاخمة للحدود اليمنية بمنطقة جازان لها مشاكلها وهاجسها مع عمليات التهريب التي يتفنن فيها المهربون ويبتكرون طرق إخفاء عديدة لتهريب تلك الأسلحة إلى الوطن، مستغلين الطبيعة الجغرافية الجبلية الوعرة في بعض المواقع الحدودية والأحراش والغابات الكثيفة في مواقع أخرى كغطاء يكفل لهم تمويها يحجبهم عن أعين رجال الأمن ليتسللوا بمهرباتهم تارة على ظهور الحمير المدربة على التهريب، وتارة على ظهور العتالين الذين يشقون الطرق الوعرة والغابات. القرى المشتركة وتأتي القرى الحدودية المشتركة بين البلدين لتلعب دورا كبيرا في عمليات التهريب، حيث تجد أن ثمة منزلا يمنيا ومنزلا آخر سعوديا لا يبعد عنه سوى مترين تقريبا، وهي ضمن تداخلات حدودية مشتركة، ونتيجة لذلك فإن هذه القرى تعتبر مرتعا خصبا للمهربين والمتسللين الذين يختبئون في بعض المنازل المهجورة في تلك القرى تمهيدا لدخول المحافظات والمدن السعودية بما معهم من ممنوعات وأسلحة وما إلى ذلك من أدوات تخل بأمن هذا الوطن الغالي. أشجار التمويه أما في الأودية فإنهم يستغلون الأشجار والأحراش الكثيفة للتمويه وكغطاء يحميهم من أعين رجال الأمن وأغلب هذه الأودية وعرة المسالك، ورصدت عدسة «عكاظ» بعض عمليات التهريب والتخفي في الأحراش والغابات في بطون الأودية مستخدمين كل ما يمكن استخدامه لإدخال مهرباتهم إلى الأراضي السعودية، وفي هذه الأودية أغلب عمليات التهريب تتم عن طريق العتالين وسيرا على الأقدام وتتنوع المهربات من مخدرات بأنواعها إلى الأسلحة الخفيفة والمتسللين الأفارقة واليمنيين. الأسلحة المهربة وكحقيقة لا يمكن إغفالها أنه على الرغم من أن المهربين يتفننون في عملية إخفاء مهرباتهم لكن طرقهم لا تنطلي على رجال الأمن اليقظين الذين يكشفون مثل هذه المحاولات الرخيصة التي تستهدف أمن الوطن. وتحدث ل «عكاظ» قائد حرس الحدود بمنطقة جازان اللواء عبدالعزيز بن محمد الصبحي قائلا: «سيبقى رجال الحدود برا وبحرا عيونا ترقب حدود الوطن على مدار الساعة، وقبضة من حديد ستضرب كل من تسول له نفسه العبث بأمن بلد الحرمين الشريفين بعد أن وفرت لهم الدولة كافة الإمكانيات التي تساعدهم على إحباط كل متربص بأمنه وحدوده». وأضاف أنه بتوفيق من الله فإن رجال حرس الحدود على تخوم الوطن يقفون بالمرصاد لتلك المحاولات التي تستهدف حدود الوطن وقد قدم هؤلاء الرجال كل غال ونفيس، وتم دعمهم من قبل ولاة الأمر بكل الإمكانيات البحرية والبرية لدحر كل من تسول له نفسه البعث بأمن ومقدرات هذا الوطن الغالي. وأكد اللواء الصبحي أن جهاز حرس الحدود بمنطقة جازان قائم بمهامه في حراسة الحدود على طول الشريط الحدودي البري والبحري وفق خطط للدوريات البرية والبحرية يتم تحديثها باستمرار بحسب متطلبات العمل الأمني الميداني للتصدي لأي محاولة تهريب أو تسلل عبر حدود الوطن وأن المتورطين في عمليات نقل المتسللين عبر الحدود يطبق بحقهم العقوبات الواردة بنظام أمن الحدود ولائحته التنفيذية وتتم مضاعفة تلك العقوبة في حال تكرارها من الشخص نفسه، أما المتسللون فيتم تسليمهم للجهات المختصة حسب الإجراءات النظامية المتبعة في مثل هذه الحالات. وأشار إلى أن رجال حرس الحدود على استعداد تام لتقديم المزيد والمزيد للذود عن حياض الوطن وهم متأهبون على مدار الساعة برا وبحرا، مبينا أن المضبوطات وعمليات التهريب والتسلل التي أحبطت هي بفضل من الله عز وجل ثم بدعم ولاة الأمر يحفظهم الله لجهازنا وتوجيه ومتابعة مدير عام حرس الحدود الفريق الركن زميم السواط ونتاج جهود الرجال المخلصين بقطاعات حرس الحدود بمنطقة جازان الذين يعملون ليل نهار لحفظ أمن الوطن الغالي وسيبقون درعا واقيا يحمي حدود بلد الحرمين الشريفين ومكتسباته من عبث العابثين. وأبان أن رجال حرس الحدود بمنطقة جازان قبضوا خلال الشهر الماضي ربيع الأول 1433ه فقط على 28543 متسللا، و3093 ذخيرة متنوعة، و13 قطعة سلاح وقنبلة واحدة، و993 كيلو حشيشا، و737 حبوبا مخدرة، و141 زجاجة وسكي، و343 مهربا، و236478 قاتا.
