مجموعة من التلاميذ الأطفال يقومون بتقليد مجموعة مختلفة من الشعراء النبطيين الشعبيين في مشهد غاب عنه شعراء العربية؛ كالمتنبي والبحتري والبارودي وشوقي وحافظ إبراهيم وحمزة شحاتة وغيرهم .. وإن كان التقليد يعد موهبة لدى أولئك الأطفال مما يدل على مقدرة في الحفظ، وتقمص للشخصية، وتحكم في نبرات الصوت وغيرها.. ومن حق كل إنسان أن يبدي اهتماما في أي هواية يهواها ويحبها، لكن الكلام حين يخص الأطفال، فإن هذا الأمر يستدعي منا وقفات ووقفات!! فالطفل الذي يقلد شاعرا شعبيا قد وجه عنوة إلى متابعة القنوات التي تبث أخبار أولئك الشعراء، أو ربما جاء من تأثره بأقرب الناس إليه ألا وهو والده الذي يمضي الأوقات الطوال في متابعة الشعراء عبر قنوات التراث الشعبي والشعر النبطي، ولا بأس بشعر شعبي له قيمة أخلاقية، أو وصف للطبيعة، لكن الخطر يكمن في التعصب القبلي، أوالتغزل، أوالتفاخر المبالغ فيه، ناهيك عن خطر تفشي مفردات اللهجات المزاحمة للمفردات الفصيحة التي يتعلمها الطفل من أجل تقويم لسانه، وإكسابه ثروة لغوية لفظية فصيحة. كيف عرف طفل عمره عشر سنوات أسماء كثير من الشعراء الشعبيين، وأدرك حركاتهم، وطريقة إلقائهم للشعر بينما هو لا يعرف أي أديب سعودي، أو حتى من أدباء العصور الماضية مما يدل على قوة تأثير الإعلام وبرامجه، والفضاء وقنواته.. وهذا يذكرني ببرامج لن تنسى بسبب تأثيرها الإيجابي، وهي برامج كانت تنتج من قِبل مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي التي كانت موجهة للأطفال كحلقات (افتح يا سمسم) ونصوصه المكتوبة بلغة عربية جيدة، أو (المناهل) أو (قصص من الأدب العالمي)، ومدى تأثير تلك القصص علينا بألفاظها الجميلة، وأفكارها البديعة، وقيمها الراسخة في زمن كانت الإمكانات فيه متواضعة نوعا ما، لكن الرسالة كانت سامية، بينما الآن في عصر التقدم والمعرفة وبدلا من تأصيل اللغة، والرقي بها عدنا إلى القبلية، واللهجات، والنعرات.. ومع من؟! مع أطفالنا!!