إذا صح أن عدد المبتعثين في الولاياتالمتحدةالأمريكية يفوق السبعين ألف مبتعثٍ فستكون أمريكا إذن أكبر تجمع لمواطنين سعوديين خارج البلاد. هذا الرقم الكبير يقتضي إعطاء مزيد من الدراسة والاهتمام. أنا مبتعث منذ سنة تقريبا وسافرت إلى بعض الولاياتالأمريكية والمدن المعروفة وغير المعروفة وفي كل مرة أواجه طلابا وعائلات سعوديين رغم شساعة البلاد الأمريكية وكثرة مدنها. وكنت قبل أن أحظى بالابتعاث أقرأ وأسمع عن المشكلات الكثيرة التي يواجهها الطلاب هناك، ولكني لم أكن أشعر بها شعورا دقيقا حتى جربتها. أبرز تلك المشكلات كالتالي: أولا: قلة عدد الموظفين في الملحقية مقارنة مع هذا العدد الهائل من الطلاب. لا يمكن تصور كيف لمجموعة قليلة أن تدير شؤون هذا الكم دون حدوث خلل كبير، فإذا طلب المبتعث طلبا معينا فإن عليه أن ينتظر أياما طوالا قد تمتد لشهر أو أكثر حتى يلبى طلبه.. وهو طلب غير معجز وإنما هو حق من حقوق الطالب التي توفرها له الملحقية. هنا يظن الطلاب أن ثمة تهاونا واستهتارا بهم من قبل الموظفين؛ ولكي نحسن الظن فإننا نقول إن قلة عدد الموظفين هو السبب الجوهري لذلك. فإذا تذكرنا أن الجامعات والمعاهد الأمريكية لا تخضع للبيروقراطية السعودية التي جلبتها الملحقية معها لأدركنا مقدار القلق الذي يعانيه الطلاب خوفا من ضياع الفرص عليهم؛ فالجامعات والمعاهد الأمريكية خاضعة لمواعيد دقيقة وصارمة لا يمكن تفويتها. ثانيا: من المشكلات المقلقة التي يعاني منها الطلاب هي أن المكافأة المالية لا تكفي أبدا. إنني أعرف أناسا يعتمدون على دخول إضافية تأتيهم من ذويهم وأسرهم، فما بالك بمن لا تستطيع أسرهم توفير الدخل الإضافي لهم؟! بل فما بالك بمن يعول معه أسرة تتكون من طفلين أو ثلاثة أو أربعة؟! إن غلاء المعيشة الفاحش في أمريكا لا يمكن أن تغطيه تلك المكافأة الزهيدة. وأظن وبعض الظن إثم أنني سمعت منذ مدة طويلة بنية الملحقية في زيادة على الأقل مكافآت الأطفال المرافقين.. ولكنها كما يبدو مثل مواعيد عرقوب. أعتقد أنكم تعرفونه!. وهناك من الطلاب من يشعر بالغبن عندما يقارن حاله بحال الطلاب المبتعثين من إخوتنا في دول الخليج. ثالثا: مدة دراسة اللغة. إنها لا تكفي أيضا. إن أغلب السعوديين لم يتلقوا تعليما جيدا فيما يتعلق باللغة الإنجليزية إذا قارنا بينه وبين الطالب الكويتي مثلا. فيأتي الطالب السعودي في الغالب بدون أية خلفية فيشعر بإحباط لا مثيل له عندما تمر الأيام وهو لا يكاد يفقه أساسيات اللغة. إن المشكل ليس في أنهم متكاسلون؛ فلم أقابل منذ جئت طالبا متهاونا أو متكاسلا. بل العكس فإنك تشعر بالشفقة عليهم حين ترى الإرهاق والقلق الذي هم فيه. أرجو من الإخوة المسؤولين النظر في هذا الأمر.. فالقلق لا يؤدي إلا إلى مزيد من القلق والتوتر!. أرجو ألا أكون متحيزا في اقتصاري على المبتعثين في أمريكا، فأنا أسمع بمشكلات الطلاب في البلدان الأخرى، ولكني جعلت حديثي عن مبتعثي أمريكا لأنني جربت معاناتهم ووقفت عليها مباشرة. إن هذه المشكلات ستؤدي بالفعل إلى إحباط هذه المهمة الجليلة «الابتعاث» وعدم انتفاع الوطن بها؛ وأول المحبطات هي رجوع آلاف من الطلاب إلى بلادنا خالين الوفاض؛ ليس لأنهم ليسوا أكفاء، بل لأن العوائق كانت أقوى منهم!.. فرفقا بهم يا سادة. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 118 مسافة ثم الرسالة