الإهمال مرفوض في شتى مناحي الحياة، والخلل مجبور إلا في ما يتعلق بصحة الإنسان، ولا أظن أن هناك ما يعدل حياة الفرد التي شرع الله تعالى من الشرائع ما يحفظها ويصونها، ويمنع أي اعتداء عليها، ويغلق كل أبواب المساس بها. ونحن نسمع بالطبع عن هيئة موقرة، هي هيئة الغذاء والدواء، وإن كانت مهامها وأدوارها في المجتمع غير واضحة تماما لنا، ويشوبها بعض الغموض أو الغبش الذي ينبغي على المسؤولين عن هذه الهيئة والعاملين فيها أن يسعوا إلى تبصير المجتمع بدور هذه الهيئة، حتى يتم التعاون معها ومد يد العون لها. هذه الهيئة على حد علمي المتواضع تتولى متابعة الأدوية التي تطرح في الأسواق، والعلاجات المختلفة، وحليب الأطفال، وما شابه ذلك، وتصلنا عبر الهواتف الجوالة رسائل تحذيرية منها تجاه بعض أنواع الأدوية والعقاقير التي تخالف المواصفات الطبية والتي من شأنها إلحاق الضرر بصحة المواطن، كما نطالع أحيانا بيانات للهيئة تدور في هذا الإطار، مجرد التحذير، وقد يطلع البعض على هذه التحذيرات من خلال جواله، كما قد يحاط القراء وهم ليسوا أغلبية سكان وأهل هذا البلد بما ينشر في الصحف، وهذا كله في اعتقادي غير مجد، ولا كاف، لدرء الخطر الذي يتهدد صحة الإنسان، أغلى ما نملكه. فهناك أدوية قاتلة، وحليب أطفال خطير، وقد أكون أنا أو أنت، ابنك أو ابني، ضحية لهذه الأدوية وهذا الحليب الفاسد. لكنني أتساءل: هل يقتصر دور هيئة الغذاء والدواء على مجرد التحذير من هذا الدواء أو ذاك؟ وهل هذه مهمة تستحق أن تؤسس لها هيئة، لها مقار، ويعمل بها بالتأكيد عشرات، أو مئات الموظفين؟! هل تملك هذه الهيئة بعد اكتشاف المخالفات في مجال الغذاء والدواء حق المحاسبة، أو على الأقل تحويل ما تكتشفه من مخالفات إلى جهات التحقيق، ومتابعة النتائج، وإعلام المواطنين بما تنتهي إليه القضايا التي تكتشفها؟ وإذا كانت تفعل ذلك حقا، فلماذا لا تواصل عملها، بعد انتهاء التحقيقات، وتقوم بالتشهير بهؤلاء الذين فقدوا ضمائرهم وسعوا لإلحاق الضرر بأبناء هذا الوطن؟ نريد أن نعرف: من أدخل هذه الأدوية والعقاقير الفاسدة إلى البلاد، ومن سمح بدخولها عبر منافذ المملكة البرية والبحرية والجوية، بل ومن يقوم بنشرها وتوزيعها دون إدراك لما تحققه سلوكياتهم ومخالفاتهم من كوارث ومصائب قد يستحيل علاجها، فقد لا يمكننا إنقاذ مريض تناول عقارا فاسدا فأودى بحياته؟! مطلوب من هذه الهيئة الموقرة شفافية في العمل، وإدراك خطورة المهمة الملقاة على عاتقها، ومطلوب منها كذلك تفعيل دورها، ومنحها المزيد من الصلاحيات التي تمكنها من وقف هذا الإجرام والعبث بصحة المواطنين. إن الدولة لا تدخر وسعا من أجل الاهتمام بصحة المواطن، ويتضح هذا جليا من مخصصات وزارة الصحة، وما نشهده من نهضة علاجية، ورعاية صحية، يتمتع بها المواطن والمقيم، لكن هؤلاء العابثين بالصحة، المستهترين بحياة الإنسان، يضيعون كل هذه الجهود، ويعيثون في الأرض فسادا. سأنتظر جوابا شافيا، وردا واضحا، حول دور هذه الهيئة وصلاحياتها، وما يمكن أن تحققه بالفعل في مواجهة الفساد والعبث بصحة المواطنين، ونحن بدورنا نضع أيدينا في أيديهم من أجل الحفاظ على حياة أبناء هذا الوطن العزيز. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة