لاتزال محافظة أحد المسارحة ولا سيما مخططاتها السكنية الجديدة تعيش حالة من التخطيط العشوائي في ظل غياب رقابة الجهات المعنية للأحياء، وطرق البناء وتحديد الطرق، ووضع تصور مستقبلي للمحافظة خلال السنوات المقبلة ،فسقطت في فخ ضيق الشوارع لأكثر من 20 عاما لتستمر طوال هذه الفترة في صراع دائم مع الزحام، فيما يتطلع سكانها لافتتاح عدد من الدوائر الحكومية. تفتقر المحافظة الواقعة جنوبي منطقة جازان 70 كلم ويبلغ سكانها 20000 نسمة يتوزعون على 90 مركزا وهجرة وقرية، لفرع للضمان ومكتب للجوازات وكلية للبنات وأندية رياضية ،فضلا عن النقص الكبير في الحدائق والمرافق العامة ،في حين تقطع 1500طالبة في المحافظة مسافة 100 كلم ذهابا وإيابا في مشوارهن التعليمي لعدم وجود كليات في أحد المسارحة. كما تعاني المحافظة والقرى التابعة لها من شح المياه فتعتمد اعتمادا كليا على الصهاريج ، ونقص الخدمات الطبية المتمثلة في مستشفى المحافظة ومركز الرعاية الأولية، علاوة على تأخر مشاريع تصريف مياه الأمطار والطرق ،فيما تتفاقم معاناتها في ظل وجود أعداد كبيرة من العمالة السائبة مجهولة الهوية في كل حي وقرية وهجرة. مشاريع الطرق والحفريات «عكاظ» رصدت آراء عدد من المواطنين حول أبرز ما ينقص المحافظة من خدمات ،حيث أشار سلطان محائلي بداية ،إلى سوء التخطيط في شوارع المحافظة حيث أزيلت الطبقة الإسفلتية لإيجاد قنوات لتصريف مياه السيول، ولاتزال على حالها منذ عدة أشهر مما أحدث ارتباكا في الحركة المرورية، مضيفا «أشاهد يوميا تكسير الطرق لعمل التمديدات الأرضية حتى أصبحت شوارع المحافظة مسرحا لحفريات مشوهة» ،فيما أرجع محمد عطيف عشوائية الأحياء إلى جشع التجار موضحا أن الحد من هذه العشوائية يمكن في عدم تخطيط الموقع إلا بعد تطبيق المشاهدة الميدانية من قبل المهندسين.ولم يكن عمل الشركة المنفذة للمشاريع في المستوى المأمول ،كما يرى ذلك يحيى عبدالله، فهي ما إن تنتهي من تنفيذ مشروع طريق أو تصريف إلا وتظهر عليه بعض الملاحظات الهندسية، ويقول «تقدمنا بشكوى إلى البلدية،مطالبين بإعادة النظر في المقاول، منعا لاستنزاف أموال طائلة لمؤسسات وشركات ليست جديرة بالثقة ، ولكننا لم نجد تجاوبا من قبلها» . واستغرب فهد فقيهي بقاء شوارع وأرصفة المحافظة بدون أية صيانة لها طيلة الأشهر الماضية ،مناشدا بلدية المحافظة ،بصيانة الشوارع والأرصفة ،مشيرا إلى أن غالبية سكان المحافظة أصبحوا غير قادرين على الخروج من منازلهم مساء لإ نجاز أي غرض خشية من التعثر بسبب وعورة الشوارع والأرصفة. الضمان الاجتماعي ويرى الأهالي أن توفير مكتب للضمان الاجتماعي سيخفف عنهم عناء السفر إلى مكاتب الضمان في جازان وصامطة على بعد 100 كلم ذهابا وإيابا لصرف مخصصاتهم ،ما يعرضهم لمخاطر الطريق والحوادث المرورية التي يشتهر بها طريق جازان أحد المسارحة السريع ،مؤكدين أن مدينتهم تستحق افتتاح هذا المكتب لتزايد عدد سكانها وتمددها العمراني ،فيما اعتبر أحمد محمد أحد السكان افتتاح مكتب للضمان الاجتماعي ركيزة من الركائز الأساسية لدراسة أوضاع وحالات العوائل الفقيرة والأيتام والعجزة والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة وأسر السجناء وكبار السن والمقعدين. بنك التسليف والادخار واعتبر نهاري عبدالله افتتاح فرع لبنك التسليف في أحد المسارحة أمرا مهما للغاية ،مشيرا إلى أن المحافظة أصبحت في حاجة ماسة لهذا الفرع للاستفادة منه في الحصول على قروض خدمة للأهالي، وتوفيرا للوقت بدلا من هدره في عبور طريق طويل ليصلوا إلى مدينة جازان لإنهاء معاملاتهم،فيما استغرب أهالي المحافظة من عدم اهتمام البنوك بافتتاح فرع نسائي متخصص لخدمة العمليات البنكية للنساء رغم وجود المئات من المعلمات والموظفات والطالبات الجامعيات اللائي لديهن حسابات خاصة في مختلف البنوك خارج المحافظة. معاناة الطلاب و الطالبات ويودع أهالي أحد المسارحة وقراها يوميا أكثر من2000 طالب و طالبة يدرسون في كليات جازان وصبياء وصامطة وفرسان وأياديهم على قلوبهم خوفا من المصير المجهول الذي ينتظرهم في رحلة سفر يومية طولها 90 كلم تبدأ عند الساعة الخامسة صباحا ولا تنتهي إلا عند الساعة الرابعة عصرا في رحلة تستغرق أكثر من عشر ساعات يوميا يقطعون خلالها 180 كلم ذهابا وإيابا طوال أيام العام الدراسي ،ما يجعلهم عرضة لمخاطر الطريق والحوادث المرورية. والحال كهذا، ليس أمام بعض أولياء الأمور من خيار لمواصلة بناتهم دراستهن الجامعية ،فهم إما أن يرحلوا وأسرهم للإقامة قريبا من الكلية ،أو يتكبدوا وبناتهم عناء الرحلة اليومية ،ورغم الأعداد الكبيرة من الطالبات ،لا توجد وسيلة نقل رسمية حكومية لتوصيلهن إلى الجامعة أو الكليات ،مادفعهن للاتفاق مع وسائل نقل خاصة لنقلهن مقابل 500 ريال شهريا دونما مراعاة من أصحاب النقل لغالبية أهالي الطالبات من الفقراء وذوي الدخل المحدود. محافظة بلا حدائق ويضطر أهالي أحد المسارحة للتوجه إلى مدينة جازان أو المناطق الجبلية للتنزه والبحث عن ألعاب لأطفالهم والاستمتاع بالمدن الترفيهية و الأسواق والمجمعات ويعزى ذلك إلى انعدام الحدائق العامة، وافتقار المحافظة للمدن الترفيهية التي تعتبر المتنفس الوحيد للعوائل خصوصا الأطفال،حيث يعزو فايز عبدالهادي الرباعي معاناة الأهالي في هذا الجانب للخراب الذي تشهده تلك الحدائق من تكسير للألعاب المخصصة للأطفال وعدم الاهتمام بها من قبل البلدية ،ما جعلها أماكن مهجورة وغير مرغوب فيها من قبل العائلات لافتقارها لوسائل السلامة وتآكل بعضها بفعل الصدأ. أوكار للمجهولين وكشفت هذه الجولة في جانب منها، أزقة وشوارع المحافظة المظلمة والتي تحول جزء منها إلى أوكار للمجهولين خصوصا بين الأشجار والحقول الزراعية القريبة من المحافظة فيما يوجد مخالفون لنظام الإقامة والعمل بسبب عدم وجود دوريات أمنية لملاحقتهم، كما يلفت نظر الزائر أكوام النفايات التي تغطي الشوارع وتنتظر من يزيحها ويريح الأهالي من روائحها الكريهة وانتشار الحشرات والذباب والكلاب الضالة ،فالنظافة كما يقول المواطن محمد حسين تكاد تكون معدومة في المحافظة فلا نشاهد سيارات الحاويات الخاصة بالبلدية إلا مرة واحدة كل شهر، فيما يطالب السكان بنقل الورش الصناعية من داخل المحافظة إلى المدينة الصناعية الجديدة. انقطاع المياه وعبر عدد من سكان محافظة أحد المسارحة عن معاناتهم من انقطاع شبكة المياه على مدى السنوات الثلاث الماضية في ظل غياب فرع وزارة المياه من تلك الانقطاعات ،ما أجبر السكان على جلب صهاريج المياه بأسعار مرتفعة.وفي هذا السياق قال المواطن أحمد عطيف أن شبكة المياه انقطعت عن منزله منذ سنتين مما أجبره على جلب صهريج مياه كل يومين بسعر 80 ريالا . المستشفى العام ومن معاناة الأهالي أن مستشفى أحد المسارحة العام الذي يقدم خدمات صحية متواضعة، لم يعد قادرا على تقديم الخدمات الطبية للمراجعين في ظل الكثافة السكانية التي تشهدها المحافظة وزيادة نسبة الحوادث المرورية على الطرق السريعة حيث يعاني المستشفى من نقص في بعض الأقسام وإغلاق البعض وتعطل بعض أجهزة الأشعة والمختبر وقلة الأسرة داخل قسم التنويم مما يضطره لتحويل عدد من الحالات الحرجة إلى مستشفى الملك فهد في جازان ومستشفى صامطة. إلى ذلك، أوضح رئيس المجلس البلدي في أحد المسارحة محمد كليبي أن أسباب تهالك الشوارع يعود إلى الحفريات التي نفذتها البلدية لإقامة بنية تحتية من شبكات المياه والكهرباء والاتصالات ،وأن هناك دراسات للقضاء على العشوائية التي تنتشر في المحافظة.ومن جانبه أوضح نائب رئيس البلدية يحيى مشهور ،أن الحفريات في الشوارع سوف تتم إزالتها بسفلتة جميع الشوارع في المحافظة فور الانتهاء من مشروع المياه ،فيما يتم نقل الورش الصناعية داخل المحافظة إلى المدينة الصناعية الجديدة ،مرجعا أسباب توقف مشروع المدينة الصناعية في أحد المسارحة إلى عدم التزام المستثمرين.