منشآت تنظم أسبوع التمويل بالشراكة مع البنوك السعودية في 4 مناطق    تشيلسي يتوج بلقب الدوري الإنجليزي للسيدات للمرة الخامسة على التوالي    بايرن ينهي موسمه المخيب في المركز الثالث بعد الخسارة من هوفنهايم    القبض على 3 مقيمين بالمدينة المنورة لترويجهم «الشبو» المخدر    إطلاق الهوية البصرية للجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم    تشافي يستبعد قرب الإطاحة به من تدريب برشلونة    نيابة عن ولي العهد.. وزير البيئة يرأس وفد المملكة المشارك في المنتدى العالمي ال 10 للمياه بإندونيسيا    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعلن إطلاق استطلاعات الرأي لجودة التعليم الجامعي وبرامجه.    تشخيص حالة فيكو الصحية «إيجابي» ووضع منفذ الاعتداء قيد التوقيف الاحتياطي    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 27 جائزة في آيسف 2024    "إرشاد الحافلات" يعلن جاهزية الخطط التشغيلية لموسم الحج    توطين تقنية الجينوم السعودي ب 140 باحثا    التأثير العميق للسينما: تنوير العقول وتشكيل المجتمعات    ورشة عمل لبحث أخلاقيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي مع عدة جهات حكومية    افترقوا بحب معشر العشاق    إتاحة مزاد اللوحات للأفراد ونقلها بين المركبات عبر أبشر    حُكّام مباريات اليوم في "دوري روشن"    ترحيل 15566 مخالفا للأنظمة    "تعليم الطائف" يعتمد حركة النقل الداخلي للمعلمين والمعلمات    حملة مشتركة تسفر عن رفع ما يقارب الطنين من الخضروات والسلع المختلفة من الباعة الجائلين المخالفين بشرق الدمام    البحث العلمي والإبتكار بالملتقى العلمي السنوي بجامعة عبدالرحمن بن فيصل    جامعة الملك فيصل تحصد الميدالية الذهبية عن اختراع جديد    من ينتشل هذا الإنسان من كل هذا البؤس    مجسم باب القصر يلفت انظار زوار وسط بريدة    الأمير سعود بن نهار يرعى حفل اطلاق الاستراتيجية الجديدة لغرفة الطائف    الرئاسة العامة تشارك في ورشة عمل "الأثر المناخي في حج عام ١٤٤٥ه"    نعمة خفية    «غرفة بيشة» تساهم في دعم حفل تكريم المشاركين في مبادرة أجاويد ٢    المربع الجديد: وجهة لمستقبل التنمية الحضرية بالسعودية    قائد فذٌ و وطن عظيم    إندونيسيا: الكوادر الوطنية السعودية المشاركة في "طريق مكة" تعمل باحترافية    التخصصي : الدراسات السريرية وفرت نحو 62 مليون ريال    مسؤولون إسرائيليون: مفاوضات الهدنة في طريق مسدود    متحدث «الداخلية»: مبادرة «طريق مكة» توظف الذكاء الاصطناعي والتقنية لخدمة الحجاج    «الحج والعمرة»: لا تصاريح عمرة ابتداء من 16 ذو القعدة وحتى 20 ذو الحجة    القاهرة : لاتراجع عن دعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    سفارة المملكة في قرغيزستان تحذر المواطنين بأخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن أماكن التجمعات    دراسة: الشركات الألمانية لا تسوق للسيارات الكهربائية بشكل جيد    «المركزي الروسي» يرفع الدولار ويخفض اليورو واليوان أمام الروبل    استمرار هطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    تيليس: ركلة جزاء الهلال مشكوك في صحتها    "تيك توك" تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    جيرارد: فخور بلاعبي الاتفاق    السمنة والسكر يزيدان اعتلال الصحة    الهلال يتعادل مع النصر في الوقت القاتل في دوري روشن    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    ترتيب الدوري السعودي بعد تعادل النصر والهلال    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    مستقبلا.. البشر قد يدخلون في علاقات "عميقة" مع الروبوتات    العلماء يعثرون على الكوكب "المحروق"    الصين تستعرض جيش "الكلاب الآلية" القاتلة    طريقة عمل الأرز الآسيوي المقلي بصلصة الصويا صوص    طريقة عمل وربات البقلاوة بحشو الكريمة    ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    حراك شامل    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤامرة ضد المرأة ووهم مخططات المشروع التغريبي .. نظرية صناع الكوابيس في يقظة المجتمع
الإسلاميون: يريدون مخالفة الشريعة وإفساد المجتمع .. ومراقبون يردون: تتخيلون الأوهام وتسيؤون الظنون ..عكاظ تفتح الملف الساخن
نشر في عكاظ يوم 09 - 12 - 2010

الإسلاميون يرفضون التغيير، يقاومون كل مشروع تنموي يهدف لإيجاد عائد اقتصادي جيد للمرأة، مصابون بكوابيس وهواجس ومسكونون بنظرية المؤامرة، إن قضايا المرأة تقلقهم كثيرا، هم لا يريدونها مستقلة حتى لا تستغني عن يد عطائهم. كانت تلكم وجهة نظر البعض في ما يحدث في الساحة وخصوصا ما يتعلق بشؤون المرأة، في حين أن الآخرين يرون عكس ذلك تماما.
(طرفي نقيض) باتت النقاشات هكذا، لكن أولئك يجدون شبكة الإنترنت فضاء رحبا وواسعا يفيضون فيه عن كل ما يختلج دواخلهم بردود صارخة قوية تعادل أحيانا ما يكتب وفي أحيان أخرى تتجاوزها بمسافات شاسعة.
يرددون دائما نظرية المؤامرة ويؤمنون بها، يرى بعضهم أن كل مشروع جديد هو مؤامرة جديدة وخطوة من خطوات المشروع التغريبي، لكن الأسئلة تتفجر من هنا وهناك، ما هي المؤامرة، من هم أدواتها، هل هم أبناء جلدتنا، يقولون نعم، هم كذلك ينفذون خطط الغرب لإفساد مجتمعنا، وكل يرى أنه يملك عصا الحقيقة.
في هذا التحقيق الصحافي استعرضت (عكاظ) آراء اختصاصيين ومراقبين، إذ أكد بعضهم أن الإيمان بنظرية المؤامرة والتسليم بها ضرب من الهستيريا والجنون، وصناعة للكوابيس، فيما يرى الطرف الآخر أنه على صواب؛ لأن نظرية المؤامرة باتت رصاصا يطلقه من سلاحه ليرد به على مناوئيه، وتوقف الباقون في المنتصف حيث يرون وجوب تواجدهم، ولم يذهبوا إلى كلا الرأيين معتبرين أن المسألة باتت نقاشا يتوصل منه لخدمة أغراض شخصية .. هنا تنتهي المقدمة حيث يجيب المشاركون على التساؤلات التي باتت وجبة يومية دسمة يتناولها الجميع مع إطلالة كل صباح في مختلف الوسائل .. فإلى التفاصيل:
اعتبر المفكر الإسلامي ووزير الشؤون الاجتماعية السابق الدكتور علي النملة أن الموضوع شائك جدا، والاختلاف فيه يكمن في مدى الموضوع وليس في مفهومه من الأساس، إذ إن هناك من يثبت المؤامرة بشكل كبير حتى تطغى على تفكيره وإرادته، مشيرا إلى أن هذا مرض نفسي.
وأضاف «في الجانب الآخر هناك من ينفي الأمر مطلقا، وهناك من تكمن مشكلته مع «المصطلح» بحد ذاته، لكنه يؤمن بالمفهوم والمضمون عموما.
وشخص النملة المسألة حين قال: إن «الخشية حول موقف الفريق الأول أن يصل الأمر لديهم إلى وسواس قهري حقيقي، يشل إرادتهم وتفكيرهم المستقل، ويجعلهم أسرى لمفهوم المؤامرة.
وزاد «بطبيعة الحال فقد دعا الموقف إلى التجديد في الخطاب الإسلامي منطلقا العربي لغة، وإعادة النظر في مفهوم المؤامرة وحدودها وأبعادها.
واستدرك قائلا: «لكن جماعتنا كانوا كرماء جدا في معرفتهم فأعطوا العدو فوق قدراته ومهاراته وانهزموا قبل أن ينهزموا أمامه»، مستطردا «وهذا لا يعني تبرئة اليهود بل هم يتحملون قسطا كبيرا منها».
وزاد «كثيرا ما يستغل اليهود جهلنا وضعف عقولنا بالتأجيج والنفخ في قدرتهم وفي ما يسمى بالماسونية العالمية والصهيونية العالمية وبروتوكولات حكماء بني صهيون وغيرها من الأمور التي لا يمكن أبدا أن يقارن حجم حقيقتها بما هو موجود في خيالنا عنها».
وعن مفهوم صراع الحق والباطل أوضح النملة أنه يجب عدم إغفال هذا الجانب، لكن الواجب أن نضع الأمور في قالب حقيقي بحيث لا نكون أسرى للمفهوم الذي نصنعه نحن على غير بينة.
وبين المفكر النملة أن علم الاجتماع السياسي ينص على أن فكر المؤامرة يترعرع وينشأ عن المجتمعات المعزولة سواء كان ذلك سياسيا أو ثقافيا بفعل الخصوصية الزائفة.
وأضاف «كثيرا ما يوظف مفهوم المؤامرة في الأبعاد السياسية، وليس دائما. لكن هذا ربما يلقي الضوء على موقفنا من السياسيين والذي في حقيقته ليس إيجابيا، وبالطبع فإن من النادر توظيف هذا المفهوم في العمل النافع».
وأشار المفكر النملة إلى أن التهويل في قدرات الطرف الآخر يخدمه أكثر من خدمة المهولين أنفسهم، موضحا أن الحديث عن رفض المؤامرة بات مقبولا بكثرة في الأوساط الثقافية العربية أكثر من أي وقت مضى.
ويرى أن هاجس المؤامرة أوجد ما يسمى باستخفاف الذات وازدرائها وقدرتها على التفكير، كما أن استصغار الإنسان قدراته طريق مباشر إلى تهويل قدرات الآخرين وإعطائها أكثر من حجمها الطبيعي.
الحرمان من المستجدات
ويؤكد المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم الدكتور سلمان بن فهد العودة أن المبالغة في نظرية المؤامرة حرمت المسلمين مستجدات كثيرة محذرا في الوقت نفسه من الإيمان بها على هذا الأساس، مشيرا إلى أننا أصبحنا في هذا العصر ضحايا نقص المعرفة واللاوعي.
وقال: الإيمان يمنحنا الثقة بالنفس وليس الخوف المفرط، موضحا أن الحياة البشرية تتغير، كما أن التربية اقتباس من هدي القرآن والسنة والقيم والأخلاق.
وأضاف «ليس صحيحا أن التدين يعني وضع واقع مختلف عن واقع الناس، كما أن من الخطأ وضع بعض أنماط التربية نطاقا محكما لمجموعة من الناس وعزلهم»، مشددا على ضرورة ألا يكون الوعظ الديني تزهيدا في الحياة.
الأمس واليوم
ويعلق الدكتور عيسى الغيث على هذه القضية قائلا: بالأمس قالوا عن معهد الإدارة بأنه تغريبي ووكر للماسونية، ورفضوا وجود السفارات الأجنبية ورفع أعلامها، فكانت في جدة ولم تنتقل إلى العاصمة إلا أخيرا.
ويضيف «إنها نفس المعزوفة عبر عشرات الأمثلة، وكأن قدرنا ألا يمر أي تطوير وتنمية دنيوية إلا عبر بوابة الوصم بالتغريب أولا».
واستدرك قائلا: «لكن مع جميع ذلك فإني أرى البشارات الكبرى بين السابق والحاضر، إذ كنا من قبل نحتاج لسنوات طويلة حتى يتم عبور هذه التنمويات من عنق زجاجة الوسوسة التغريبية، في حين أننا اليوم لا نحتاج إلا لأشهر حتى تمر من تلك القناة المتوجسة مرور الكرام».
وأشار الغيث إلى أن «أحدهم كان يتحدث في قناة فضائية زاعما وجود مشروع تغريبي ضخم، مبشرا بأنهم قضوا على أكثر من 95 في المائة منه»، إلا أن الغيث يتساءل لماذا لم نر المشروع على الرغم من ضخامته أم أنه لا يراه غيرهم؟ وإذا كان كلامهم صحيحا فلماذا يخافون من النسبة الباقية وهي 5 في المائة.
ورأى الدكتور عيسى أن هذه الأسئلة تكشف عن منسوب مستواهم الفكري، موضحا أن توجهاتهم لم تقف عند حد وصف وجود التغريب وآحاد المغربين، المعروف منذ نزول القرآن الكريم كقوله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم». وإنما بلغ الحد بالبعض إلى تضخيم الموضوع القديم منذ قرون، وجعله مشروعا محليا لا مجرد غزو خارجي.
وأضاف «إنهم يمارسون التهويل بشأنه والإرجاف حد اتهام تبنيه والعمل على نشره».
وأكد الغيث أنه لا يمكن لعاقل فضلا عن طالب علم إنكار وجود مبدأ التغريب والغزو الفكري عبر التاريخ والجغرافيا، سواء كان بواسطة التصدير من الغرب، أو بواسطة الاستيراد من الشرق، مستدركا «لكن يجب أن يكون لنا موقف معتدل من هذه المسألة».
وعن رأيه في من يكرسون وجود مشاريع تغريبية قال الدكتور عيسى الغيث: هؤلاء إخوتنا نحسن الظن بغيرتهم كما أحسن الآباء الظن بمن سبقهم خلال العقود الماضية؛ حينما دمغوا كل تطور بأنه تغريبي.
وهنا يشير الغيث إلى أن لهذا الصنف من الناس تحريم ما يراه على نفسه ومن يعول دون أن يحرم على غيره أو يلزم أحدا به، ما يدعو إلى قذف الآخرين بالانحلال أو التغريب ووجود مشروع رسمي، مؤكدا في الوقت نفسه أن هؤلاء يشعرون بحساسية مفرطة تجاه كل ماله علاقة بالمرأة.
وشدد على أنه «يجب على القائمين على مشاريع التطوير أن يراعوا الطرف الآخر بالتدرج وألا يستفزوه حتى لا يغذوا تلك الأوهام عبر تصرفات غير حكيمة، ومن أجل تطمين الجميع بحسن النوايا».
لا أبحاث رصينة
وهنا ينفي الدكتور صلاح عبد القادر «متخصص في وحدة البحوث النفسية والإنمائية في المركز الوطني لأبحاث الشباب التابع لجامعة الملك سعود»، أن توجد أبحاث أكاديمية ذات صبغة علمية رصينة تثبت وجود مايسمى بنظرية المؤامرة، إذ إن غالبها يطغى عليه الطابع الإنشائي دون تقديم أدلة علمية واستنتاجات.
ورأى الدكتور صلاح أن التحدي الذي يواجه الأمة الإسلامية يكمن في كيفية تقوية إرادة الشباب المسلمين لمقاومة كل أشكال الانحرافات وجعلهم يرفضون الاستسلام.
وأضاف «إن الذين يهيمون بنظرية المؤامرة وبحسب تفسير علم النفس الاجتماعي الخاضع لتفسير مدرسة العزو السببي فإنهم يصنفون من أصحاب العزو الخارجي الذي يلقي صاحبه بالمسؤولية على الغير ويبرىء نفسه من كل شيء ويتخلى عن مسؤوليات الفعل».
وأكد المتخصص في وحدة البحوث النفسية أن نظرية المؤامرة ترتبط بالهزيمة الداخلية وفقدان الثقة بالنفس والإحساس بالضآلة، إضافة إلى فقدان الأمن النفسي والذاتي.
سمات الاعتدال
الدكتور خالد الدريس أستاذ في جامعة الملك سعود ومتخصص في شؤون تعليم التفكير وتنمية الذات، يقول: إن أول سمات الاعتدال عدم المبالغة في تقدير أثر نظرية المؤامرة، أوفي الخوف والتخويف منها، مشيرا إلى أن المبالغة بصورة عامة في كل شيء ضارة بشدة.
وأرجع السبب في ذلك إلى أن المبالغة تشوه الحقائق وتقلب الموازين، وتفسد الرؤية الصحيحة للأشياء، ومن ثم يجيء الحكم المبني عليها بعيدا عن الصواب والدقة.
وأضاف «من صور عدم المعرفة بالواقع اعتماد منهج في تفسير الأحداث وتحليلها»، مشيرا إلى أن هذا يقود دائما إلى فهم خاطئ ومعالجة خاطئة، كمنهج نظرية المؤامرة، وهي محببة لنفوس كثيرين من الناس لأنها مريحة وتعفي من تبعات التحليل والتدقيق والمراجعة.
الخلل الذاتي
أما أستاذ كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي الدكتور محمود حسن سفر فقد وجه العيب إلى الداخل، إذ إننا لم ندرك مواقع أقدامنا ومانسعى لتحقيقه من تطلعات تحت مظلة العقيدة، ولم نشعر بقوة هذا الدين ولم نطبقه في أنفسنا ومعاملاتنا، وقال: نحن أولى بأنفسنا أن ندرك ماهو مطلوب منا.
وفسر الدكتور سفر الإيمان بهذه النظرية إلى الهروب من الواقع والنفس والحال، وقال: أولى بأولئك أن ينظروا إلى دواخلهم فالقضية لم تعد على المستوى الفردي وإنما على المستوى الجماعي، حتى صرنا نعيش غربة موحشة.
وأضاف: المشكلة في المجموعات وليس في الأفراد، إذ إننا نرى التغيرات من حولنا ونقف لها مشدوهين دون أن يكون لنا أي حراك.
الهستيريا والإحباط
الأكاديمي والكاتب الصحافي الدكتور سليمان الضحيان أكد وجود نظرية المؤامرة، مرجعا ذلك إلى أن العمل السياسي قائم على العمل السري.
وجزم بأن تفسير كل الأحداث بالمؤامرة ضرب من الهستيريا والإحساس بالضعف والإحباط وعدم المقدرة على حل المشكلات، مطالبا بالتوسط في هذه المسألة.
وفيما يسمى بالمشروع التغريبي، أوضح الضحيان أن تفسير ذلك يقع في المشاريع التي يهدف من خلالها إلى أدوات موالية للغرب، وفي نفس الوقت ليس فيها أية خصلة من خصال الانتماء الوطني.
وأضاف: يجب أن نكون واقعيين ونبني أحكامنا على معطيات ملموسة، أما التفسير الباطني للأشياء فهذه نظرة تشاؤمية.
وشدد الضحيان على ضرورة إحسان الظن بالآخرين، محذرا من إشاعة الروح الأيديولوجية غير النقدية، وقال: «من حق الآخرين الاعتراض على الأطروحات لكن في المقابل يجب توضيح وجه المخالفة».
ووصف الأكاديمي الضحيان قضايا المرأة تحديدا بأنها ذات إشكالية؛ لأنها تحمل في طياتها أبعادا كثيرة دينية، اجتماعية، قيمية، وتقاليد، مشيرا إلى أن إشكالية هذه القضايا في كونها تحمل حزمة من التعقيدات.
وأضاف «لايمكن فصل الممانعة من الناحية الاجتماعية المؤطرة بالتقاليد، كما أنه ليس كل مايطرح من مخالفة يحمل بعدا دينيا خالصا».
واستشهد ببعض القضايا التي كان للبعد الاجتماعي فيها تأثير على ممانعتها في حين أن الدين لايرى بمنعها، مثل قضية الكفاءة في النسب وغيرها، إذ إنه يتم ترحيلها من الحق الديني إلى الاجتماعي.
وفي ما يتعلق بعمل المرأة قال الضحيان، عملها بضوابط لايمثل مشكلة عند عالم الدين لكن ذلك يكمن في ما يطلق عليه الحق الاجتماعي الأمر الذي يجعله يواجه ممانعة قوية. واعتبر الضحيان طرح مثل هذه الموضوعات للنقاش ظاهرة إيجابية سواء كان الطرح علميا أو عبارة عن تراشق لفظي، مرجعا السبب في ذلك إلى أن المجتمع لن ينضج إلا بعد هذه الصراعات.
وأبدى تفاؤله بالتقدم كثيرا مستقبلا، إذ إن وجود رأيين أحدهما يصف هذه الأصوات بالفساد في حين يرد الثاني بأن الأول يريد تخلف المجتمع وجموده، كفيل بإنتاج رأي ثالث متزن مبني على رؤية جيدة.
وقال: يجب أن نتقدم ونتطور مع تمسكنا بالثوابت، كما أننا مطالبون بطمأنة الناس بأن هذه المشاريع ترمي إلى إيجاد عائد اقتصادي مميز للمرأة.
التربية الخاطئة
الاختصاصي في مجال إصلاح ذات البين الدكتور عبدالرحمن المحرج أكد وجود تلازم بين نظرية المؤامرة وانتشار قطيعة الرحم، إذ ولدت حقد البعض على أقربائهم بفعل تكريس هذه النظرية في أذهانهم.
وقال: نسمع كثيرا أن البعض يحقد على أحد أقربائه لأنه يتوجس منه خيفة بفعل تكريس هذه النظرية التي أنتجتها تربية خاطئة سادت حينا من الزمن، إذ يبقى المرء متوجسا طيلة عمره من أقربائه.
وعزا المحرج وجود هذه النظرية في حياتنا إلى وجود خلل في التربية، مشيرا إلى أن ذلك أوجد اتهام الناس وقذفهم وتصنيفهم ورميهم بالأوصاف السيئة.
سنة الحياة
ورفض الدكتور عوض القرني الخوض في مسألة كهذه بشكل عاجل، إلا أنه أوضح أن الصراع بين العقائد والملل والأفكار سنة من سنن الحياة لا ينكرها إلا مغالط أو جاهل، مشيرا إلى أن هذا الأمر مثبت في التاريخ عبر مئات السنين.
ودلل على هذه الصراعات بأنها تتمثل في الحروب الصليبية والاستعمارية أو استبدال هوية الأمة ودينها بالعلمانية التغريبية عبر صور مختلفة، موضحا أننا جزء من العالم لاننفك عنه كلية عن تأثير الغرب، لكنه أكد وجوب عدم الاستسلام لهذه التأثيرات.
وقال: لئن كانت المنتجات الغربية في هذا العصر ماهو مدني أو مشترك إنساني ومع كونه في الأصل فلسفة فكرية إلا أن لها تجلياتها الثقافية والفكرية والأخلاقية والسلوكية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
وأشار إلى أن المشروع التغريبي عبر عن نفسه في الستينات الميلادية من خلال مجموعة من الأحزاب اليسارية التي حاول بعضها محاولات آثمة، من خلال حركات ثقافية.
وأضاف: تأتي هذه الدعوات عبر عزل الدين عن تنظيم أمور الحياة والقبول بمعطيات الغرب جملة وتفصيلا، مشيرا إلى أن المشروع بات من خلال وسائل الإعلام يعمل بصورة منظمة تتناغم فيها بعض المطالب إلا أن حملة المشروع قلة.
ورأى أن إنكار وجود المشروع إنكار للشمس في رابعة النهار، إلا أن الاختلاف يكمن حول حجمه وحقيقته وأهدافه وخططه، إذ يأتي بعضها بمسوغات فقهية في حين الإشكالية لاتكمن في القضايا ذاتها وإنما في المشروع.
أفكار ساذجة
الإعلامي جمال خاشقجي يؤكد قائلا: نحن نعارض أي عمل مخالف للدين وكل السعوديين كذلك، وحكومتنا مسلمة لاتقدم على شيء يخالف الدين.
لكن خاشقجي انتقد مشروع التوظيف الذي لوح به السعيدي طويلا وهو عبارة عن دراسة لتوظيف الفتيات عن بعد، قائلا: نحن لا نحتاج إلى أربعة ملايين وظيفة تكفينا فقط 250 ألف وظيفة؛ لأن العاطلات عن العمل بهذا الحجم، ناصحا السعيدي بإرسال مشروعه هذا إلى وزير العمل.
وقال: لدى هؤلاء قدر من السذاجة وعدم المعرفة، ففكرة المشروع التي تعتمد العمل عن بعد أحد منتجات العولمة، مؤكدا بأن هذا كلام فقط.
وأضاف: كلام أولئك يحمل اتهاما لمسؤول في الدولة بأنه لم يكن على قدر الأمانة التي أوكلت إليه إذ إنه لم يطبق مشروعهم الذي ينادون به.
وأوضح أن وظائف العمل عن بعد ليست مجدية، إذ ستفتقد إلى عنصري المصداقية والوثوق، فالعملاء لايعرفون عن من يتحدث معهم سوى صوته، إضافة إلى صعوبة توفير خدمة الإنترنت لأربعة ملايين شخص.
ووصف خاشقجي بأن في هذا المشروع مشكلا اقتصاديا ويمثل قضية معقدة، إلا أنه يرى أن أصحاب المشروع لا يدركون هذه الأمور، مشيرا إلى أن المهم العمل سويا بثقة ومحبة بدون تعطيل لبعضنا.
واستنكر عبارات التغريب التي يطلقها البعض، مؤكدا أن الدولة في يد أمينة، داعيا إلى عدم المزايدة في مثل هذه المسائل وإبداء الخوف المصطنع، فكل الإجراءات التي تتم في البلاد تتم بعلم الدولة ومسؤوليها.
وزاد: «الدولة سمحت للمرأة بالعمل ولذلك يجب أن يكون مشروعنا في إيجاد قوانين تحمي المرأة العاملة من الإساءة والتحرش، لا أن نقف في وجهها».
ودعا خاشقجي إلى تجاوز الجدل والمضي نحو المقدمة، وقال من أراد اللحاق فليلحق، وعلينا أن لانعطل المسيرة لأن فيها إهدارا للجهد والوقت.
وقال: هذه قوة التاريخ تدفعنا جميعا ويجب على المسلم أن يواجه الأقدار بدفع المفاسد ونثر الفضائل لا أن يصطدم بالقوى وإنما يكيف الواقع عليها والحل لكل هذه المشكلات اعتماد مبدأ التعدد في الآراء وحرية الاختيار دون أن نلزم بها غيرنا مع تغليب حسن الظن فالغلبة للتطور وقوة التاريخ والسنن الإلهية.
المخالفات الشرعية
ويخالف الأستاذ في جامعة أم القرى الدكتور محمد السعيدي ماذهب إليه خاشقجي، معتبر أن مطالب البعض تهدف إلى تطبيع مخالفات شرعية.
وقال لنتعامل بطريقة علمية إذ إننا قدمنا دراسات وإحصائيات وهم لم يتقدموا بمثلها، وينادون بتوظيف المرأة كاشيرة في حين أن 470 ألف شاب عاطل عن العمل، واصفا المطالبين بهذا النوع من العمل كمسمار داخل العجلة إذ يخدم دون أن يعرف اتجاهه، مشيرا إلى أن هؤلاء هم جزء من المؤامرة.
واستشهد السعيدي بأحداث وقعت في التاريخ، مشيرا إلى أنه لايسع أحدا إنكارها إذ تم استغلال بعض أفراد المجتمع في تنفيذ خطوات المؤامرة، مستدلا بعدد من الأمثلة التي كان فيها طابع الضغط والاغترار بالغرب بحسبه.
وقال: سيعود هؤلاء إلى الحق إذا وجدوا الدليل، فنحن قدمنا الحلول الصحيحة وطرقا مثالية.
ورأى أن المطالبين بهذه المطالبات يريدون للمرأة الخروج من بيتها ويرون أن الأصل هو ذلك، في حين أن الشريعة تقول إن الأصل بقاؤها في بيتها، ليتفقوا مع الأفكار الغربية.
وأشار إلى أن مشروع توظيف الفتيات عن بعد يوفر أربعة ملايين وظيفة بحسب دراسة أجراها صندوق الموارد البشرية في مكة المكرمة، معتبرا أنها دراسة واقعية، كما أن عددا من الدول خاضت التجربة نفسها ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وماليزيا.
مشكلة التراشق
ويقف الباحث في مجال الحوار الفكري الدكتور محمد الشويعر موقف المنتصف للمتراشقين على طرفي القضية، ويقول: إن الساحة تعاني الآن من مشكلة التراشق بين طرفين، في حين أن الاستفزاز الطابع المسيطر على الوضع.
وأضاف: بات البعض يستخدم مثل هذه القضايا إما لأغراض شخصية أو طلبا لزيادة متابعيه وجمهوره وجلب الردود إلى مقاله، فيفتعلون المواضيع للحصول عليها، في حين أن المفترض عدم خروج الانتقاد إلى الملأ بالصورة الحالية فيكون التأثير على المجتمع ويصبح ضحية لمثل هذه التصرفات..
ورأى الشويعر أن بعض المواضيع التي نوقشت لاتستحق كل هذا التشنج، مؤكدا في نفس الوقت الحاجة إلى صوت معتدل يحقق عمل المرأة ويبعد الاحتقان عن المجتمع ويقيه من أن يكون ضحية لصراعات مختلفة.
وأوضح أن مثل هذه التراشقات تؤثر على جهود الحوار المبذولة، مشيرا إلى أن الحوار خير وسيلة لتوضيح الأفكار عبر اللقاءات، إذ إن كثيرين ممن حضروا إلى اللقاءات تغيرت قناعاتهم كثيرا، مرجعا السبب في تعنت البعض إلى التباعد بين الطرفين الأمر الذي يكفل حله الحوار بسماع وجهات النظر في جو من الإخاء.
أمر صحيح
يشير مدير مركز باحثات لدراسات المرأة الدكتور فؤاد العبد الكريم إلى أن إطلاق البعض على مايسمى بالمؤامرة أو التغريب أمر صحيح، مؤكدا إياها ومدللا على ذلك بوجود منظمات دولية تتبع بعضها الأمم المتحدة والأخرى مستقلة، موضحا أن كل هذه مجتمعة تختص بشؤون المرأة ولها مطالبات دائمة خاصة في مايتعلق بالحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بهدف الدعوة إلى مبادىء منطلقة من قيم غربية.
ويوضح العبدالكريم أن القائمين على هذه المنظمات يتخذون كل قواهم الإعلامية والحقوقية والاقتصادية وغيرها لمحاولة تنفيذ مخططات يسعون إليها وهي أمور مخالفة لثوابت الشريعة الإسلامية.
وذكر العبدالكريم أن هؤلاء يهدفون إلى إطلاق بعض المصطلحات التي تخالف في حقيقتها الإسلام وباتت ترى أنها خلاف ذلك وأنه لابأس من ورائها بينما الحقيقة مخالفة للصورة.
وتوصل مدير مركز باحثات إلى أن هؤلاء يسعون إلى القضاء على الأدوار النمطية بحسب مايطلقون عليه وهي بقاء المرأة في بيتها وخروج الرجل للعمل سعيا لإخراج المرأة من بيتها، إضافة إلى أمور عديدة يريدون الوصول إليها..
واستدل العبدالكريم بتقرير منظمة هيومان رايس ووتش الذي جاء بعنوان قاصرات للأبد وصدر قبل عامين متضمنا 10 تقارير من منظمات دولية كلها عن المرأة السعودية، معتبرا أن هذا كاف لإثبات وجود المؤامرة ضد المرأة.
وقال: نحن مجتمع مازال يتمسك بقضايا حصل التساهل فيها في دول أخرى وبالتالي فإن عقلاء المجتمع لايريدون أن نكرر مأساة دول أخرى انكوت بنار مثل هذه المطالبات.
ودفع العبدالكريم بأنه لا مانع من عمل المرأة قائلا: أعطني عالما شرعيا معتبرا يحرم عمل المرأة أو تكسبها، مشيرا إلى أن فلسفة عمل المرأة التي يريد البعض فرضها في المجتمع هي فلسفة الاتفاقيات التي تحقق مطالب الحركات الأنثوية الغربية المتطرفة، ونحن نقف ضد نشرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.