يوما عن يوم تتكاثر مساكن المعلمات في القرى والأرياف والمناطق النائية أو ما يسمى ب «العزب» النسائية، وهو ما اعتبر حلا لمشكلة المعلمات اللائي يرتبطن بدوام في مناطق بعيدة عن سكنهن، دون الحاجة إلى الذهاب يوميا رواحا ومجيئا وتعريض أنفسهن للخطر على الطرق السريعة. و «العزب» ومفردها «العزبة» مصطلح يطلق على المقر الذي يقطنه مجموعة من الشبان العزاب - غير المتزوجين -، وانسحب أخيرا على سكن المعلمات. وحتى وقت قريب لم يكن هذا المصطلح معروفا أو متداولا، غير أن ظروف التعيين في المناطق النائية وصعوبة مرافقة الأهل بسبب الارتباطات الوظيفية أو الأسرية أوجد هذا النوع من السكن في أوساط النساء وخصوصا المعلمات. وعادة ما تضم العزبة الواحدة من خمس إلى عشر سيدات، وتكون في المدن الصغيرة أو القرى التي لا تتوافر بها خدمات. ولكن المعلمات المغتربات اللائي يسكن هذا السكن غالبا ما يواجهن بعض الصعوبات؛ تأتي في مقدمتها نظرة المجتمع المستهجنة خصوصا في القرى والأرياف التي تعتبر محافظة، إلى جانب عدم توافر مواصلات أو حراسة وصعوبة الخروج من المنزل في المساء في حالات المرض أو احتياج شيء معين. وتصف معلمة اللغة الإنجليزية جميلة البلوي التي تعمل في مدرسة في إحدى قرى ينبع البحر تجربتها في العزب النسائية ب «المخيفة»، ومصدر خوفها كونها لم تتعود العيش في مثل هذه الأجواء بعيدا عن أسرتها، إلى جانب شعورها بغربة المكان والناس. تقول «في البداية بكيت وقررت التخلي عن الوظيفة، غير أن حاجتي للعمل دفعتني لقبول التحدي والدخول في عالم المجهول». ومضى على تعيين المعلمة جميلة عامان حتى الآن وما زالت تسكن في العزبة التي تتقاسمها مع زميلات المهنة، وقد اعتادت على ذلك كثيرا. وتتداول معلمات العزب قصصا كثيرة حول محاولات دهم وسرقة. تقول المرواني إنها فوجئت عند وصولها إلى القرية التي تعينت فيها أن هناك عددا كبيرا من العزب النسائية وهو ما قلل من مشاعر الخوف في داخلها، وتؤكد أنه «مع مرور الوقت أصبحنا نعيش أجمل ذكريات في هذه المنازل». وترى الكثير من معلمات أن على وزارة التربية إلحاق مساكن خاصة داخل المدارس النائية يراعى فيها وجود حارس أمن، خصوصا مع عدم وجود مساكن مناسبة لهن ووقوعهن ضحايا لابتزاز أصحاب المساكن والنقليات.