• في البدء حضورك الشعري للفعاليات خارجيا أكثر من حضورك داخليا .. هل ترين أن هناك إهمالا من قبل مؤسساتنا الثقافية تجاه المبدع المحلي؟ لا أستطيع الحكم بالإطلاق في هذا الأمر، على حد علمي فإن العديد من الأسماء المحلية تشارك في فعاليات محلية عدة، إلا أن بعض الفعاليات الداخلية تكرر أسماء بعينها وتغفل أخرى، ك «سوق عكاظ» مثلا الذي لم يسبق أن وجهت لي دعوة للمشاركة فيه. فقط أخشى أن بعض مؤسساتنا الثقافية تنظر للمبدع المحلي نظرة (الهدف القريب) الساكن بين الأيادي.. لست مع تهافت المبدع على الإعلام ولا مع استجدائه للأضواء، ولكنني في الوقت ذاته أقف ضد تهميش المبدع السعودي من أية مؤسسة ثقافية كانت. وتبقى للمشاركات الداخلية أهميتها ومذاقها الخاص. أما المشاركات الخارجية فتحكمها معطيات تجعل المبدع محط أنظار الخارج أيضاً، وفي هذا مكسب للداخل، فالمبدع الذي يشارك في الخارج يساهم بنقل صورة من الحراك الإبداعي الذي يدور في بلده. • في كتابها (المرأة والكتابة: سؤال الخصوصية بلاغة الاختلاف) تذكر رشيدة بن مسعود أن بعض النقاد العرب يرى أن ميل الشاعرات العربيات إلى كتابة القصائد القصيرة يعكس ضعف عقولهن ومحدودية مهارتهن الأدبية وتسرعهن في الكتابة! تعليقك ؟! ليس هذا فحسب فهم أيضا يرون أن قصر القصائد ملازم لشعر الشاعرات، وأن الخنساء نفسها لم تكتب القصائد الطوال إلا بعد وفاة أخيها صخر. هذا حكم (ذكوري) بامتياز لا حكم نقدي. وإن كنت أتحرز كثيرا من تحويل ساحات النقد والإبداع إلى ساحات رجالية وأخرى نسائية، ولكن مثل هذا الحكم من (نقاد المسطرة) كما لقّبهم البعض يدفعني إلى قول ذلك. ثم ماذا عن القصائد القصار التي يكتبها الشعراء؟ وأين هؤلاء النقاد عنها؟ إلا إن كانوا يرونهم شعراء مندسين وبالتالي لا تنطبق عليهم لوائح النقد!. • إلى ماذا تعزين ندرة الشاعرات المبدعات مقارنة بالشعراء المتكاثرين؟ بدأت أصدق أن ثمة ندرة حقيقية في الشاعرات في كل العالم، وليس في العالم العربي فحسب، وبدأت فعلا أتساءل: لماذا؟.. لن أدعي أنني أملك الإجابة، ولكني أتصور أنه موضوع جدير بالبحث عبر أدوات بحث عدة يدخل فيها علم الاجتماع، علم النفس، السياسة، الدين والقائمة قد تطول. • ذكرت في صفحتك الشخصية (في الفيس بوك) أن حياتنا تتشكل من فسيفساء الحاضر والماضي التي لن ينجو منها أحد، ألا ترين بأن الشعر قد يكسر هذه النظرية ليخلق زمنه الخاص وعوالمه المدهشة؟! الشعر ليس نتاجا شيطانيا منفصلا ومستقلا بذاته .. الشعر نتاج إنساني تجري عليه وعلى من يكتبونه سنن الحياة ونواميسها كما تجري على غيره. ليس للشعر زمن ولا عوالم مستقلة عن باقي النتاج البشري ما دام من ينتجه هم من البشر. هذه تهويمات يعيشها من يظنون الشعر فضاء لتهويماتهم ليس إلا. • اتجاه الكثير من الأسماء النسائية إلى الرواية .. هل هو استسهال لهذا الفن العميق أم موضة كتابية سائدة؟! لا أظنه استسهالا، وسأظلم عدداً من الأعمال الروائية الناجحة التي كتبتها روائيات إن قلت إنها مجرد موضة كتابية سائدة.. وإن رأى البعض أنها موضة فهل هي قاصرة على الأسماء النسائية دون الرجالية، وماذا عن هذا الكم الهائل من الروايات التي يكتبها رجال؟ من ناحية أخرى، قد يكون إقبال المتلقي على الرواية هو ما دفع الكثيرين لركوب الموجة؛ فهناك متلقٍ حاضر ومترقب للجديد، وسوق الطلب منتعش. بعكس سوق الطلب في الشعر؛ فالبعض للأسف أوصل القصيدة إلى أن تكون مجرد تهويمات ورموز مغلقة لا يفهمها حتى من يكتبها!. عندما أغلقت القصيدة بابها في وجه المتلقي وأصبحت مجرد رموز مبهمة قد لا يفهمها حتى النخبة فتحت الرواية بابها للمتلقي فدخل. • هل أخذتنا الشاشات المصقولة والأحرف الباردة على لوحة المفاتيح عن رائحة الورق الفاتن ولوعة الحبر الشهي؟! نعم للأسف.. فنحن نعيش زمن استلاب تكنولوجي مهيب أخشى أن نفقد معه يوما قدرتنا على النطق كما فقدنا قدرتنا على الكتابة بالقلم .. فقدنا متعة تأمل الطبيعة وملامسة عناصرها، فالطبيعة أصبحت تحاكى ثم تضغط في شرائح وصفائح إلكترونية نلمسها على الشاشة وبيننا وبينها حجاب من ملايين الذرات العجائبية. كلما غرقت في حمى التكنولوجيا أشعر أن روحي ترتعش كعصفور بلله القطر، وكلما خربشت الشاشات المصقولة روحي بحثت عن شجرة تعصمني من خرس الأحرف الباردة على لوحة المفاتيح. • من وجهة نظرك هل انتهى زمن (الحريم) بعد دخول المرأة مجلس الشورى والانتخابات البلدية والأدبية، وحصدها جوائز عربية وعالمية في شتى المجالات؟! أبداً، على العكس فقد ابتدأ زمن الحرمة! وأم العيال!... يحق للمرأة السعودية اليوم أن تفخر بمشاركتها بما يتوافق مع الدين الحنيف في بناء وتنمية وطن يؤمه مليار مسلم حول العالم .. كل هذه القرارات هي قرارات تاريخية وسديدة وموفقة لرائد الإصلاح سيدي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله. • بعد هذا الردح الطويل في زمن الشعر ورحيل الكثير من الرموز الشعرية .. كيف تنظرين للمشهد الشعري محليا وعربيا؟! الشعراء يموتون ويرحلون، أما الشعر الحقيقي فلا يموت ولا يرحل، ولكنه يحتاج من فترة إلى أخرى إلى هز شباكه بأهداف جميلة.. وهذا حال الإبداع الذي يستمر وينتعش بقدر ما تسجّل فيه من أهداف جميلة. ولكن دعني أقول: هل ترك لنا المشهد السياسي اليوم الفرصة للنظر بعمق إلى أي مشهد آخر؟!