تتعلق قلوب المسلمين في أنحاء العالم ببيت الله الحرام كلما يمموا وجوههم شطره في صلواتهم، وقلوبهم في شهر رمضان أكثر تعلقا حتى إذا ما حلت العشر الأواخر بلغ التعلق غايته، فسعى إلى بيت الله طائفا ومعتمرا ومصليا من يستطيع إلى ذلك سبيلا، سواء كان من القادمين من الخارج أو المقيمين في الداخل وسواء كان مواطنا سعوديا أو مسلما عربيا كان أو غير عربي، فالدين الذي جعل الناس سواسية لا تفاضل بينهم جعل التقوى هي أساس التفاضل، ومن شأن التقوى أن تكون أكبر وازع للناس كي يبحثوا عما يكسبهم أجرا في العشر الأواخر من رمضان ولم يجدوا خيرا من بيت الله الحرام يكسبهم ذلك الأجر. هذه الرغبة في الحصول على الأجر والثواب إضافة إلى ما سهلته وسائل المواصلات والطرق الحديثة من إمكانية الوصول إلى مكة بيسر وسهولة أدى إلى ارتفاع عدد الذين يتجهون إلى أداء العمرة في رمضان وعلى نحو خاص في العشر الأواخر من رمضان. وعلى الرغم من التوسعة التي تمت للمسجد الحرام والساحات المحيطة به فإن تزايد أعداد المعتمرين بات يفوق التوقعات على نحو أصبح الدفاع المدني حريصا على توجيه رسائل ينبئ فيها بامتلاء الحرم وساحاته بالمصلين، طالبا ممن تبلغه رسائله أن يصلوا في أقرب المساجد إليهم. إن الرغبة في الحصول على ثواب العمرة ينبغي أن تقابلها رغبة أخرى لدى من أنعم الله عليهم بالعمرة من قبل أن يتركوا الفرصة للذين لم يعتمروا، مدركين أن في ذلك أجرا كبيرا لهم، وأن في مزاحمتهم وهم قد اعتمروا من قبل للمعتمرين أول مرة مسألة ينبغي لهم أن ينتزهوا عنها، فتسهيل أمر المعتمرين أكثر برا وأجرا من مزاحمتهم.