هكذا ترزؤنا الأيام بمن يتوارى عن دنياواتنا بهدوء، ولما يجف صدى نبرات صوته عن المكان، مودعاً بابتسامة تخفي حزناً تستبينه بانتقاله المفاجئ إلى الرفيق الأعلى، تاركاً غصة.. وحسرة.. ودمعة حرى.. وحزناً مقيماً في نفوس محبيه، فأخي وزميلي الأديب الشاعر المربي الفاضل الأستاذ حسين بن عاتق الغريبي رحمه الله ربطتني به صداقة ود ومحبة تجذرت منذ فجر «الاثنينية»، بحضوره الفاعل، وألقه المفتون بحب الكلمة، فكان معها قلباً وقالباً.. في تطورها ومشوارها الثقافي، فمنحها شذرات فكره اللامع، وحيويته المتدفقة، بعد أن قدم الكثير لوطنه عبر مشواره التربوي الحافل بالعطاء والوفاء، وبمؤلفاته ومقالاته وأشعاره التي أثرى بها المشهد الثقافي والأدبي بدءاً ب«الرائد» و«البلاد السعودية»، وانتهاء ب«الندوة» و«البلاد»، وغيرها من الصحف والمجلات.. نافس نفسه، وارتقى بوجدانه؛ ليعيش أمانيه وآماله في كون مترع بالحركة.. ويجدد في نفسه النشاط الدائم، ملتحفاً بالحلم أينما سار، يتخذه دثاراً وشعاراً. كان باراً بسيدي الوالد – رحمهما الله – مبادراً بتوثيق مسيرته الأدبية في «الغربال» و«الأعمال الكاملة» بجهد كبير، وعمل مضن، ودأب رصين يذكر فيشكر. بادلته «الاثنينية» حباً بحب، فكان فسطاط حركتها، وربان نشاطها، بنصاعة السريرة، وألق السيرة، فكان لها ومعها، لم ينقطع عنها حتى اللحظات الأخيرة من عمره، تاركاً بصمات واضحة المعالم في كثير من إنجازاتها.. عمل بدأب وإخلاص وتفان، كان أداؤه دقة في حرص، ومهارة في خبرة، وتوثيقاً في انضباط، وحنكة في روية، وتنظيماً في أناقة، كان جميلا في صداقته، رائعاً في مبادراته، لماحاً في تعليقاته، أريحياً في تواصله، صادقاً صدوقاً في تعاملاته مع زملائه في جهاز «الاثنينية» الذين كان يحفهم بنبله وخلقه وعضده.. فبادلوه حباً واحتراماً وإكباراً.. فكان نعم المؤازر، نعم الصديق، ونعم الزميل. نسأل الله عز وجل في عليائه أن يتغمده بواسع رحماته، ويدخله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وأن يلهم آله وذويه ومحبيه، ووطنه ومواطنيه، الصبر وحسن العزاء.. ويجعلنا من الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا: «إنا لله وإنا إليه راجعون». عبد المقصود محمد سعيد خوجة